الناقد الفنّي رمزي فارح لـ”الشعب”:

الممارســـــــــــــــة الغرافيتيــــــــــــة تحمــــــــــــل خطابــــــات متعــــــــــــدّدة المضامــــــــــــين

فاطمة الوحش

 

 يرى الناقد الفنّي رمزي فارح أنّ الخوض في مسألة “الغرافيتي” كفن تقودنا بالضرورة إلى السياق التاريخي لهذه الممارسة التي ظهرت مع ظهور الانسان الأول، والذي لجأ إلى جدران الكهوف للتعبير عن حياته الدينية والسحرية من خلال رسم ونقش رموز كالطوطم وبعض الطلاسم، لينتقل بعدها إلى التعبير عن واقعه بكلّ تجلياته: مشاكله، أحلامه وتطلعاته.

أشار رمزي فارح في تصريحه لـ«الشعب” أنّ الممارسة الغرافيتية اليوم صارت تحمل أبعادا ودلالات وتصنيفات، وحتى حوامل مغايرة لما كانت عليه، بمعنى يقول أن “الغرافيتي الحديث خاض غمار التجديد وإعادة التشكيل البنيوي والمضموني”، مضيفا “فبعدما كانت هذه الممارسة غير خاضعة لأيّ قوانين تنظيمية وأيّ ضوابط تحدّد معالمها وتعتمد في أساسها على مبدأ العشوائية، باتت الآن ممارسة مقنّنة ومقوعدة بحيث صار الغرافار يستحضر الروح الفنية التي تدور في مخياله ليجسدها على الجدار، مركزا بذلك على الناحية الجمالية بنفس مقدار تركيزه على الخطاب والمضمون، بمعنى آخر يمازج بين الروح الفنية والحاني الإبداعي مع رمزية ودلالة الخطاب ليُكون جدارية ذات منحى رمزي لا يخلو من الجانب الإبداعي الفني”.
وأفاد ذات المتحدث، بأنّ الممارسة الغرافيتية أصبحت تأملا جماليا يأخذ شكلا فنيا مثله مثل باقي الأشكال الفنية، ومن زاوية نظر أثروبولوجية وجب فهم السياق الثقافي الذي تكوّن فيه هذا الفنّ، والنموذج الثقافي الذي طبعه كثقافة فرعية وجماهيرية انطلقت من الثقافة الغربية hip hop)) ، لتنتشر إلى كل بلدان العالم.
وأوضح رمزي فارح، أنّ مقارنة فن الغرافيتي بباقي الفنون كالرسم والغناء والفنون التشكيلية، نلحظ أنّ الاهتمام بالغرافيتي يكون آخر اهتمامات الجمعيات المهتمة بالفنون، أو غالبا لا يكون هذا الاهتمام المحتشم ، مشيرا إلى أنه عند مقارنة اهتمام بعض الدول بالفن الغرافيتي، نجد أنّ هذه الدول تقيم مهرجانات خاصة للممارسة الغرافيتية تساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني وكذلك تكريمات لا تقل أهمية ومكانة عن تكريمات باقي الفنانين، كما أنّ بعض الدول خصّصت مساحات خاصة لهذه الممارسة.
 وذكر رمزي، أنّ الممارسة الغرافيتية تحمل خطابات متعدّدة المضامين، ومن هذا المنطلق سنقف باختصار على مجموعة مطبات تفيدنا في الإجابة عن إشكال “هل الغرافيتي يحمل رسالة أم هو مجرد رسومات لتزيين الجدران؟ مضيفا “لعلّ الإجابة تكمن في تعددية المقاربات الدارسية للموضوع، فالمقاربة الفنية هي المقاربة الوحيدة التي قد تكتفي بدراسة فنّ الغرافيتي من بعده الجمالي فقط، لكن في نفس الوقت هذا لا ينفي أنّها تتعدى ذلك إلى فهم الرسائل الذي تحتويها هذه الرسومات، أما باقي المقاربات تركز على الرسالة التي يحملها هذا الفنّ أكثر منه بعده الجمالي ولعل أهم هذه المقاربات هي: المقاربة الانثروبولوحية، المقاربة الاجتماعية، المقاربة النفسية، المقاربة الاتصالية، المقاربة الجندرية، المقاربة السيميولوجية وغيرها من المقاربات المتعدّدة والمختلفة”، مشير إلى أنّ، لكل مقاربة إطار نظري وابستيمولوجي ومنهجي يحدّد معالم هذه المقاربة ويوجه مجال الدراسة وتوجه الباحث في فهم رسائل ومضامين ودلالات هذه الخطاب الغرافيتي”.
 وختم المتحدث حديثه بمقولة ادوارد غاليانو “الجدران دور نشر الفقراء”، والتي يرى - أي رمزي فارح - أنّها خير دليل على أنّ فنّ الغرافيتي يحمل في طياته رسائل جادة يفيدنا التقرب لها بأساليب تحليل علمية لفهم واقع المجتمع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024