الطبعـة الرابعـة للمعــرض نقطـة تحول اقتصـــادي فـــي القــارّة السّمـراء
يؤكّد رئيس المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات “أفروبوليسي”، الدكتور صالح محمد عمر، أنّ المعرض التجاري البيني الإفريقي 2025 في الجزائر، بحشده 48.3 مليار دولار أمريكي من التجارة والاستثمار، واستضافته لوفود كبيرة ومتنوعة، ودعمه للتنمية الشاملة، يُعدّ أكثر من مجرّد معرض، بل هو نقطة تحوّل اقتصادي هام في قارة إفريقيا.
أوضح الدكتور صالح محمد عمر، في تصريح خصّ به “الشّعب”، أنّ نجاح المعرض التجاري البيني الإفريقي المنعقد في الجزائر العاصمة من 4 إلى 10 سبتمبر 2025، جاء في لحظة محورية تتطلّب على القارّة اغتنام الفرصة لتحقيق تكامل أوثق، واستثمار استراتيجي، وتسخير كل المواهب الجماعية لخدمة صالح شعوب المنطقة.
أفاد صالح أنّ الدورة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية (IATF 2025)، برزت كدليل قاطع على التماسك الاقتصادي المتنامي في إفريقيا، خاصة مع استقطابه أكثر من 100.000 زائر بين حضوري وافتراضي، وأكثر من 2000 عارض من 48 دولة أفريقية، وهو ما رسّخ مكانته كأكبر منصة تجارية قارية، وأكثرها شمولاً واستقطابًا منذ انطلاقه عام 2018.
ومع تسجيل المعرض اتفاقيات تجارية واستثمارية بـ 48.3 مليار دولار أمريكي، تتجاوز الطبعة الرابعة بشكل ملحوظ الأرقام السابقة، من 32 مليار دولار أمريكي في عام 2018، و42 مليار دولار أمريكي في عام 2021، إلى 43 مليار دولار أمريكي في عام 2023، حيث يُمثل هذا المُعطى تقدمًا ملحوظًا في التجارة البينية الإفريقية، بحسب قوله.
تحولات ديناميكية التجـــارة
اعتبر الدكتور صالح محمد عمر، ارتفاع حجم التجارة البينية الإفريقية إلى 220.3 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة ملحوظة قدرها 12.4% عن العام السابق، خطوة في الإتجاه الصحيح.
بينما لا تزال تُمثل الأرقام حوالي 15% من إجمالي التجارة البينية الإفريقية، مثلما أضاف صالح، تشهد السوق الداخلية تنوعًا ملحوظًا، حيث تُشكّل السلع المصنّعة الآن 45% من التبادلات البينية الإفريقية، مقارنةً بنسبة 20% فقط في التجارة الخارجية، ما يُؤكّد التحول على مستوى القارّة من السلع الخام إلى التصنيع المحلي وإضافة القيمة.
زخـم السياسات والتكامـل الهيكلـي
أبرز رئيس المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، أنّ هناك أصوات إفريقية بارزة حثّت على تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول إفريقيا، مثل الرئيس تبون، والرئيس النيجيري السابق أوباسانجو، والأمين العام لاتفاقية التجارة الحرّة القارية الإفريقية، وامكيلي ميني، مع تأكيدهم على ضرورة تعميق الروابط التجارية والاستثمارات الهيكلية.
كما سلّط القادة الأفارقة الضوء على الأولويات الإستراتيجية، من خلال العمل على سدّ فجوات البنية التحتية، وتسريع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرّة القارية الإفريقية، وتعزيز المرونة الاقتصادية في سياق عالمي متقلّب.
البرمجـة المبتكــرة مـن أجـل نمــو شامـل
أشار الدكتور صالح، إلى أنّ معرض IATF 2025 في الجزائر، سلّط الضوء على القطاعات المزدهرة في إفريقيا على غرار التجارة الرّقمية، والتصنيع الزراعي، والصناعات الخضراء، والاقتصادات الإبداعية، وذلك تحت شعار “تعزيز التجارة البينية الإفريقية من أجل مستقبل مستدام: الابتكار، والقيمة المضافة، والتصنيع الأخضر”.
ركّزت منصات أخرى مثل CANEX رابطة إفريقيا الإبداعية، وبرامج الشباب والنساء في التجارة، ومعرض السيارات، قرية الاتحاد الإفريقي ويوم الشتات، النشاط على النمو الشامل، والتكامل الثقافي، والتضامن عبر الحدود، وفقًا للمتحدث.
وبالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسّطة والمبدعين، يُعد معرض IATF 2025 أكثر من مجرّد معرض تجاري، وإنما كان منصة انطلاق لدخول الأسواق، مكّنتهم من عرض الابتكارات، وجذب المشترين، وتوسيع نطاق العمليات خارج الحدود، وهو ما أكّدته، نائب الرئيس التنفيذي لبنك “أفريكسيم بنك”، السيدة كانايو أواني، على دور المعرض في تعزيز التنافسية الصناعية، وخلق فرص العمل عبر فتح آفاق أرحب للوصول إلى الأسواق القارية.
نحـو تحقيــق طمـوح إفريقيـا الجماعــي
يرى الدكتور صالح، أنّ معرض التجارة الإفريقي البيني في الجزائر، جسّد طموح إفريقيا الجماعي في إنشاء منطقة التجارة الحرّة القارية، منوهًا أنّ “إياتياف 2025” حوّل منطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية من مجرّد سياسة إلى تجارة فعلية على أرض الواقع، حيث تُوقّع وتُبرم الاتفاقيات، وتتواصل الشركات، وتتألق الابتكارات، وتتسارع وتيرة نمو الاقتصادات.
أضاف المصدر ذاته، أنّ تشجيع نقل البضائع المتداولة جنبًا إلى جنب مع المنتجات الإفريقية المصنّعة، يرسّخ الاعتماد على الذات ويُذيب الاعتماد التاريخي على صادرات السلع غير المُصنّعة، بالتوازي مع تمتّع رواد الأعمال من الشباب والنساء اليوم، بإمكانية الوصول إلى الإرشاد ورأس المال والأسواق، الذين أصبحوا فاعلين اقتصاديّين ومبتكرين في شتى المجالات.
إلى ذلك، عزّز معرض التجارة البيني الإفريقي 2025، الجسور بين الاقتصادات الإفريقية، ومهّد لتوسيع البنى التحتية من الطرق والطاقة والرّقمنة، والمؤسّسية مثل الشبكات والتمويل والسياسات، ممّا جعل القارّة أكثر ترابطًا ومرونة، يذكر رئيس المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، الدكتور صالح محمد عمر.