الشّاعر والنّاشط الجمعوي صالح كحول لـ «الشعب»:

بعض النّاشرين وراء هجرة الكتّاب.. وتجاهُل القارئ مستمر

حاوره: أسامة إفراح

يرى الإعلامي والشاعر والناشط الجمعوي صالح كحول أن ما وصفه بـ «واقع النشر الضبابي والفوضوي» يقف وراء هجرة الكتّاب شرقا وغربا. ويشير كحول إلى عدد من النقائص التي تشوب القطاع، الذي يبقى ينشط بشكل موسمي، على غرار افتقار دور النشر لمكتبات خاصة بها، وافتقار المكتبات إلى سياسة إشهار وتوزيع، وتغييب القارئ من خارطة الحلول الممكنة. بالمقابل، فإن للنشر الخارجي عيوبه، ولا يخلو، مثله مثل النشر المحلي، من محاولات الاحتيال التي يقول كحول إن أغلب الكتّاب وقعوا فيها خصوصا في بداياتهم.

الشعب: ما هي أهم الأسباب الذاتية والموضوعية التي تدفع الكاتب الجزائري إلى النشر في الخارج؟
 صالح كحول: إنّ النشر الورقي في الجزائر لم يكن يوما منتظما ومحترفا، فتكاد تلفُّه الضبابية والفوضى من كل جهة، ورغم تكاثر دور النشر الجزائرية خاصة في الأعوام الأخيرة، لكن هذا لم يغير شيئا ولم تنعكس نتائج كمِّه على واقعه بالإيجاب، بل كانت بعض دور النشر سببا في هجرة الكُتّاب شرقا وغربا.
ولحصر الأسباب وجب علينا توضيح مسار الكِتاب، انطلاقا من الكاتب وصولا إلى القارئ، وتكون هنا دار النشر أهم محطة في هذا المسار، وتليها المكتبات العامة والخاصة، لهذا نجد غالبا أنّ دور النشر تفتقر لمكتبات خاصة بها لبيع وتسويق كتبها، وإن وجدت فلن تكون لها كحال الدار سياسة إشهار وتوزيع واضحة، فتصير مع مرور الوقت بلا إضافة ومجرد مكان لبيع الكتب فقط.
وليس هذا وحده دافع الكاتب الجزائري للنشر خارجا، بل هناك من يتبع أضواء الشهرة والإعلام ولو لفترة قصيرة، وهذا ما يوفره للكاتب أحيانا نشر كتابه خارج الجزائر، كما يتيح له المشاركة من خلال دار النشر في معارض دولية وإقليمية.
 إلى أي مدى يؤثّر ذلك على سوق النشر في الجزائر؟
  مسألة تأثير الأمر على سوق النشر في الجزائر واقع لا نقاش فيه، وخاصة أن النشر في الجزائر موسميّ، يعتمد القائمون عليه على ما يوفّره المعرض الدولي للكِتاب من إقبال، لتسويق ما نشروه ولو باستدراج القارئ بطرق بدائية لا تخلو من الغش والخداع، ونجد هنا أن ناشري الكِتاب الأدبي أكثرهم تلاعبا وضحايا كل عام، لكن الأمر لا ينجح كل عام، فالإحصائيات تؤكد أن سوق النّشر الورقي في الجزائر بات قاب قوسين من إفلاسه، ما لم يُتدارك الأمر بخطط أكثر نجاعة وتنظيم واحترافية، علّها تعيد له بعض ما أضاعته سنين الفوضى والارتجال.
 ما هي الضمانات التي يستفيد منها الكاتب الجزائري حينما ينشر لدى دار أجنبية؟ بعبارة أخرى هل يكون من السهل عليه ضمان حقوقه كاملة والتأكد من ذلك؟
  نظريًا، فالحقوق المترتبة عن نشر الكاتب مؤلفه في أي دار كانت، تكاد تكون مماثلة سواء أكان في الجزائر أو الخارج، مالية أو معنوية، لكن يقع الكاتب في فخ الاحتيال، حين يستغلّ الناشر جهل الكاتب بحقوقه، فيغريه عادةً بضمان التوزيع وحفل إشهار ومشاركة كتابه في معارض دولية، وغيرها من الوعود التي يراها الكاتب سقف أحلامه، لكن تتراجع غالبا دور النشر عن توفير هذا، وتكتفي ببعض ما اتُّفق عليه، وتكون مستحقاته المالية أهم خسارة يتعرض لها أي كاتب، للعلم فإنّ معظم الكتاب الجزائريين ينشرون مؤلفاتهم على نفقتهم الخاصة، لكن خجلا وشعورا بالنقص، يخفون الأمر عن الجميع ولا يصرحون به.
هل يمكنك الاستشهاد بتجربة نشر كهذه، ناجحة أو فاشلة، حدثت لك شخصيا أو لكاتب في محيطك القريب؟
 إنّ حديثنا عن دور النشر العربية لا يعني فشل التجربة الجزائرية إجمالا، بل الواقع يشهد لبعض دور النشر تميزها وتفوقها في هذا المجال، لكن وجب التركيز على الجانب السلبي اتقاء تكرار الخيبة، خاصة بالنسبة للكتاب الشباب ممن يقعون عادة ضحايا هذه الدور ومخططاتها، وتستغل في هذا رغبتهم وحلمهم في دخول عالم النشر والشهرة مبكرا، ولو استثنينا القلة فأغلب الكتّاب وقع في هذا الفخ في بداية مشواره، وقد يتكرر معه الأمر عدة مرات، وكل عام تقريبا يزيد عدد الضحايا، ويهجر بعضهم عالم الكتابة كليا بسببهم، وعن نفسي فقد كنت ضحية دار نشر جزائرية، أخلّت بكل ما تم الاتفاق عليه قبل نشر ديوان شعري، وأذاقتني مرّ خسارة الأموال وتكديس الديوان وعدم توزيعه للأسف.
 هل ما يزال ممكنا في عصر العولمة أن نتحدّث عن سوق نشر داخلية وأخرى خارجية؟
رغم ما وصلنا إليه من تطور تكنولوجي، وتلاشي الحدود بين الجميع، وكيف صرنا نحيا في قرية صغيرة، غير أن حقيقة ما نراه لا تعبر عن أي تقدم ملموس، وبقي النشر الورقي خاضعا لمعيار المكان والزمان، وتأثيرهما على القارئ، فالأخير هنا وحده من بوسعه ربط الجميع ببعض، وتتبعه مرغمة دور النشر والمكتبات تلبية لطلباته، لكن تصرُّ دور النشر عندنا على تجاهله عمدا أو لقلة معرفة، لتبقى القضية تتقاذفها الدار والكاتب من غير إشراك القارئ في إيجاد الحل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024