المرأة هي الأرض الطيبة ومدرسة الجمال

قالمة: أمال مرابطي

التقينا مع السيدة تونسي منيرة، ذات الباع الطويل في فن الموسيقى والمالوف، وابنة الحاج محمد الطاهر الفرقاني، عميد أغنية المالوف الجزائري، ففتحت لنا قلبها لتحكي قصتها مع الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية.. وبدا في حديث هذه السيدة الفنانة وضوح في الرؤية وحرص على اختيار الكلمات، وإصرار على أن تكون المرأة المثقفة حاملة لرسالة، كونها كامرأة أول مدرسة يتعلم منها الإنسان..

تحدثنا السيدة منيرة عن بداياتها فتقول: “ولدت بمدينة قسنطينة من عائلة فنية عريقة يبعد مداها الفني الأجيال العديدة، بدأت الغناء في سنّ الخامسة، وقمت بجولات فنية مع الوالد عبر مختلف ربوع الوطن، تعلمت العزف على آلات مختلفة وعديدة منها القيتار، البيانو، المندولين، البزق والدبوكة، خلال المرحلة العلمية، إضافة إلى الدراسة العلمية المعتادة حتى النهائي، كما درست في المعهد التكنولوجي للتربية كأستاذة تربية موسيقية سنة 1983، وبعد التخرج عملت في الحقل التعليمي بقسنطينة ثم انتقلت إلى مدينة قالمة وكونت مجموعة صوتية موسيقية لازالت تنشط لحد الساعة، ونلت منها جوائز عديدة من المراتب الأولى على مستوى الولاية والوطن. وأنا حاليا ضمن الجوق الوطني للموسيقى الأندلسية، وأكوّن مع زوجي فرقة “مسك وفن” لمدينة قالمة”.
وتضيف محدثتنا: “لديّ عدة تسجيلات في التلفزيون الجزائري في الغناء الأندلسي، بالإضافة إلى عدة مشاركات إذاعية وطنية ومشاركات مع العديد من الفنانين المشهورين في حصص تلفزيونية مثل الحاج محمد الطاهر الفرقاني، سليم فرقاني، نعيمة الجزائرية، العياشي الديب، وقمت بإحياء حفل بمدينة البليدة 2006، كما قدمت مع العائلة أغنية وطنية بعنوان بلادي الجزائر”.
أما عن دور المرأة وعلاقاتها بالفنون في الرقي بالمجتمعات فتقول، إنه لا شيء في هذا الكون أغلى من الأم، وأكثر حنانا من المرأة، لذلك استحقت المرأة في هذا المجتمع التبجيل والتكريم، فهي الكائن الذي بأحلى العبارات وصفوه، وبأبهى النظرات رمقوه، والذي بأحلى الألحان أنشدوه، وبأثلج الصدور أحبوه.. “المرأة لها دور رئيسي في الأسرة كأم، تلم جميع أفراد الأسرة وتعلمهم على الأخوة والمحبة، كما تشرف على تدبير البيت، تدرس أولادها وترعاهم، تعلم أولادها الأشياء المهمة في الحياة من عمل الخير وحب الوطن، إن المرأة هي الأرض الطيبة، وهي الفن والجمال والحياة والمدرسة الأولى التي يتلقى فيها المرء دروس الحياة، وبها يتأثر ومنها يكتسب أخلاقه”، تقول السيدة منيرة، مضيفة بأن “الفن هو تنمية الإحساس بالجمال وترقية مشاعر التذوق بالجمال، ولذلك تقدم المرأة الصورة الراقية والموسيقى الرقيقة الهادفة، وبهذه الوسيلة نرتقي بمجتمعاتنا إلى الرقي”.
وأشارت السيدة منيرة في حديثها إلى خصوصية موسيقى المالوف وتميزها عن المدارس الفنية الأخرى، حيث قالت: “المالوف من بين المدارس الأندلسية الثلاثة الموجودة في عالم الموسيقى. وخصوصيته وتميزه على باقي المدارس الأخرى كونه تنوعت الفنون النظمية فيه، وجمع بين مختلف الفنون المعربة والملحونة من بدائع الإيقاعات التي لا توجد إلا في المالوف، روائع الأنظم الشعرية كالمحجوز الذي لا يغنى إلا في مدرسة الشرق”.
وعن سؤال “الشعب” حول إطلالتها كامرأة وميلها وتعلقها بهذا الفن، تجيب: “تواجد المرأة في المالوف بدأ في الازدياد في الآونة الأخيرة، لاهتمام المنظومة الفنية بهذا المجال لكن النقص كبير جدا، وكوني تواجدت في هذا الفن، أنحدر من سلالة عائلة فنية أبا عن جد، وهذا طبعا ساعدني كثيرا على تطوير الذات، وكوني درست الموسيقى على أصول سليمة بالنوتة الموسيقية، أما عن أبرز الفنانات اللواتي تأثرت بهن فأذكر وردة الجزائرية، إسمهان، زهور الفرقاني”.
كما أجابت على سؤالنا حول عالم الفن وما يحتويه من غموض، وكيفية التوجه إلى المشاهد الغربي والشرقي هل بنفس الأسلوب أي بملامح شرقية بحتة ليؤدي الفنان مهمته في الوقت نفسه، قالت: “عالم الفن غامض، والفن إن لم ترافقه بالدرجة الأولى التربية وحسن الخلق، لن يؤدي دوره المنوط به في عالم التربية والرقي بالمجتمع إلى سواء السبيل. لا أظن أن نتجه إلى المشهد الغربي ولكن لابد من فسح المجال للطاقات الحيّة وسوف نرى العجب العجاب”.
وتحدث سليلة عائلة الفرقاني عن أداء ومهمة المرأة العربية عموما، والفنانة العربية بشكل أدق، خاصة في هذا الظرف العصيب، لنقل رؤية ورسالة تعنى بما يحدث في العالم العربي، حتى لا تقدم فنا لا يتعدى الرومانسية، حيث اعتبرت محدثتنا أن اهتمامات المرأة العربية تزايدت بشكل رهيب، وخاصة في هذه الظروف العصيبة، فالمرأة الفنانة التي تؤدي خاصة الغناء لا زالت بعيدة عن الدور التثقيفي العام والتربوي عموما، وإثارة وغرس حب الأوطان في الوجدان خصوصا، لذلك لابد أن تكون واعية بدورها وموقعها جيدا.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024