«الشعب» تستطلع الأغنية التراثية بالحضنة

خفّفت ألام وهموم الأمة ورافقت الثورة في صمودها وتحرّرها

المسيلة: عامر ناجح

المقطوعة حملت لغة الشفرة بين المجاهدين والفلاحين

ارتبط الشعر الشعبي أو الأغنية الشعبية بمنطقة الحضنة كغيره في العديد من مناطق الوطن بعدة أحداث ووقائع، جرت خلال الحقبة الاستعمارية من انتصارات وانكسارات وأخذت أبعادا أخرى بعد الاستقلال تمثلت في تدوين تاريخ الأمة وحفظ الذاكرة، وغالبا ما يراد به تخفيف الآلام والهموم عن شعب يعيش ظروفا صعبة في الحرب والسلم والحب والعمل.
تزخر منطقة الحضنة “المسيلة” بموروث كبير لشعراء الأغنية الشعبية  البدوية المتميزة والتي استلهمت العديد من الفنانين الذين تغنوا بها في أكبر المحافل الوطنية وحتى الدولية، وما تزال تردد لغاية اليوم على الرغم من مرور سنوات طويلة على ظهورها، ولعلّ من بين أبرز شعراء الحضنة الشاعر الكبير والمجاهد “محمد بن زوالي” الذي ترك ديوان من الشعر الملحون يظم أكثر من 2600 قصيدة شعرية تغنّى بها الكثير من الفنانين المعاصرين وعلى رأسهم الشاعر والفنان المعاصر “عبد الرشيد مرنيز” الذي أدى العديد منها. ولعلى آخر ما كتبه وهو على فراش الموت:
يا حسراه عليك يا دار الدنيا  - غرارة برجالها عليها قالوا
مالي كنت صحيح تتولع بيا -  أحليل اللي طاح وأرشات أحبالوا
وقد تنوّع الشعر الشعبي بين الشعر المتخصص بالأعراس والأفراح وشعر لنبذ المستعمر وبثّ الحماسة لدى المجاهدين وحتى في عمليات الفلاحة والدرس،  والكرم المشهود لسكان منطقة الحضنة
وللاطلاع أكثر على الموضوع عن قرب والتعرف عن الدور الذي لعبته الأغنية الشعبية، في ترسيم الذاكرة الوطنية تحدثت “الشعب” إلى رائد الأغنية الشعبية الأستاذ والفنان الكبير “عبد الرشيد مرنيز” الذي اشتهر بالأغاني الشعبية وذاع صيته حتى خارج الوطن، والذي أكد أن الأغنية الشعبية لعبت دورا كبيرا في الوقت الحاضر والماضي من توعية وتحسيس وكذا دور تضامني. خاصة خلال الثورة التحريرية المظفرة من خلال تبليغ المجاهدين المتمركزين في الجبال من قبل الفلاحين الذين يقومون بمعلية الحصاد بترديد أغاني وبصوت عال، ليسمعها المجاهدون في سفوح الجبال، ومن بينها:
مازالت تحتفظ بجمهورها الخاص رغم ما تعرف الساحة من تطورات
«راهم حطوا في السكوم يا كلثوم”
وفي نفس السياق أشار المتحدث إلى أن الأغاني الشعبية تشهد طلبا كبيرا عليها في الأعراس، وخاصة تلك التي تروي قصص عن الخيمة والبارود والخيل ومن بينها يقول:
المحفل جباي نسوة أصغارا  -  والجحفة باستارها سحرت بالي
والفارس بالخيمة كاسب مهرات - والسرج لي دابغوا بالفيلالي
ومن جانبه “عمي الطيب” أكد في مجمل حديثه لـ«الشعب” أن الأغنية الشعبية ما يزال لها جمهورها الخاص حتى من الجيل الجديد نظرا لكلماتها الدقيقة والتي تروي ما يقع بحق وحقيقة يضيف المتحدث أن هناك العديد من الأغاني تتعلق بالثورة، ولكن ذاكرته لا تتذكرها كلها إلا القلة القليلة كالأغنية التي تتعلّق بأم تبكي ابنها الذي جند في صفوف الجيش الفرنسي في الثلاثينات من القرن الماضي:
«ياربي سيدي واش عملت في وليدي ^^  ربيتو بيدي واداتو الدولة الرومية
وعن الأغاني التي تتحدث عن الأغاني التي تردد من قبل الفلاحين خلال عملية الحصاد والدرس يقول المتحدث:
أن هناك عدة أغاني من بينها أغنية “شبان أصغار طحوا في قمح أمسبل حطوه أقمار والصلاة والسلام على محمد”
الأغنية الشعبية هادفة ولها قواعدها لمعرفة بعض الخصوصيات أكثر اقتربت “الشعب”من الدكتور “ناجح مخلوف”رئيس قسم علم الاجتماع جامعة محمد بوضياف ـ المسيلة حيث أكد:«أن الأغنية الشعبية تتميز بحد بنائها بأبعاد إثنية أنثروبولوجية، كما أنها تبين فكرة تاريخية على النمط الإثنوغرافي الجزائري في حياته الاجتماعية التي تربط بين ثنايا الماضي والحاضر نسيجا متزامنا في العيش اليومي من عادات وتقاليد وممارسة العمل الفردي والجماعي في المهن والأنشطة المختلفة ـ يضيف المتحدث ـ أن الأغنية الشعبية حافظت على كم هائل من تاريخ البلاد، وأن السلطات الاستعمارية خلال الحقبة الاستعمارية قامت بترجمة الكثير من الأغاني والقصائد الشعبية حتى تتمكن من فهم وضع البلاد باعتبار الشعراء من عامة الناس وكانوا أقرب إلى الحقيقة في مختلف الميادين، وأشار الدكتور ناجح مخلوف إلى أن الأغنية الشعبية لعبت دورا كبيرا أثناء الثورة التحريري، حيث كانت بمثابة محفز للصلابة بالنسبة للمجاهدين والثوار ووصف الخسائر التي تكبدها العدو، وفي نفس الوقت كانت مخفف الآلام والهموم عن شعب يعيش ظروفا صعبة للغاية من بطش الاستعماري، وسعي العملاء لإجهاض الثورة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024