27 شركـة عالميـة تعـرض أحـــدث منتجاتهــا بالجزائــر
علامــات عالميـة تراهـن على السـوق الإفريقية
الأفارقة يشيدون بالتنظيم ويفتحون آفاق التعاون الاقتصادي
المعرض يحقق نجاحا باهرا ويشعل حماس الزوار
شهد اليوم الثاني من معرض التجارة البينية الإفريقية بقصر المعارض “صافكس”، حركية استثنائية وأجواء مميزة، بعدما خصص لافتتاح المعرض الإفريقي للسيارات الذي خطف الأضواء وجذب الأنظار..الحدث أشرف عليه وزير التجارة الخارجية كمال رزيق، ما أضفى عليه طابعا رسميا وزاد من أهميته، خاصة مع الاهتمام الكبير الذي تحظى به صناعة السيارات، وقد شكلت مشاركة أكثر من 27 شركة عالمية، نقطة جذب بارزة أعطت المعرض نكهة خاصة وأثارت حماس الزوار والمتابعين.
المعرض الإفريقي للسيارات، المنظم تحت إشراف البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك) وبالتعاون مع الرابطة الإفريقية لمصنعي السيارات، شكل محطة هامة في مجال الصناعة والتصنيع، وقد سجل حضورا قويا لعدد من الشركات العالمية المعروفة مثل هيونداي، نيسان، فولكسفاغن، بورش، شيري، فيات وإيسوزو، إلى جانب مشاركة رؤساء شركات بارزين أعطوا للحدث طابعا اقتصاديا واستثماريا مميزا.
انطلاقة جديدة للسوق الإفريقية
الإعلان عن سيارة “بوندا” من علامة “فيات”، التي ستدخل مرحلة التوزيع بداية من 2026، أثار اهتماما كبيرا لدى المختصين والزوار، خاصة وأن المواطن الإفريقي يبحث عن سيارات بمستويات مختلفة، من البسيط إلى المتوسط وحتى العالي، وقد تميز المعرض بنجاح واضح، سواء من حيث الإقبال الكبير أو نوعية العروض، ما جعله حدثا بارزا يعكس مستقبل صناعة السيارات في إفريقيا وآفاقها الواعدة.
كما شهد المعرض تفاعلا واسعا بعد عرض مختلف العلامات لموديلاتها الجديدة، حيث عبر كثير من الزوار عن إعجابهم بالتطور التكنولوجي والتصاميم المبتكرة التي جسدت تنافسا قويا بين الشركات العالمية والإفريقية. وأكد الحاضرون أن هذا التنوع في الطرازات والخيارات، يفتح المجال أمام السوق الإفريقية للاستفادة من سيارات أكثر اقتصادية وعملية، إلى جانب سيارات عالية الجودة تناسب مختلف الأذواق والقدرات الشرائية، وقد اعتبرها كثيرون خطوة مهمة لتعزيز مكانة إفريقيا كسوق واعدة، قادرة على جذب الاستثمارات ودعم الشركات المحلية والأجنبية، ما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحريك عجلة التنمية.
ويرى بعض زوار المعرض، أن هذه البداية قد تساعد على بناء صناعة سيارات قوية بالقارة، وتمنح إفريقيا فرصة لتكون أكثر حضورا في الاقتصاد العالمي.وشهد جناح علامة “شيري” إقبالا كبيرا من الزوار، حيث جاء الكثير للتعرف على جديدها، خاصة وأنها حضرت بقوة في المعرض، ويعود ذلك إلى جودة سياراتها وأسعارها المناسبة التي تناسب شريحة واسعة من المواطنين، الذين قدّروا أن مشاركة “شيري” تؤكد رغبتها في تعزيز وجودها بالسوق الإفريقية وتقديم خيارات متنوعة للمستهلك.
