فارق الدنيا وأمنيته طبع أعماله

ندعو أن تحمل جامعة بشار اسمه فليس هو بالهين ولا بالقليل

بقلم: الطاهر يحياوي

 حسين فيلالي، أيها الحبيب الغالي عليك عهد الله ما نسيناك يا فيلالي. رحمه الله، هو من الأدباء الرائعين الذين حدّدوا مسارهم الإبداعي منذ البدايات الأولى وتمسكوا بوعي روحي وحضاري لروح الأمة الجزائرية فهو من هذا المنحنى يعد من أدباء الأمة الجزائرية الذين تشربوا روحها وتمسكوا بنبضها المتميز، ولذلك راح حسين فيلالي رحمه الله يبحث بجهد عبق عن خيط روح الأمة لينسج أدبا رفيعا يتلاءم ومسارها الحضاري والتاريخي ويتطلع إلى أفقها الأتي المشرق بدلالاتها الخصوصية، إنه واحد من الذين حفروا بقوة من أجل إبداع جزائري راقٍ ومتميز وطافح بخصوصية الجزائر تاريخا وانتماءً.
لقد وطن حسين فيلالي نفسه على أن يضرب بعيدا لتجاوز الآخر ويرسم علامات التميز في مهمة إبداعية متداخلة ومتضاربة ليحقق إرثا إبداعيا بديلا لأدب دخيل غير متماسك وغير منسجم، فهو واجهة من واجهات أدب العودة والحنين أو أدب العشق والانتماء، كما كان واجهة بارزة في الحراك الإبداعي التنافسي بين إبداع الجاحظية وإتحاد الكتاب، أيام العشرية السوداء والحمراء .
كان الدكتور الفقيد فيلالي ببشار والدكتور عبد الحفيظ بورديم من الأسماء اللامعة التي كانت ترتفع بقامتين إبداعيتين في غربنا الجزائري أمام واجهات إبداعية كانت قد رسمت وجودها حيث كانا في مستوى التطلعات، فعقدا العزم وبعد أن كانا مجرد طالبين أصبحا دكتورين ومعلمين بارزين قادرين على أن يذهبا بعيدا خارج حدود الوطن وكان في مهمتنا أن يكونا خط الجزائر الإبداعي والثقافي على حدودنا مع المغرب الشقيق ونحن ندرك أن هناك تواصلا ثقافيا ما بين الأدب الجزائري والمغربي قد كانت بداية حسين فيلالي بكتابة القصة القصيرة فكان يكتبها عن وعي بشرطها الفني والإبداعي فكانت قصصه حبكا راقية لغة وتكثيفا ومرموزا مما نوّلها الجوائز والاعتراف والتقدير.
قال لي أنا الآن أريد أن أجمع أعمالي وأطبعها، إنه كان يعد للارتقاء للواجهة فقد كان شغفه وكانت هذه هي رسالتنا
 إن أول عمل صدر له “السكاكين الصدئة “ في إبداع وإياكم فرح بها وفرحت به ثم مضى يؤسس لوجوده الإبداعي وانخرط في الدرس النقدي المؤسس وامتد جهده إلى تونس والمغرب وراح يحث الخطأ وهو يرسم لكتاباته أفقا بعيد المدى، لقد بدل الدكتور حسين فيلالي جهودا إضافية كانت فوق طاقاته، فهو أديب خلوق، صاحب ضمير لا يسمح لنفسه بالتقصير ومن جميع الجوانب لقد زرته في بشار رحمه الله ورأيت بنفسي، كيف يعد الدكتور حسين درسه لطلبته في الجامعة، إنه لا يشفق على نفسه أبدا يحضر ويعيد وأنا ضيف عنده ويلتفت إلي مرة ليقول لي الأستاذ ينبغي أن نكون قدوة لطلبتنا إن الطالب لن يحترم الأستاذ إذا لم يكن في المستوى المطلوب ولا أقول شيئا فالأعمار بيد الله ولكن أقول أن حسين تعب كثيرا وأتعب قلبه وهو في ريعان العطاء الزاخر وأن آخر مرة إلتقيت فيها به قبل أن يقضي نحبه وقد جاء لزيارة المعرض الدولي للكتاب وكان برفقة الروائي مفلاح.
قال لي أنا الآن أريد أن أجمع أعمالي وأطبعها إنه كان يعد للارتقاء للواجهة، فقد كان شغفه وكانت هذه هي رسالتنا أن تكون لنا واجهات تستقبل الواجهات التي سبقتنا واعتلت قمة الوطن، والآن هل أقول أنا حزين لفراق حسين فو الله ما كتبت حرفا من هذا التعليق إلا والدمع يسقيه لقد خسرت الجزائر الغالية اسما محبا ووفيا لها كانت رسالته أن يرفع ذكرها في الأوطان وذهب وهو على مشارف النجاح والتألق لقد ربطتني بالدكتور حسين فيلالي عشرة طويلة كانت كلها صفاء ومحبة ووفاء سواء في ذلك قبل أن يجمعنا إبداع أو ما بعدها.
إذا كانت من كلمة، تقال هاهنا، في وداع هذا الرمز المهووس بحب الجزائر وثقافتها إنه علينا جميعا أن ندفن الدكتور حسين فيلالي دفنا ثقافيا يليق بمقامه وبمستوى حبه للجزائر وثقافتها وان نصدر أعماله مجموعة لتبقى كنزا للجزائر كما كان يحب وان نعطيه حقه علينا بإحياء ذكراه ولا أخال أن وزارة الثقافة تقصر في ذلك وهي التي كثيرا ما بادرت إلى أعمال جليلة لكثير من الراحلين الخالدين وأنه من واجبنا أن نوجه النداء لجامعة بشار ومديرية الثقافة ودار الثقافة ببشار أن يقوموا بالواجب ولا أخالهم إلا فاعلون فحسين وعبد القادر من سالم وغيرهم هم الذين ساهموا في نزع ظلام البعد والعزلة عن بشار، فقد فقدت بشار قامة وظلا كبيرا كان يمثلها وطنيا ودوليا. ومن هذا المنبر، أوجه النداء إلى السيناتور الأديب القاص المتميز جدا رفيق الدكتور حسين فيلالي، لأن يؤدي واجب الأخوة والوطن في بشار وكذا رفيقه الأعز وصديقه الحبيب الدكتور عبد الحفيظ بورديم وكذا الرائعين جميعا الدكاترة: مرتاض وعلى رأسهم الدكتور عبد المالك مرتاض لدفن الدكتور حسين فيلالي الدفن الثقافي الكريم وأن ندعو أن تحمل جامعة بشار اسمه، فليس هو بالهين ولا بالقليل إن ذكرياتي مع الدكتور حسين فيلالي كثيرة وكلها جلال ووفاء وارتقاء وتواصل في رسالة للجزائر آمن بها وتلك الذكريات والمواقف ستعذبني كثيرا ما دمت في هذه الحياة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024