رئيس فرقة الأمل، زوبير منصوري في حوار مع “الشعب”

أعيش بوجود البراءة وأتنفّس نشاطهم

حاورته: آمال مرابطي

تعاني الساحة الثقافية بولاية قالمة نقصا كبيرا  في مجال أغاني الأطفال، وبالأحرى النشاطات الموجهة للبراءة مهمشة عبر مختلف البلديات، كما أنّ واقع الأغنية الموجّهة للطفل تفتقد للمعايير التقليدية في المجتمع لتعدّد القنوات الفضائية وانتشار الوسائل والألعاب التكنولوجية.
وللحديث أكثر عن الموضوع كان لـ “الشعب” حوار مع السيد زوبير منصوري رئيس فرقة الأمل ببلدية عين رقادة بذات الولاية.
❊ الشعب: حدّثونا عن شخصكم الكريم وبداية تأسيس فرقتكم؟
❊❊ زوبير منصوري: أنا من مواليد 1963، وفي سنة 2011 قمت بتأسيس فرقة غنائية للأطفال المسماة فرقة الأمل، وهي متنوّعة وجلّها فتيات لا يتعدى سنهن 15 سنة.
أتت هذه الفرقة من أجل ملء الفراغ المضروب على بلدية عين رقادة بقالمة، كما كانت فرصة للكشف عن المواهب الموجودة، والذين خلقوا لكي يكونوا فنانين ومنشدين ومغنيين، فقط اعتنيت بهم وأعطيتهم مكانة خاصة مثل أبنائي وكان لي ما أردت وأعيش بوجودهم وأتنفس بنشاطهم، وأعيش لطموحاتهم المتزايدة يوما بعد يوما، أحاول تأطير أفكارهم وأعبّد لهم الطريق التي يريدونها.
❊ وماذا عن الأغنية الموجّهة للبراعم؟
❊❊ تلعب الأغنية دورًا مهمًا في استثارة فضول الطفل ورغبته في دراسة موضوع ما، فقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن الغناء كوسيلة يعزّز تعلم الأطفال في مرحلة صغره، كما تعتبر مرحلة الطفولة المبكرة الفترة التكوينية الحاسمة من حياة الإنسان، ذلك لأنّه يتم فيها وضع البذور الأولى للشخصية، والتي يكون فيها الطفل فكرة واضحة وسليمة عن نفسه.
 والواقع أنّ لفترة ما قبل المدرسة أهمية خاصة، إذ تشكّل من خلالها المفاهيم الأساسية للطفل التي يستطيع تطويرها أكثر وأكثر في المستقبل، كما تساهم في تطوير النمو اللغوي تطورًا سريعًا في هذه المرحلة، ولما كانت اللغة من ضروريات الاتصال، ومن أساسيات التفكير، فمن الضروري استغلال هذه الفرصة؛ ليتمكّن الطفل من اكتساب قدر كبير من الكلمات والتعابير والمفاهيم التي تغنّي مخزونه.
 وتكون فترة التركيز للطفل ما قبل المدرسة قصيرة، ولذا يجب العمل على استثارته وتشويقه باستخدام مثيرات ونشاطات تشد انتباهه، وتجذبه للمتابعة وتساعده على التركيز. وفي هذه المرحلة يكون النمو العقلي في منتهى السرعة خلال سنوات تمتد حتى آخر سنوات ما قبل المدرسة.
أكّدت الدراسات أنّ نسبة كبيرة من النمو العقلي للطفل تتم حتى العام الرابع من العمر، وهي الفترة الحرجة التي يتم فيها شحذ حواس الطفل التي تعتبر أبواب ومداخل المعرفة، والفترة المثلى لتعلم واكتساب المهارات المختلفة، الحسية والاجتماعية والمعرفية.
وقد عرفت سنوات ما قبل المدرسة “بعمر اللعب”، حيث يمضي الأطفال وقتهم في اللعب وعرفت بعمر “ما قبل الجماعة”، أي الفترة التي يبدأ بها الطفل اكتساب أساليب التفاعل والتعامل والاحتكاك الاجتماعي، وعرفت “بعمر الاستكشاف”، فيتعرف على طبيعة بيئته، وتنظيمها ودوره فيها، ومكانه بين أفرادها.
