الدّكتور عبد الرحمن الزاوي في حوار مع «الشعب»:

النّخبة المثقّفة تأخّرت كثيرا في مسايرة الحراك.. وعليها تسجيل اللّحظة إبداعيا

وهران: براهمية مسعودة

تفعيل المادتين 07 و  هو08  جزء يسير من الحل

أكّد الدكتور عبد الرحمان الزاوي، أستاذ نظريات الترجمة ومناهجها وتقنياتها بجامعة وهران1 «أحمد بن بلة»، أنّ «النخبة المثقفة على اختلاف أطيافها وانتماءاتها، تأخّرت كثيرا عن موعدها في مسايرة الحراك الجزائري، فضيّعت بذلك الفرصة التاريخية التي منحها لها المجتمع نحو تحقيق مستويات أعلى في الأداء والتميز والريادة في تسجيل هذه اللحظة، إبداعيا وتدوينا».
قال الزاوي إنّ «الجزائر تحرّكت من أقصاها إلى أقصاها لتقول لا للنظام القائم منذ عشرين سنة تحت سطوة عشيرة بوتفليقة، وذلك على خلفية ضغوطات اجتماعية، تولّدت عنها إرهاصات سياسية، وهي الإرهاصات التي تخيف الأنظمة الشمولية»، داعيا الجميع، وعلى رأسهم النخبة المثقفة إلى  ضمان انتقال ديمقراطي سلس من أجل مجتمع حر ومتعدد، يجمع بين أعراق عديدة تتعايش منذ الزمن الغابر...». التفاصيل في هذا الحوار الذي أجرته معه «الشعب».