قطـع الغيــار حاضـرة بقـوة
شهد المعرض مشاركة واسعة للعديد من الشركات المختصة في صناعة قطع غيار السيارات، حيث عرضت منتجات متنوعة شملت الميكانيك، الكهرباء، ومختلف المكونات المرتبطة بالسلامة وجودة الأداء. وقد شكلت هذه المشاركة فرصة ثمينة أمام العارضين للتعريف بإمكاناتهم الصناعية وتبادل الخبرات مع نظرائهم، إضافة إلى فتح آفاق جديدة للتسويق داخل القارة الإفريقية.في هذا الصدد، قال ممثل شركة “سيرتا أوتوموتيف” المتخصصة في صناعة قطع غيار السيارات، والمتواجدة بالمنطقة الصناعية بابن باديس- قسنطينة، إن نشاطها يرتكز أساسا على إنتاج القطع المرتبطة بالصدمات مثل: التاسو دامورتيسور، السيبور موتور، السوفلي دامورتيسور.وأضاف قائلا: “مشاركتنا في هذا المعرض جاءت للتعريف بمنتجاتنا للأشقاء الأفارقة، وفتح آفاق جديدة للتسويق في القارة مستقبلا، فنحن نطمح لأن تكون صناعتنا جزءا من السوق الإفريقية، خاصة وأن منتجاتنا ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية”.
وما يميز منتجاتنا -يقول محدثنا- أنها جزائرية 100٪ وبنسبة إدماج تقارب 95٪، حيث نستورد المادة الأولية فقط، وهي مصنوعة من مزيج المطاط مع الحديد أو الألمنيوم، إضافة إلى البلاستيك، وتوجه هذه القطع بالدرجة الأولى لقطاع السيارات، مع إمكانية استعمالها أيضا في بعض الصناعات الأخرى.كما شاركت شركات أخرى في هذا المعرض، لتبرز أهمية قطاع قطع الغيار في تعزيز صناعة السيارات، حيث يشكل هذا المجال جزءا لا يتجزأ من أهداف معرض التجارة البينية الإفريقية، الهادف إلى دعم التكامل الصناعي وتشجيع المنتجات المحلية على إيجاد مكان لها في الأسواق القارية.
مشاركة وطنية في دعم التجارة الإفريقيـة
شهد معرض التجارة البينية الإفريقية مشاركة واسعة لمختلف القطاعات الاقتصادية، على غرار الفلاحة بما تحمله من منتجات متنوعة، والسياحة باعتبارها رافعة للتنمية، والطاقة بمختلف مجالاتها التقليدية والمتجددة، إضافة إلى الصناعة الصيدلانية التي عرفت بمنتجات مبتكرة، هذا التنوع جعل من المعرض منصة متكاملة للتعريف بالإمكانات الوطنية والإفريقية وفضاء لعقد شراكات وفتح أسواق جديدة داخل القارة.
في هذا الصدد، شاركت شركة “فرتيال-عنابة”، التابعة لمجمع أسميدال، المتخصصة في إنتاج، تسويق وتطوير الأمونياك والأسمدة الأولية والفوسفاتية والأزوتية ومصنع الأسمدة الأزوتية في معرض التجارة البينية وذلك للتعريف بالمنتجات الوطنية.وقال مسؤول مصلحة الإنتاج بالمجمع، طارق مختاري، إن الشركة تعمل على تطوير إنتاج وطني عالي الجودة يساهم في تلبية حاجيات السوق المحلية، خاصة وأن منتجات الشركة تقوم على أسس صناعية دقيقة ومعايير صارمة تضمن الثقة والمتانة، وهو ما جعلها اليوم من بين العلامات البارزة في قطاع الأسمدة والمواد المرتبطة بالإنتاج الزراعي.
