الكاتب رابح خدوسي لـ “الشعب”

المهرجانات الثّقافية الدولية في الجزائر بحاجة إلى استراتيجية محكمة ومدروسة

هدى بوعطيح

يرى مدير دار الحضارة والكاتب رابح خدوسي، أنّ المهرجانات الثقافية التي تنظّم في الجزائر، لا تعتمد في أغلبها على استراتيجية محكمة ومدروسة، وبأنّها مجرد فلكلور واحتفاليات تنتهي بانتهاء الحدث، داعيا بضرورة تبني خطط وبرامج المتوسطة والبعيدة المدى، وإيلاء المهام لأهل الاختصاص وذوي الكفاءات التي بإمكانها تقديم صورة لائقة عن الثقافة الجزائرية في المحافل الدولية.

واعتبر الكاتب رابح خدوسي في حديث لـ “الشعب” أن مثل هذه المهرجانات لم يعد لها داع، بعدما كانت فيما مضى تحمل بعدا سياسيا لإعطاء صورة عن واقع الجزائر بعد العشرية السوداء، وما كابدته في تلك الفترة أثر على مختلف المنظومات لاسيما الثقافية، مشيرا إلى أنّ أسباب عدة تجعل من إقامة هذه التظاهرات ليس لها مبرر، منها وسائل الاتصال الحديثة، والتي يمكن الاعتماد عليها ـ حسب الكاتب ـ كبديل لتبادل الأفكار والاحتكاك بين المثقفين والفاعلين في الميدان الثقافي، قائلا بأنّ المهرجانات تتطلّب استقبال وفود من مختلف الدول، وتوفير مختلف المتطلبات لهم، وهو ما ينجم عنه تبديد للأموال.
وأضاف خدوسي أنّه إذا ما قدّمنا تقييما أيضا للمهرجانات من حيث الحضور، فإنّ القاعات تكاد تكون شبه فارغة إلا من المنظّمين والمدعوين، والنتيجة أنّ التظاهرات ـ في نظر الكاتب ـ غير مفتوحة على الجمهور الجزائري ولا على المحيط، وبالتالي لا تقدم إضافة، بل على العكس تعتبر “زائدة” و«لهذا ينبغي إعادة النظر في هذه التظاهرات الدولية”، والأدهى من ذلك ـ يقول ـ إنّ هناك بعض المؤسسات تنظّم ملتقيات أواخر السنة وتبدد أموالا في لقاءات دون المستوى، عوض إرجاع الأموال إلى الخزينة.
ومن منظور الكاتب خدوسي بإمكان الجزائر تقديم صورة عن ثقافتها بدعوة مجموعة من الصّحفيين من مختلف دول العالم، ينتمون لكبرى القنوات التلفزيونية والصحف، يعملون على نقل مشاهد حية بما يزخر به هذا البلد من تراث وجمال طبيعي، مؤكدا بأنّ رجال الإعلام يقدمون للعالم ما شهدوه، في حين أنّ المدعوين سيحتفظون بما اكتشفوه لأنفسهم وفقط.
«المهرجانات والتظاهرات الثقافية بحاجة إلى مخطط محكم ومدروس جيدا” هو ما شدّد عليه رابح خدوسي، مشيرا إلى أنّ أي بلد بحاجة إلى تسويق تراثه ثقافيا وسياحيا، وهو ما يتوقف ـ حسب الكاتب ـ على تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية التي انطلقت الخميس الماضي، لكنه يرى بأنها بحاجة إلى إعادة النظر فيها وإسناد أمورها لذوي الاختصاص.
وارتأى خدوسي في سياق حديثه العودة إلى التظاهرات التي سبق وأن احتضنتها الجزائر قائلا بأنّها “لا حدث”، مثل “الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007”، و«تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011”، إضافة إلى المهرجان الثقافي الإفريقي 2009، وسنة الجزائر في فرنسا، موضحا بأنّها أثارت ضوضاء إعلاميا فقط، وانتهت أحداثها بانتهاء الحدث، وتساءل الكاتب “بعد انتهاء التظاهرة ماذا يبقى”؟، مقدما مثالا عن الكتب التي تمّ طبعها خلال التظاهرات، والتي لم تصل إلى القارئ الجزائري، حيث تبقى إما حبيسة الأدراج، أو تقدم إلى ذوي المعارف والأصدقاء.
وحسب مدير دار الحضارة، فإنّ الحدث يكون إذا ما تمّ طبع قصة أو مجلة لكل طفل على سيبل المثال، أو كل عائلة يصلها كتاب وتجسيد فكرة “مكتبة لكل عائلة”، وقال: “المواطن لم يستفد من هذه التظاهرات الثقافية”.
وبخلاف ذلك يرى خدوسي بأن الايجابي في هذه التظاهرات هي المرافق التي يتم إنشائها في مثل هذه المناسبات، ولكن إذا ما تم الاستخدام الأمثل لها، حتى لا تبقى مجرد هياكل بدون روح، مؤكدا بأنّ الثقافة إذا لم ترتقي إلى سلوك يومي لدى المواطن فلا جدوى منها، وقال في ختام حديثه: “نحن نتحدّث عن تاريخنا عبر هذه التّظاهرات، ولا نتمنّى أن تتكرّر أخطاءنا”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024