الدكتور والباحث محمد داود :

المدرسة تساهم في بناء الهوية الجماعية للمجتمع والهوية الفردية

حوار: أمال مرابطي

أبناؤنا لا يملكون معلومات حول الأدباء  والمفكّرين الجزائريّين
أوضح محمد داود الأستاذ بجامعة وهران  والملحق الاعلامي بوزارة التربية الوطنية في  حوار خصّه لـ “الشعب”، على أهمية الكتاب المدرسي بالنسبة للطفل التي تجعله يتلاءم ويتكيف مع محيطه، وقال بأنّ أمورا بديهية بالنسبة لكل نظام تربوي يطمح لتعزيز مكانة الواقع لدى الأطفال، مشيرا لغياب النص الجزائري عن محتويات الكتاب المدرسي، فكان هذا الحوار.

 الشعب: الكتاب المدرسي وماذا يعكس من واقع على الطفل؟
 الأستاذ محمد داود: بطبيعة الحال الكتاب هو خزان الأفكار والمعلومات التي يمكن للطفل أن يستفيد منها، وبالتالي يكوّن شخصيته الثقافية والفكرية، ولهذا لابد للكتاب أن تكون له أهداف تربوية تجعل من الطفل يتلاءم ويتكيف مع واقعه. فهذه الأمور بديهية، بالنسبة لكل نظام تربوي يطمح إلى تعزيز مكانة الواقع والمحيط في أذهان التلاميذ، وأن يجعل منهم مواطنين صالحين، ولهذا لا بد أن يتضمن الكتاب مضامين تاريخية وأدبية  وهوياتية ترمي إلى تمتين علاقة الأطفال بمحيطهم العائلي والوطني، فالمدرسة تساهم بشكل كبير في بناء الهوية الجماعية للمجتمع  والهوية الفردية للأفراد، من هنا تظهر أهمية المدرسة وأيضا خطورتها.
 النّص الجزائري غائب عن وطنه في منظومتنا المدرسية، حيث نلاحظ الكثير من الاقتباسات لنصوص أجنبية وأخرى تنقل من الأنترنيت، هل يتناسب هذا مع منظومتنا أم  ماذا؟
 صحيح، إنّ النص الجزائري غائب تماما عن محتويات الكتاب المدرسي، كون أبناءنا لا يملكون معلومات حول أشهر الأدباء والمفكرين الجزائريين، الذين قدّموا الكثير لهذا الوطن عبر المراحل التاريخية المختلفة، نذكر على سبيل المثال لا الحصر رواية “الحمار الذهبي” لأبوليوس وهو أديب عاش في الفترة الرومانية، والأدباء الذين عاصروا الفترات التي تبعت مجيء العرب إلى شمال إفريقيا، والأدباء الذين عايشوا الفترة الاستعمارية وفترة الاستقلال من أمثال محمد بن شنب، الطاهر وطار، مرزاق بقطاش، كاتب ياسين، محمد ديب، زهور أونيسي، آسيا جبار وأيضا الأدباء الجدد الذين درسوا في المدرسة والجامعة الجزائرية من أمثال أحلام مستغانمي، لعرج واسيني، بشير مفتي، حميد عبد القادر، سمير قاسمي وغيرهم كثر. وقد كشفت مصادر من وزارة التربية أنّ العديد من النصوص التي تتضمّنها الكتب المدرسية هي عبارة عن نصوص “مجهولة الهوية” تم استنساخها من مواقع إلكترونية دون الإشارة لأصحابها، وهي كارثة ما بعدها كارثة، فالأمير عبد القادر غير معروف بصفته شاعر ومتصوف.
 الطّفل هو الحلقة الأكثر جاهزية وخصوبة، لماذا منذ البداية لا  نعرّفه بكتاب وطنه؟ وهل تتعامل الأقطار الأخرى بما نجنيه نحن؟
 بطبيعة الحال فالطفل هو الأكثر عرضة للتأثر بالأفكار، كونه لا يملك تجربة ولا معلومات تدله على النهج الصحيح في الحياة، بل هو يتعلم كل شيء منذ نعومة أظافره، فلا يستوعب إلا ما تلقّنه له العائلة والمدرسة من أفكار وقيم، وبالتالي فهو عرضة للتغليط، إذا لم يؤخذ به ويتم توجيهه التوجيه الصحيح.
والمعلوم أنّ كل البلدان تسعى من خلال البرامج الدراسية إلى تحصين أبناءها بالتلقين الصحيح للمبادئ والقيم الوطنية والدينية والثقافية المتعلقة ببلادهم. وهنا لا بد من التذكير أن المدرسة تلعب دورا كبيرا في هذا الأمر.
 الكتب التّاريخية بما تزخر به، هل هي قادرة أن تقرّب المادة من الأذهان وتجعل المهتمّين بها يحبّونها ويتملون بمزاياها
وفضائلها؟
 التاريخ إلى جانب الأدب هو الذي يربط الفرد بوطنه ويجعله يتفتّح على الآخر، فكل الشعوب تملك “أساطير مؤسسة” أو قصص تاريخية تبني المخيال الفردي والجماعي. ولا يمكن لشعب يجهل تاريخه، القديم منه  والوسيط والمعاصر أن يرتبط بوطنه بشكل عادي، ويعتزّ بهويته الوطنية وبانتمائه الحضاري، إذا لم يتعلم تاريخ بلاده منذ صغره ويعرف الأمور الإيجابية وحتى السلبية عن وطنه أن يتمسّك بطموحات وآمال مواطنيه
ومجتمعه. وهنا تكمن أيضا أهمية التاريخ بل خطورته، لأن التاريخ يملك وظيفة إيديولوجية تؤسّس للانسجام الوطني، إذا تمّت الاستعانة به بشكل جيد، وسعى المؤرخّون في كتابة تاريخ يخدم المواطنة ويجعل الفرد الجزائري يتصالح مع ذاته ومع محيطه، ويخدم بلاده بشكل يتوافق مع المصلحة العامة والبعد الاستراتيجي للوطن.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024