وأضاف المتحدث قائلا: “مشاركتنا في هذا المعرض تمثل فرصة مهمة لعرض هذه المنتجات الوطنية أمام جمهور واسع من المتخصصين والزوار، والتعريف بما تملكه الجزائر من قدرات صناعية متقدمة، فنحن لا نعرض منتجا فقط، بل نبرز أيضا قيمة الكفاءات التي تقف خلفه، والتجربة الطويلة التي نملكها في مجال التصنيع”.وتسعى الشركة إلى تعزيز الحضور الجزائري في الأسواق الإفريقية، حيث تمثل القارة فضاء واعدا للتعاون والشراكة، هدفها المساهمة في بناء شبكة تبادل تجاري إفريقي قوي يقوم على الإنتاج المحلي، ويعزز مكانة الجزائر كفاعل اقتصادي قادر على دعم الأمن الغذائي والتنمية المستدامة عبر القارة.
نحـو التوسـع فـي إفريقيــا
بدوره، أكد المدير العام لشركة “فطرون الجزائر”، المنتمية إلى المجمع الصناعي الجزائري والمتخصصة في صناعة أجهزة الإعلام الآلي، طالبي سعيد، أن المشاركة في الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية تحمل أهمية كبيرة، كونها تسمح بالتعريف بمنتوجات الشركة وفتح آفاق للتصدير نحو البلدان الإفريقية، خاصة دول الساحل والمجاورة مثل تونس وموريتانيا، بحكم القرب الجغرافي وسهولة التصدير إليها.
وأشار إلى أن هذه الطبعة عرفت إقبالا واسعا، حيث سجل حضور أكثر من ألفي مشارك، مع توقع استقبال حوالي 35 ألف زائر لاكتشاف المنتوجات الجزائرية. وقد شهد جناح الشركة منذ اليوم الأول توافد عدد معتبر من الزوار الراغبين في التعرف على خصائص الأجهزة المعروضة.
وصرح قائلا: “هذه التظاهرات تمنح الشركات الجزائرية فرصة مميزة لعرض منتجاتها والانفتاح على السوق الإفريقية، باعتبارها سوقا واعدة قادرة على جلب العملة الصعبة ودفع عجلة تطوير الصناعة الوطنية”.
وأضاف، أن الشركة تهدف من خلال مشاركتها في المعرض، إلى توسيع حضورها في السوق الإفريقية، وذلك عبر البحث عن شركاء محليين وتطوير قنوات للتوزيع والتسويق. وأكد أن القارة الإفريقية تمثل فرصة كبيرة للنمو، حيث لا يقتصر الهدف على التعريف بالمنتجات فقط، بل أيضا على عقد اتفاقيات فعلية للتصدير وتبادل الخبرات مع الشركات الإفريقية.
تعزيــز التصديــر
من جهتها، تعتبر شركة رايانوكس، المتخصصة في مجال المغازات الصناعية والتربية والغذائية، شركة جزائرية تقدم منتجات محلية ذات جودة عالمية وفق المعايير الدولية.في هذا الإطار، أكد داود بازملان، المسؤول التجاري الصناعي بالشركة، أن رايانوكس تسعى دائما لتطوير منتجاتها بما يخدم الاقتصاد الوطني. وجاءت مشاركتها في المعرض، للتعريف بمنتجاتها التي تساهم في مختلف القطاعات الاقتصادية، ودعم احتياجات السوق المحلي، بالإضافة إلى الترويج لمنتجاتها ضمن خططها المستقبلية للتصدير.
وتتوقع الشركة توقيع اتفاقيات تعاون مع متعاملين اقتصاديين، سواء على المستوى الإفريقي أو مع دول الجوار، لتعزيز مكانة المنتوج الجزائري في الأسواق الخارجية. وقد نجحت رايانوكس بالفعل في تصدير مادة “بورتوكس الدازوت”، وهي مادة طبيعية تستخدم في التبريد والتخدير، بعد أن كانت الجزائر تستوردها في سنة 2022.أصبحت الشركة اليوم قادرة على تلبية حاجيات السوق المحلي بكفاءة، مع تصدير الفائض بأسعار تنافسية، بفضل خبرتها العالية وحرصها الدائم على الجودة. هذا الأداء يجعلها دعامة قوية للصناعة الوطنية وواجهة حقيقية للتصدير، خصوصا نحو الأسواق الإفريقية، حيث تلعب دورا محوريا في تعزيز التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين الجزائر والدول الإفريقية، بما يفتح آفاقا جديدة.
