الكاتب عبد الرحمان مزيان:

معظم الناشرين الجزائريين تحوّلوا إلى تجار وليسوا فاعلين في الثقافة الوطنية

حاوره: حمزة لموشي

أكّد عبد الرحمان مزيان كاتب وأستاذ محاضر بجامعة بشار في حوار مع “الشعب” أن المعرض الدولي للكتاب ساهم نوعا ما في تقريب الكُّتاب فيما بينهم، وأن الجزائر بحاجة لمثل هاته التظاهرات لخلق “مستقبلا” واقعا أدبيا مميزا، غير أنه أعاب في سياق حديثه غياب التواصل بين الناشرين والكتاب، مشيرا إلى أن المعرض لم يلعب دوره في هذا الصدد، بحيث يبقى الناشر والكاتب كل واحد منهما يبحث عن الآخر.

«الشعب”: ما هي نظرتكم للمعرض الدولي للكتاب؟   
عبد الرحمن مزيان: بداية أتقدم إلى جريدة “الشعب” الغرّاء بكامل شكري على هذه الاستضافة، فمن بين أهداف المعرض هو التشجيع على القراءة، وما هو إلا طرف فيها، لأن هناك أطراف أخرى تعمل على تحقيق هذا الهدف، مثل المدرسة، الجامعة، المؤسسات الثقافية... غير أننا نلاحظ أنه لا يوجد تنسيق بين هذه الأطراف المعنية مما يحول دون تحقيق ذلك.
للأسف المعرض معزول ولا ينّسق مع باقي الهيئات، مما يجعلنا نلاحظ أنه بعيد عن أن يبلغ مراده بتشجيع الجزائريين على القراءة، لأن بعض الناشرين وجدوا فيه تجارة مربحة إلا من رحم ربي، وعليه يجب إعادة النظر في كيفية تسييره.
تنظم على هامش المعرض ورشات ولقاءات، الهدف منها الكشف عن مشاكل التأليف والنشر في العالم العربي.. هل ترون أن هذه اللقاءات مكّنت من تجاوز هذه الإشكالية؟
المعرض يعود كل سنة بالصيغة ذاتها، ما يفيد أنه بعد نهاية التظاهرة تطوى كل الأشياء، بحيث نجد الكتّاب يطالبون بمستحقاتهم والناشرون يتهّربون بحجة أن الكتاب لم يرّوج.  هذه العملية تتكّرر كل سنة، ناهيك على أن بعض الكتب الضرورية ليست في متناول القراء، خاصة منهم الجامعيين وبالخصوص طلبة كلية الطب، ويبقى في الأخير أن المشرفين على المعرض يكتفون فقط بالتنظيم.
 يعتقد البعض أن الكتاب لم يعد يغري جيل الشباب المنغمس حتى النخاع في متابعة الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، هل في اعتقادكم ارتفاع أسعار الكتب سببا في توسيع رقعة “العازفين عن القراءة   والمطالعة”؟
أجل، أصبح الأنترنيت يضايق الكتاب بشكل سلبي، الغالبية العظمى تعتقد أن كل ما يوجد في الأنترنيت صحيح، وللأسف، أصبح يلعب دورا مهما في عملية العزوف عن القراءة، حتى أن الأستاذ حين يكلف طالبا أو تلميذا بإنجاز بحث لا يكلف نفسه عناء البحث في الأنترنيت، بل يطلب من صاحب المحل القيام بهذه المهمة عوضا عنه؛ ليستلمه جاهزا.  كما أن الأستاذ لا يهمه مصدر المعلومات التي جاء بها الطالب، علما بأن إنجاز البحوث هو التدرب على البحث عبر عملية القراءة.
هل حقّق معرض الجزائر الدولي للكتاب تواصلا بين الكتّاب والناشرين الجزائريين والعرب مثلا، وهل عرّف بالثقافة الجزائرية في الخارج باعتباره يحمل طابعا دوليا؟
المعرض الدولي للكتاب ساهم نوعا ما في تقريب الكُّتاب فيما بينهم، باستثناء المعّربين والمفرنسين، بحيث أن الهوة فيما بينهم ما تزال قائمة.
التواصل بين الناشرين والكتاب شبه منعدم ولم يلعب المعرض دوره في هذا الصدد، بحيث نجد الناشر والكاتب كل واحد منهما يبحث عن الآخر، إن مصادرة الكتاب في المعرض يحول دون الاعتراف به كمعرض دولي، مهمته احتضان مختلف الكتب والعمل على مناقشتها بطريقة علمية.
ما الذي أضافه المعرض للثقافة، وهل غيّر من واقع المكتبة الجزائرية؟
الصالون مكّن من وصول الكتّاب بعد أن كان منعدما، إضافة إلى أنه جعل القارئ يتعرف على كتابات الآخرين خارج الجزائر.
هل ترون أن المعرض تمّكن من تجاوز مشكلة تصدير الإنتاج الأدبي الجزائري؟
لا، قلت سابقا أن المعرض يكتفي كل سنة بالتنظيم، وتوفير فضاء لبيع الكتب وكفى، باستثناء بعض الناشرين الجزائريين هم الذين يقومون بذلك، على سبيل المثال دار النشر ابن النديم،البرزخ، الاختلاف.. أما المعرض يظهر أنه غير مستعد لذلك.
ما هي أهم الانجازات والتحديات والآمال؟
عليه أن يعيد النظر في وظيفته ويدخل في شراكة مع الأطراف التي ذكرتها آنفا، ويؤسس لجنة علمية تتكون من كتاب جزائريين وأجانب، وذلك من أجل عدم تسويق الكتب التراثية غير المحققة لأنها ليست علمية.
وبخصوص هذه النقطة هنا تكمن النظرة العلمية للمعرض، حيث تصادر الكتب غير العلمية وليس ما يخالف الرأي، يجب تأسيس شركة أو شركات التوزيع وهذه هي معضلة الكتاب في الجزائر لأنه لا يسّوق ولا يعرف الرواج.
ما تزال مشكلة صناعة الكتاب في الجزائر قائمة، في ظل استمرارية غياب آليات متطورة ومقنعة تسهم في النهوض به، إضافة إلى غياب الشفافية عن المناقشات التي تدور بين المسؤولين عن هذه الصناعة، ما تعليقكم؟
هذا سؤال مهم جدا وأنت مشكور عليه وهو متمم لما سبق، أغلب الناشرين يستعملون الورق الناصع جدا وهو مضر بالعين، ناهيك على وزنه الذي لا يتجاوز 60 غراما، إضافة إلى ذلك الكتاب بحاجة إلى إشراك الفنان التشكيلي في تصميم غلافه حتى يحمل طابعا جماليا، وهذا ما لا نجده عند الناشرين الجزائريين. من هنا قلت لك سابقا أن معظم الناشرين الجزائريين تجار وليسوا مثقفين ولا فاعلين في الثقافة الوطنية.
 كلمة أخيرة؟
مرة أخرى أتقدم لكم بالشكر، لأنكم أثريتم مشكلة جوهرية، علينا جميعا أن نعيد النظر فيها كونها تمس بالشخصية الوطنية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024