كثيرة هي الأسماء التي عاصرت وعرفت الإعلامي والمفكر الأديب الراحل «صالح زايد»، لكن القلة القليلة من تستفز اليوم الذاكرة لتتحدث عن هذا الرجل بعد سنوات طويلة من الجحود والنسيان، وهو الذي نعته من أحبوه بصاحب المبادئ الراسخة والمواقف الجريئة التي تحدى بها صراعات ومتناقضات عصره، فأشهر قلمه مدافعا عن أفكاره متحديا أشباه المثقفين، لكن رحلة حياته التي كانت كلها معاناة جعلته متمردا استعجل فيها هذا الرجل المثقف الرحيل وهو لا يزال في ريعان الشباب. ومن الشخصيات القلة التي كانت قريبة منه بحكم الصداقة والمهنية، الإعلامي والناقد المسرحي علاوة جروة وهبي، جريدة «الشعب» تقربت منه للإدلاء بشهادته حول الجوانب المختلفة من حياة هذه الشخصية التي تركت بصمتها في الساحة الثقافية الجزائرية. يقول الأستاذ علاوة جروة وهبي عن صالح زايد: «ما يمكن قوله أن صالح زايد رحمه الله كان إنسانا في تعاملاته مع الآخرين، كما أنه قلما وناقدا مميزا من أبناء جيل السبعينات في الحركة الأدبية في الجزائر». كان جريئا لا يتردد في التعبير عن رأيه بطرق قد تغيب عن الآخرين،عمل في مجال الصحافة بأسبوعية «المجاهد»، ثم انتقل منها ليتحرر من ارتباطات العمل ويكون متفرغا للقراءة والكتابة. اهتم كثيرا بـ»أدب البحر» وكتب عددا من الدراسات النقدية عن الروايات التي تتحدث عن البحر، نشرت أغلبها في الصحف الجزائرية كجريدة «النصر» وغيرها، وكان يعد لإصدار كتاب نقدي في هذا المجال، كما أنه اهتم بالمسرح الجزائري وكتب العديد من الدراسات حوله، كما أعد العديد من الحصص الإذاعية عن الحركة المسرحية في الجزائر، وحسب علمي الخاص قد دفع بمخطوط حول المسرح إلى الشركة الوطنية للنشر والتوزيع «سناد» آنذاك، ولكن يبدو أن المخطوط قد ضاع ولا أحد يعرف مصيره حتى الآن ؟ كان صالح زايد رحمه الله شغوفا بالقراءة لا تراه إلا والكتاب في يده، أو جالسا يلتهم كتابا بعينيه، كان عطوفا ورقيقا في تعاملاته، كما أنه مجادلا عنيدا لا يتخلى عن قناعاته ولكنه لا يرفض قناعة الآخرين.
كان موته صدمة كبيرة خلفت فراغا يمكن القول أنه كبير في ميدان الحركة النقدية الأدبية في الجزائر ولو قدر له البقاء على قيد الحياة لكان من ألمع الأقلام النقدية في الجزائر.
