أفضت إلى نشر الثقافة بقسنطينة

مكتبة البلدية “جوهرة” في حاجة إلى التجديد ورد الاعتبار

قسنطينة: أحمد دبيلي

باستثناء المكتبة الوطنية والمكتبات الجامعية ومكتبات المعاهد المتخصصة الموجهة خصيصا لشرائح وفئات ذات المستوى العلمي العالي، تبقى المكتبات البلدية أو ما يسمى بالمكتبات الجوارية، هي الملاذ الثقافي الوحيد لكل الشرائح الاجتماعية سواء تعلق الأمر بتلاميذ وطلبة المراحل التعليمية الثلاث أو شريحة الباحثين وحتى العصاميين الذين يجدون في هذه المكتبات ضالتهم المنشودة للتزود بالعلم والمعرفة والخروج من نفق الجهل المظلم .

وإذا اقتفينا أثر الحركة الثقافية ومدى تأثير المكتبات البلدية أو الجوارية بولاية قسنطينة في الرفع من المستوى التعليمي والثقافي للفئات التي تنشد الثقافة عموما، فإن لمكتبة بلدية قسنطينة المركزية والمتواجدة على مستوى شارع “زيغود يوسف”، السبق في نشر الثقافة بين الفئات المختلفة من الرواد الذين لا يزالون وحتى اليوم يترددون عليها وباستمرار للنهل من مختلف المراجع باللغتين العربية والفرنسية.
وحسب المعلومات التي استقيناها من عين المكان أثناء زيارتنا لهذه المكتبة العريقة والتي تأسست سنة 1860 وفتحت أبوابها للجمهور في 1880، رغم كونها لم تلق شهرة إلا في مطلع القرن العشرين، أصبحت ومنذ الاستقلال قبلة لكل الشرائح الاجتماعية للتزود بالعلم والمعرفة حيث كان لها الفضل في تزويد جيل الاستقلال بكل المعارف والمدارك التي يحتاجونها في مختلف التخصصات، خاصة وأن المكتبة كانت تضم أكثر من 40 ألف كتاب باللغة الفرنسية وفي مختلف  التخصصات، من قانون وتاريخ وجغرافيا وفلسفة ولغة وأدب يوناني، ولاتيني وبخاصة الفرنسي، كذلك كتب في العلوم السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والفنون، كما وجدت بها كتب باللغة العربية خاصة بشمال إفريقيا، عالجت مواضيعها التاريخ والجغرافيا.         
ودائما حسب نفس المصدر، فإن هذه المكتبة لا تخلو يوما من الرواد وعلى مدار السنة رغم ضيق المكان وقلة المقاعد والتي لا تتجاوز في مجموعها54 مقعدا، حيث يضيق في أغلب الأحيان المكان بالرواد من باحثين وجامعيين وثانويين، خاصة في فترة الامتحانات وكتابة المذكرات الجامعية حيث يكثر الطلب على كتب التاريخ عموما ومنها بالأخص كتب التاريخ الإسلامي والعهد العثماني وتاريخ مدينة قسنطينة، بالإضافة إلى كتب الأدب والثقافة العامة إذ تصل الإعارة الداخلية في بعض الأحيان إلى 15 كتابا للطالب الواحد، كما أن الإعارة الخارجية لا تتعدى معدل كتاب واحد لكل طالب .ومن جهة أخرى فإن رواد المكتبة ليسوا فقط من سكان قسنطينة والمدن المجاورة، بل أيضا من المؤسسات والمعاهد وحتى من الأجانب، كما تتقدم السفارات وفي بعض الأحيان وبصفة رسمية بطلب مراجع خاصة بالمؤلفات التاريخية المختلفة، وهو ما ينم حسب المتتبعين عن مدى مصداقية هذه المكتبة في نشر الثقافة بما تتوفر عليه من مخزون علمي وتوثيقي هام .
 وحسب الكثير من الرواد فإنه يعاب على هذه المكتبة “الجوهرة”، التي كان لها دائما باع ثقافي معتبر، وحتى  تبقى دوما تؤدي باستمرار المهام المنوط بها في نشر الثقافة، عدم الاهتمام بها من قبل المجالس البلدية المتعاقبة، حيث لم تزود ومنذ منتصف السبعينيات بكتب جديدة كما لم يدخل مسيروها نظام الإعلام الآلي على فهرس الكتب الذي تجاوزه الزمن، في حين تعرضت مئات الكتب إلى التلف من جراء قلة الصيانة وعدم الاهتمام بعملية إصلاحها وتجليدها، بينما بقيت القاعة عرضة للإهمال وعدم تجديدها وتأثيثها كمكان يليق برواد العلم والمعرفة، خاصة وأنها ستكون خلال السنة القادمة قبلة للزوار الأجانب بمناسبة تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية.
مع التذكير أن مدينة قسنطينة تتوفر ومنذ الاستقلال وإلى جانب مكتبة البلدية المركزية التي أشرنا إليها سابقا والمكتبات البلدية الجوارية الأخرى، على أرشيف ومكتبة الولاية التي توجد بها ألاف الكتب والمخطوطات والمجلات والجرائد، إضافة إلى مكتبة الجيش الثرية، وهي المكتبات التي كان دائما لها الفضل ومنذ الاستقلال في تقريب الكتاب من الطلاب ورواد العلم والمعرفة. وتجدر الإشارة في الأخير أن ثماني مكتبات بلدية عبر دوائر قسنطينة الست(6)، قد برمجت  في إطار تظاهرة  قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015 ، لسد الفراغ الرهيب الذي تعيشه هذه الولاية  في نشر الثقافة بين الفئات المختلفة من سكان الولاية، وأيضا تفعيل القراءة عن طريق وضع الكتاب في متناول الكافة وهذا عبر هذه الدور التي ينتظر منها أن تكون مركز إشعاع في نشر الثقافة واستقطاب أكبر عدد ممكن من القراء. 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024