❊ نفهم من قولكم أنّ الأغنية ضرورية لصقل مواهب الطفل؟
❊❊ نرى أنفسنا أمام مهمة تساعد على تحقيق نمو متكامل سليم جسديًا، نفسيًا، اجتماعيًا، انفعاليًا، حركيًا وحسيًا، ويجب على البرامج الموجهة للأطفال ما قبل المدرسة أن تحقّق تكامل هذا النمو بإعداد برنامج متكامل وإغناء اليوم التربوي بنشاطات عدة، ولا تقل أهمية عن موضوعات كاللغة والحساب والأناشيد وغيرها من الوسائل الترفيهية، فالأغنية تلعب دورًا مهمًا في استثارة فضول الطفل، ورغبته في دراسة موضوع ما .
❊ كيف تجدون الأغنية الموجّهة للطفل في وقتنا الحالي؟
❊❊ صراحة الأغنية الحالية خرجت عن مسارها الحقيقي، وباتت تجارية أكثر منها تربوية بدليل ما نراه يوميا من تزايد الفضائيات.
في السابق كانت الأغنية الموجهة للأطفال تحفزهم على الانتباه والمشاركة الوجدانية، التي تأتي من خلال مضمون يناسب الطفل وألحان جذابة، وعندما يكون صوت الطفل مدربا فإنّه يستطيع آداء أغنية بمرونة فيصبح الآداء أكثر تعبيرا، لكن الطفل لا يقبل على ممارسة التدريبات الصوتية التقليدية بالرغم من أهميتها البالغة في الحصول على صوت غنائي مرن، ومنطقة صوتية أكثر اتساعا للتمكن من آداء اللأغنية بأسلوب سليم، لذلك يستخدم الباحث الأغنية كوسيلة يستنبط منها تدريبات صوتية تفيد صوت الطفل تكتيكيا وتعبيريا، كما تخدم إتقان غناء الحروف المتحركة والساكنة.
❊ وظيفة الأغاني والأناشيد في حياة الأطفال تعرف بأنها وسيلة للإقناع والترفيه وجلب السرور، ووسيلة للتعبير عن انفعالات الطفل، هل تجدون بأنّ وسائل الإعلام والتكنولوجيا غيّرت من اهتمامات هذه الشريحة؟
❊❊ بالفعل وظيفة الأغاني والأناشيد في حياة الأطفال تغيّرت بعد ما كانت للأغاني والأناشيد أهمية كبرى للكبار والصغار، ولكنها أكثر أهمية للصغار بما فيها من موسيقي وإيقاع وصور تخاطب الوجدان، وتثير في النفس الفن والجمال.
ويمكن أن تكون الأغنية والنشيد عاملان مهمان في تكوين الطفل اجتماعيا إذا ما تم اختيارهما بعناية من جانب المعلمة، وتم إلقاءهما بطريقة تربوية سليمة، ويمكن للنشيد والأغنية أن يلقيا الضوء على الأحداث اليومية العادية، ويعمّقانها ويتناولانها بطريقة جديد، ذلك لأنهما لا يعكسان الحياة فحسب، ولكنهما فوق ذلك يظهرانها في أبعاد جديدة، ولأنهما لا يقتصران على الموسيقي والعاطفة فقط بل يتنقلان منها إلى القيام بالعديد من الوظائف في حياة الطفل.
الأغنية تمتع وتسعد وتثير وجدان الطفل، وتساعده على تكوين اتجاهات سوية تساعده على النمو السليم والمتكامل، أما الآن فكل شيء تغير والمفاهيم تغيرت، ومثل ما تكلمت توجد عوامل كبيرة في تدني الأغاني والأناشيد منها التغيرات العالمية والوسائل العلمية المتطورة، إلى جانب سياسة الربح السريع عن طريق فنانين ومنتجين همهم جمع المال حتى على حساب الأبرياء، بدليل أغنية نانسي عجرم “شخبط شخبيط” والتي يغنيها كل الأطفال.