ترقيــة التعــاون الاقتصــادي الإفريقـي
من جهتهم، أعجب المشاركون من مختلف الدول الإفريقية ببلدهم الثاني الجزائر، وعبروا عن إشادتهم بالتنظيم الجيد للفعالية، حيث أتاح المعرض فرصة ثمينة للتعارف بين الشركات الناشئة في شتى المجالات، وقد شكل هذا اللقاء منصة لتبادل الأفكار ومناقشة سبل التعاون بين المتعاملين الاقتصاديين، ما يعكس أهمية مثل هذه الفعاليات في دعم ريادة الأعمال وتشجيع المشاريع الناشئة داخل القارة.
ويهدف المعرض إلى تعزيز فرص الشراكة الاقتصادية بين الدول الإفريقية، من خلال توفير بيئة مناسبة للتواصل وتطوير الأعمال، كما يدعم المعرض منطقة التجارة الحرة القارية، التي تمثل إطارا موحدا لتطوير المبادلات التجارية والاستثمارية بين الدول الإفريقية، ويساهم ذلك في تقوية الروابط الاقتصادية، وتحفيز الاستثمارات المشتركة، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين مختلف القطاعات الاقتصادية.وتعد التظاهرة فرصة للشركات الجزائرية لتعزيز حضورها داخل السوق الإفريقية، خصوصا في ظل التوجه نحو فتح أسواق جديدة وإبرام اتفاقيات تجارية مع دول الجوار والقارة الإفريقية بشكل أوسع. وتؤكد هذه المشاركة قدرة الجزائر على تقديم منتجات ذات جودة، مما يعزز تنافسيتها ويتيح لها موقعا مميزا في العلاقات التجارية الإفريقية.ويُتوقع أن تسفر فعاليات المعرض عن إبرام صفقات تجارية تتجاوز 44 مليار دولار، ما يفتح آفاقا واعدة أمام الجزائر وبقية الدول الإفريقية على حد سواء. ويعكس هذا الرقم حجم الإمكانات الكبيرة المتاحة لتعزيز التكامل الاقتصادي داخل القارة، وتشجيع الاستثمار المشترك في مختلف القطاعات.وفي المجمل، يمثل المعرض فرصة حقيقية لتوطيد التعاون الاقتصادي بين الدول الإفريقية، ودعم التنمية المستدامة وخلق مناخ مناسب للأعمال والمبادرات المشتركة.
بهذا، نستطيع القول، إن معرض التجارة البينية الإفريقية في يومه الثاني قد نجح في إظهار حيوية الاقتصاد الإفريقي وإمكاناته الكبيرة، من خلال عروض السيارات الحديثة وقطع الغيار المتنوعة ومشاركة الشركات الوطنية والدولية، وقد شكل المعرض فرصة للزوار للتعرف على المنتجات المحلية والإفريقية وللمؤسسات لتوسيع شراكاتها وفتح أسواق جديدة، مما يعكس حجم الطموح نحو زيادة الاستثمار داخل القارة.ومع هذا النجاح، يبدو المستقبل مشرقا أمام إفريقيا، التي تمتلك القدرة على تعزيز التعاون الاقتصادي بين دولها، ودعم المشاريع المحلية، وتقديم منتجات تنافسية عالميا.إن مثل هذه الفعاليات تفتح آفاقا واسعة للنمو والتطور، وتمنح الأمل لكل الشركات والمواطنين في بناء قارة أكثر قوة واستدامة اقتصاديا.