“الشعب” تزور عائلة الشّهيد الشّاعر عبد الله شاكري في بوشقوف

الفقيد كان شرطيا يعشق السّلم ويحب الحياة

قالمة: أمال مرابطي

تقرّبت “الشعب” من عائلة الشّاعر الشّهيد عبد الله شاكري، حيث التقت مع أخته السيدة ميمية شاكري والمدعوة شامة، التي أخبرتنا بأنّ والدته عفايفية حفصية توفيت وهو صغير لم يتجاوز عمره سنوات، بحيث لا يحتفظ لها بصورة واضحة في ذاكرته. تربى يتيم الأم شقّ طريقه نحو مصاعب الحياة، وهو ما كان فعلا عندما استقام عوده وكان سندا للعائلة المتكونة من أربعة أخوات وأبوه شاكري محمد كان يعاني من مرض فقر الدم.
ذكرت أخته بأنّ عبد الناصر خلاف أشرف على جمع وكتابة بعض الشّهادات عما يعرفه عن عبد الله وطبعها في كتاب  بفضل الروائي الدكتور أمين الزاوي.

تضمّن الكتاب أغلب النّصوص الشّعرية والنثرية التي كتبها الشهيد خلال مسيرته الأدبية، منها التي نشرت بالجرائد والمجلات الوطنية والعربية، وتحتفظ العائلة بنسخة منه.
ذكرت أخته شامة بأنه تعرّف على عبد الناصر خلاف والدكتور أمين زاوي أول مرة بوهران عندما حضر ملتقى تجمع شعراء الجزائر المعاصرة الذي كان ينظّم في قصر الثقافة والفنون. عبد الله كان ممتلئا بالحياة وبالتأمل، مؤمنا بالشّعر وبالجزائر وبالحداثة،
كما كان شرطيا يعشق السلم ويحب الحياة،   كان الأخ الوحيد لأربعة بنات ومحاطا بالحنان.
كانت صحة والده في خطر وتدهور باستمرار، ورغم أنّ التّعليمات تمنعه من الاقامة في مقر سكناه بحي السرول بعنابة  بحكم أنّها منطقة خطيرة، إلا أنّه كان ممزقا بين هذه التعليمات وبين صحة والده، كان يخاف أن يفقده كما فقد أمه.
وقد سبق وأن أصيب والده بوعكة صحية أدخل على إثرها مستشفى ابن رشد بعنابة،  إلاّ أنّ أصدقاءه وقفوا إلى جانبه والكثير منهم شجّعوه وتبرّعوا بدمهم قبل أسبوعين من اغتياله.
عمل حمّالا في سوق الجملة وحمل الهموم والأحزان
وعن حياته وما دون من شهادات تقول كان يعمل في عنابه حمالا في سوق الجملة للخضر والفواكه التابع لبلدية البوني، كما كان حمالا للهموم ويحب الجميع لذلك أطلقوا عليه أصدقاءه اسم حامل الهموم. ورغم عمله الشاق إلا أنّه كان بشوشا، محبّا للنّكت، لا يغيب عن نشاطات نادي الابداع الأدبي والفني وكل نشاطات قصر الثقافة والفنون، وأصبح صديقا للجميع بحكم طيبته ومرحه، كان يحب أعمال وكتابات غادة سمان، جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، أغاني خوليو، بالإضافة إلى رياضة كرة القدم.
كتب في بدايته القصص القصيرة والخاطرة التي تشبه القصائد ثم تحول لكتابة الشعر.
  ثنائية الشّعر والمسدّس
 الشّاعر عبد الناصر خلاف
 رئيس نادي الإبداع الأدبي بعنابة سابقا
يقول عنه صديقه عبد الناصر خلاف في كلمته الموجزة للكتاب الذي عمل على طبعه: “حين تركت يا عبد الله عنابة لتدخل مدرسة الشرطة بالصومعة وحملت لأول مرة المسدس ماذا قلت للمسدس وماذا قال لك المسدس؟ قلت للمسدس أرجو من الشعر السلسبيل الهابط من أجدادي منذ هوميروس مرورا بامرئ القيس والمعري والمتنبي والسياب ودرويش وأدونيس وروني شار وجاك بري فير ونير ودا ولوركا، وكل أبناء القبيلة ألا أستعمل هذا المسدس إلا فيما يحمي بلادي من الانقراض والخراب. وأجابك المسدّس بهدوء واحترام: أيّها الشّاعر أنت العظيم، فرصاص كلماتك أكبر وأعظم من نار أحشائي، لا تخفك هذه النار التي في أحشائي فهي أمام نار كلماته تشبه الثلج، أنت الرّصاص في شعرك وأنت الصّدق في خوفك وفي ترددك، وأنت الحب في كل ما فيك، فأنت لم تخلق لتقتل ولا لتقتل”.
مثله مثل الشّهيد الأديب بختي بن عودة كانا يحبان كرة القدم، ماتا في حضن المباراة، كانا يحبان اللعب، واللعب هو أعظم فلسفة عند الشعراء وعند الأطفال أيضا.
كما كتب عنه قائلا: “كنت تخاف كالشّعراء، كنت تغامر كالشّعراء، كنت تحب أمّك كسائر الأطفال وأخواتك أيضا، وكنت تحب البلد كالشرطي، وكان يحب زرقة عنابة كما وصفه قائلا: عبد الله كان طويل القامة، ذو شعر مجعّد، له صوت جميل وخط أجمل”.  
وعن أيام عبد الله شاكري الأخيرة تقول شامة بأنه اغتيل ليلة الجمعة أمام مقر سكناه بحي السرول من طرف مجموعة إرهابية.
وحسب الشّهادات تقول أخته التي كانت متزوجة ومقيمة ببوشقوف خبر وفاته كان صدمة بالنسبة إليهم، وحسبها بأنه لم يكن يحمل مسدسا وإنما تركه عند أبيه عندما كان يلعب مباراة كرة القدم، وقد دفن في مقبرة الناظر. وبمرور عشرين سنة على اغتياله  تتوجّه بالشّكر إلى ابراهيم مراد والي ولاية عنابه السابق وبقية أصدقائه الذين وقفوا مع عائلة الفقيد في محنتها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024