 الشعب: في البدء حبّذا لو نعرج قليلا على بدايات الحراك، وإن كانت قيادة التغيير حكرا على المجال السياسي ؟
 الدكتور عبد الرحمان الزاوي: كوني على اتصال مباشر مع الشباب الصانع للحدث، لم أتفاجأ كثيرا بهذا الحراك والوعي السياسي الذي أبهر العالم بأسره بعد الجمعة التاسعة من التظاهر، وبصفتي أستاذا جامعيا ومثقّفا منفتحا على المجتمع الجزائري ومتابعا للتطورات التي عرفها الشارع في ظلال الأزمة التي نعيشها اليوم، جراء انسداد الأفق السياسي وتعنّت النظام خوفا من المحاكمات، أعتقد أنه يجب علينا أن نتحلى بالصبر وطول النفس، فالفساد الذي استشرى في الجزائر طيلة سبعة وخمسين سنة، واستفحل منذ عشرين سنة الأخيرة لا يمكن أن  نقضي عليه في شهرين من التظاهر...
وقد آن الأوان للتفكير في تأسيس أرضية سياسية صلبة على أساس الحراك، بدءا من فتح ورشات للتفاهم والحوار، شريطة أن لا يلتف حولها المنافقون الذي لعقوا من ماعون السلطة، وأنا أعني ما يسمى بالتنظيمات السياسية، فهي في الأصل حزب واحد موالي للسلطة، ولا فرق عندي بين حزبي «الأفلان» و»الأرندي» و»»العمال» والاتحاد العام للعمال الجزائريين واتحاد الفلاحين وحتى اتحاد الكتاب وآخرين انخرطوا في  تشكيلات وتكتلات تابعة ومأمورة من السلطة الفاسدة التي دجنت الجميع، حتى أصبح المجتمع تابعا في ظاهره، لكنه كان يخفي الثورة في داخله...
بصفتك أستاذا جامعيا ومثقّفا، ما هي الحلول المستعجلة؟
 أعتقد أن مطلب الشعب واضح وضوح الشمس، يجب أن نتخلص من اللذين أفسدوا ونهبوا خيرات البلاد، ومحاكمتهم محاكمة عادلة بعد استقرار الوضع ووضع اللبنات الأولى لبناء الجزائر الجديدة، تحت حكم شباني راشد، مع الاستفادة من خبرات فئة الشيوخ وتجاربهم المتعددة في كافة المجالات. وحسب رأيي المتواضع، علينا أولا أن نواصل الحراك القطاعي يوميا، وأن نلتقي في مسيراتنا الأسبوعية يوم الجمعة بالوتيرة نفسها، مع بعض الضبط، لأن الدخلاء والعملاء المبثوثين كثر، أمّا ثانيا فيجب على المثقف أن يسجل اللحظة إبداعيا وتدوينا وتاريخيا، وثالثا علينا أن نعدّد الأسماء المتداولة من قبل الحراك، دون إقصاء، وأن نفوّضهم - مهما كان عددهم - للاجتماع باسم الحراك وانتخاب أو تعيين ممثلين من سبعة أعضاء لتسيير المرحلة الانتقالية بإعلان دستوري استثنائي مرحلي،  وإعلان مجلس دستوري لكتابة دستور جديد للجزائر الجديدة، وعلى أساسه تقام الانتخابات المحلية والرئاسية، تطبيقا لسلطة الشعب التي لا تعلوها أية سلطة أخرى.
 ما مدى تأثير الحراك على المثقّف، وماذا أضاف لمعركة التّغيير الحتمية؟
 في هذا الجوّ المفعم بالحوادث السياسية المتنوعة والمتعدّدة، لمست ثلاثة أقطاب تتصارع على من يتولى أمور هذا البلد: قطب الشعب (الحراك) وهو القطب الأساس، وقطب السلطة (الزائلة) وقطب الجيش الوطني الشعبي، ولأنّ السؤال يخص مدى تأثير الحراك على المثقف وماذا أضاف لمعركة التغيير الحتمية التي يخوضها الشعب الجزائري؟ فقد تراكضت إلى ذهني المراحل التي عرفها الحراك منذ بدايته الفعلية في 22 فبراير 2019 إلى غاية توضح المسار والمطالب، وعلى رأسها ذهاب العصابة، كما اتضحت معالم خارطة الطريق أكثر عند الشعب الجزائري بعد نزول الملايين في استفتاء مباشر لا مثيل له في التاريخ القديم والحديث، سيجعل الجميع مجبرين على تنفيذه دون نقاش...
وأما بالنسبة للنخبة المثقفة في الوضع الراهن، فأعتقد أنّها تأخرت كثيرا عن الحراك، وكسّرت بذلك إحدى النظريات الاجتماعية والمتمثلة في الطليعة، والتي تتشكل غالبا من المثقفين وتقود الحراك وتتفهم مطالبه وتصوغها في شكل قوانين اجتماعية.
ما  تقييمك للإجراءات الدستورية باعتبارها مدخل الانفراج حسب رأي الكثير من المحلّلين؟  
 إن تفعيل المادتين 07 و08 هو جزء يسير من الحل، وهنا أكرّر أنه يجب أن لا نيأس ولا نتعجّل ولا نستبق الأحداث أو نضعف إلى أن تستقر الأوضاع بتنصيب مجلس تأسيسي يعين حكومة تقنوقراطية لتصريف الأعمال، وإقامة انتخابات رئاسية على أساس دستور يصنعه الخبراء القانونيون المكونون للمجلس التأسيسي.
ولأن الجيش الوطني الشعبي هو سليل جيش التحرير، ونظرا إلى الشعار المرفوع من طرف الشعب في مسيراته (الجيش والشعب خاوة خاوة)، فإنّني شخصيا أبارك الخطوة مبدئيا للتخلص من هذه الزمرة التي عاثت في الأرض فسادا منذ أكثر من عشرين سنة، وقناعتي الراسخة بأن لا أحد يستطيع أن يتآمر على الشعب...
لذلك أعتقد أنه يجب أن تسقط القوانين جميعها أمام سلطة الشعب، وعندما يصبح الحراك بملايين المواطنين في الشارع وبصوت واحد ينادون برحيل الكل، هنا نستشف أن الشعب يبحث عن جزائر جديدة بحكام جدد  وقوانين جديدة مستمدة من شرعية الشارع، شرعية الشباب.
 ماذا تقول في الختام؟
 أتمنى الخير لبلدنا الحبيبة وشعبها الأبي، ويتعيّـن علينا أن نتجنّد جميعا لصناعة جزائر مدنية ديمقراطية شعبية، وأن نهتم بالجيل الصاعد من خلال التفكير في إعادة النظر في البرامج التعليمية كلها وأن نفصل بين ما هو دين وما هو علم، وعلى فئة الشباب بشكل خاص أن تأخذ بزمام الأمور وأن لا تنتظر أكذوبة المشعل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024