المسؤولية تقع على الجميع، للأسف تستثمر رؤوس الأموال في استغلال أغاني الأطفال بما يحقق العديد من الأهداف التي تساهم في تربية وتعليم النشء والحفاظ على تراثه اللغوي والموسيقي، إلا أن هذا لا يعني أن تغيب مفردات العصر الخاصة بهذا الجيل في أغنياته. ويبقى التساؤل الذي يطرح نفسه إذا كانت أغنية الطفل بصوت أمه التي غابت وتركته للخادمة أو للحضانة وإذا كانت قد غابت الأغنية في الإذاعة التي تراجع دورها، وإذا كان التلفزيون الذي أصبح الجليس الالكتروني للأطفال يعرض للطفل ليل نهار مواد الكبار بدون مراعاة لنموه اللغوي والعاطفي والعقلي، وإذا كان هناك شبه غياب لمهرجانات أغاني الأطفال، وأقل الميزانيات هي المخصصة لأغاني الأطفال، فكيف يمكن أن نقنع طفل هذا الجيل بأغنية طيور الجنة، وذهب الليل، وطلع الفجر؟
البرعم يسهر طوال الليل يقتل بضغطة زر العديد من البشر عبر ألعابه الالكترونية، ويشاهد النجوم الذين أصبحوا قدواته يعيشون في أغانيهم الصاخبة قصص الحب، وهو الموضوع التقليدي في الأغاني الشبابية، وكيف يمكن لطفل لا يعتز بلغته العربية أن يستمع إلى تعبيرات تمس وجدانه وتخاطب عاطفته ليضل الإجابة؟ هل الاستمالات العاطفية في أغاني الأطفال هي في الكلمة التي لا يفهمها أم اللحن الذي يؤثر سلبا عليه أم الصورة التي خدشت حيائه؟
إنّنا بحاجة إلى الوعي بهذه المتغيرات لنصنع أغنيات للطفل تساهم في الارتقاء به، فالإعلام بكل ما يبثه شئنا أم أبينا له تأثيره على نمو  أطفالنا. ويبقى سؤال آخر أين الأغاني الموجهة للطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة؟ هل نقنع في عصر التخصص بأهمية تعاون حقيقي بين المتخصصين والمبدعين في مجال الإعلام المقدم لجيل الغد؟
❊ ما هي الأدوات المستعملة في هذا النّوع من الفن الخاص؟
❊❊ الوسائل المستعملة في أغنية الطفل متنوعة، منها الحديثة حسب الأغنية أو الأنشودة والأكثر استعمال وحدات المكساج.
❊ أبرز الأغاني الشّعبية الموجّهة للطفل
والمتداولة بولاية قالمة؟ وكيف ترون دور الأغنية الموجّهة لركيزة المجتمع؟
❊❊ من أبرز الأغاني الشعبية الموجّهة لطفل قالمة هي أغاني طيور الجنة، إلى جانب أغاني أخرى شعبية فلكلورية.
الأغنية الموجهة للطفل بولايتنا تحمل ثقافة وتراث المنطقة، الأمر الذي يجعلها رابطًا قويًا بمناهج التعليم، حيث إنّ التربية تهدف أساسًا إلى نقل الثقافة والتراث للأجيال الناشئة، وإلى تهيئة الطفل للتكامل الفاعل في محيطه الاجتماعي. بما أنّنا ننظر إلى البعد التربوي للأغنية يجب ألاّ يغيب عن ذهننا أنّ المبادئ العامة للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة تجمع المواد الدراسية كلها بالأهمية نفسها، كما أنّنا نعمل في هذه المرحلة على تنمية طاقات الطفل ومهاراته الجسدية، الاجتماعية، العاطفية والذهنية، وذلك من أجل تكوين شخصية متوازنة، تتضمن برامج التعليم نشاطات متنوعة تسعى إلى تلبية حاجات الطفل وتنمية ثقته بنفسه، وتشمل من ضمن ما تشمل الفنون، اللعب، التمثيل والنشاطات الموسيقية على أنواعها من إيقاع، حركة، رقص وغناء، هذا بالإضافة إلى تنمية مختلف المهارات الأساسية لتعلم اللغة قراءة وكتابة، العلوم الحية، الرياضيات والعلوم الاجتماعية، يتعلم الطفل ذلك كله في جو ممتع وشيق، يندمج، فيها، فيكتسب المعرفة مباشرة من حياته الحسية.
❊ فيما يخص النّشاطات التي شاركتم فيها، هل وجدتم اهتماما من قبل الجهات المسؤولة؟
❊❊ صراحة لم نجد اهتماما يذكر رغم المجهود الطيب من طرف المجموعة كون المسؤول حاليا لا يهتم بالنشاط الثقافي، خاصة في البلديات التي تفتقر إلى مراكز ثقافية أو مرافق تهتم بهذه الفئة التي تعتبر نواة المجتمع وروحه في المستقبل، خاصة إن كان الاعتناء بها إيجابيا، لكن مقابل هذا تبقي فرقة الأمل تأمل وتطمح إلى غد أفضل.
❊ وهل من أعمال جديدة؟
❊❊ طموحي لا حدود له، فقط لازلنا في البداية وننتظر مرافقا من أجل صقل المواهب وإعطاء دفع قوي لأغنية الطفل. الجديد عندنا تحضير برنامج ثري في رمضان كونه يتزامن والعطلة الصيفية، وتكون المجموعة حاضرة بدون غيابات كون الصغار في المدارس والثانويات.
وفي الأخير لا يسعنا إلاّ أن أقول لجريدة “الشعب” شكرا وألف شكر، ودمتم في خدمة الإعلام الهادف.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024