الكاتب عبد اللطيف سفيان:

لا يمكن القول بأنّ عصر الورق قد ولّى

أمال مرابطي

اعتبر الكاتب عبد اللطيف سفيان أنّ الاهتمام  المتزايد بالكتابة الالكترونية، يعود للبحث عن التنوع في عرض الإبداع، وما منحته الوسائل التكنولوجية من سرعة الانتشار، حيث يقول في حديث لـ “الشعب”: “إنّ الكتابة بوصفها فعلاً ثقافيا إنسانيا تابعا لتطور العقل البشري، من بداية سذاجته إلى غاية تطوره وتقدمه اليوم، فمن التعبير الكتابي باستعمال الرسوم النحتية على الأحجار والأخشاب، إلى تدوين أيام الشعوب وتداول الأمم، وصولا إلى الأشكال الروائية والقصصية الواقعية إلى الإبداع العجائبي والملاحم وغيرها”.

وأشار عبد اللطيف سفيان إلى أنّ الكتابة مرت بالكثير من التكييف الذي قادها إلى مراحل النضج، مؤكدا بأنّ الاهتمام بالأشكال الكتابية، يتزايد مع انتشار عولمة الشعوب، واجتماعهم في قرية صغيرة من أجل النفوذ إلى ماهية أفرادهم وحياة أجناسهم، وحسبها أن يكون دورها المنوط بها هو أهم دور في فهم كل حيثيات الحياة الحضارية والثقافية للبشر.
وأضاف قائلا: “لا يخفى أنّ الاهتمام يتزايد والكتابة تتخذ لها أشكالا حداثية أكثر ارتباطا بما يقع من الأحداث، فخرجت لنا الكتابة الاستعجالية، والكتابة المناسباتية والكتابة الالكترونية”.
وأكّد محدّثنا أنّ ما ساعد على وجود الكتابة الالكترونية، هو ورود إحصائيات جدية في انصراف الناس عن الكتاب الورقي، وتوجّههم إلى الكتب الالكترونية بكل أنواعها، وميلاد الشبكات التواصلية كالفيسبوك والسكايب والتويتر، وبروزها كمنحى جديد لكسب الشهرة في وقت قصير، مشيرا إلى أنّ الكاتب يسعى إلى فتح حسابات كثيرة في مواقع متعددة، يضمّ إليها أكبر عدد ممكن من الأصدقاء الذين ينشرون أعماله ويذكرون محاسنها أو ينتقدونها.
وأبرز عبد اللطيف الفرق بين الكتاب الالكتروني والكتاب الورقي، موضّحا أنّه بغض النظر عن المساوئ التي يتميز بها الأدب الالكتروني إلاّ أنّه يجب الاهتمام به، قائلا: “من الناحية الفنية جد مقبول ويتميز بالإبداع”، لا سيما وأن العقل البشري ـ حسبه ـ في هذا العصر قد وصل إلى مستويات جد متقدمة، من الإدراك والتحصيل والإبداع الجميل، ويبرز ذلك فيما تنتجه نخبة واسعة من الشباب المبدع كل يوم، فضلا عن تنوع الأشكال الفنية التي يعرض من خلالها هؤلاء الشباب أعمالهم، ولكنها تنطفئ بمجرد مرور مدة زمنية قصيرة عليها، وذلك لإهمالها مستوى الكتابة والتدوين التي تحفظ لها وجودها واستمراريتها عبر العصور”.
ويرى عبد اللطيف أنّ للكتابة الفضل في نقل الإبداعات الكثيرة من الأزمنة الغابرة، إلى عصرنا هذا، مؤكدا بأن معظم شباب اليوم لا يدركون أهميتها، لانخداعهم بالنجومية المؤقتة التي ينالونها.
«لا يمكن اتّهام الكتاب الورقي بالتخلف والزوال، لأن هذه التهمة التي لحقته في كل زمن من الأزمنة الماضية أثبت الواقع بطلانها”، هذا ما أكده أيضا عبد اللطيف سفيان، قائلا: “وجب الاعتراف بأن الكتابة بكل أشكالها الدائمة،هي على قدر سامق من الأهمية في تخليد الإبداعات، وما على الشباب إلى ركوب صهوتها، وإلا وجدوا الزمن السائر يضعهم على هامشه في منعرجات تنقله بين الأمم المتداولة”.
وفي ذات السياق، وفي إجابة عن سؤالنا  فيما يتعلق بمكانة الكتب الالكترونية وهل عصر الورق بدأ يتراجع لصالح  الثقافة الرقمية؟ فيقول: “لا يمكن القول بأن عصر الورق قد ولّى، فحقيقة الممارسة غير ذلك، بل إنّنا نرى تزايدا رهيبا في عدد دور النشر والترجمة والطباعة، ويعود ذلك على الأرجح إلى الرغبة في تخليد المآثر بالكتابة، لأنها النقطة الأهم فيها”، مضيفا بأن الأعمال الخالدة تحقّق نجاحات لا مثيل لها في الكتاب المطبوع، ويخبو صداها في العالم الرقمي، لأنها ذات تسلسل بين بداياتها ونهاياتها ولا تكتمل جمالية حبكتها إلا بالمرور على المحتوى كله إجمالا وتفصيلا، ولا تتحقّق لذة القراءة إلا بالغوص فيها بالتركيز والإمعان الذي يخلف حلاوة طويلة الأمد، بينما تلتغي لذة الكتابة الرقمية بمجرد الانصراف من مكان الاتصال بجهاز الكمبيوتر.
ويضيف قائلا: “أرى أنّ القول باتساع الكتابة الإلكترونية على حساب الكتاب الورقي أمر مبالغ فيه إلى حد ما، لكنه يجدر الاعتراف بوجود اهتمام حقيقي من جمهور القراء بالكتابة الرقمية، كما يليق أن نذكر هنا بأن الرقمية ـ يضيف المتحدث ـ تسهم أيضا في منح الكتابة الورقية ميدانا آخر للتنافس والانتشار، عندما نرى أن جزءا غير يسير من الكتب الموجودة على الشبكة العنكبوتية هي كتب مطبوعة مصورة، أو مقاطع من كتب مطبوعة أصلا، فمن يحسن استعمال الرقمية قد يجعلها أداة ماضية في خدمة الإبداع المطبوع”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024