تعتبر الجزائر بلدا سياحيا بامتيازا لتعدد بيئته ومناخه الطبيعي على مدار الفصول الأربعة من كل سنة، تضاف إلى طبيعته تاريخا عريقا يختصر العديد من الحضارات الانسانية التي تعاقبت على هاته الأرض، مخلّفة موروثا أثريا له أبعاد ثقافية متشعبة، تضفي على الطابع السياحي للبلاد المزيد من المقومات المشجعة للقطاع السياحي من خلال توظيف هاته المعايير الأثرية والثقافية في المتاحف ووضعها أمام السائح على مدار العام.
سوق اهراس أو مدينة الأسود طاغاست جمعت بين البعدين، البعد الطبيعي الخلاب والبعد التاريخي الثقافي والاثري العريق، ما يعتبر امرا مشجعا لتطوير القطاع السياحي والانفراد بتوظيف البعد الاثري التاريخي للمدينة في القطاع السياحي،لمعرفة هذا الموضوع أردنا اجراء هذا الحوار مع السيد جبابلية رشدي رئيس المستخدمين على مستوى متحف سوق اهراس، نحاول أن نعرف مدى توظيف المتاحف في تدعيم القطاع السياحي في الولاية، وماهي الفرص التي يمكن من خلالها أن تكون المتاحف جاذبة للسياحة بسوق اهراس؟
«الشعب»: ما هو واقع وحال المتاحف في سوق أهراس؟
جبابلية رشدي: يوجد متحف واحد وهو المتحف الحكومي الذي مازال لم يرتق إلى مصاف تدعيم الحركة السياحية بقدر ما يرتبط بالاحداث التاريخية والمناسباتية كأول نوفمبر وعيد الاستقلال واهم المحطات الثورية.
هناك ايضا بعد المتاحف على الهواء الطلق والتي ترتبط بأهم المناطق التاريخية والأثرية مثل المدينة الأثرية مادور بمداوروش وكذا المسرح الروماني بخميسة والاثار الرومانية في المدينة القديمة، وهي ايضا متاحف مفتوحة تقترن بالعديد من المناسبات الثقافية التي يتم إحياؤها بالمنطقة على الهواء الطلق .
ايضا متحف محمد بوضياف مازال لم يصل الى مستوى تدعيم القطاع السياحي للعديد من الأسباب التي ترتبط اساسا بالثقافة السياحية للمواطن الجزائري التي مازال بعيدة كل البعد عن توظيف المناطق التاريخية والأثرية واعطاء المتحف وظائف اخرى غير عرض الجوانب التاريخية الى تنظيم ايام سياحية على مستوى تشجيع وتحفيز الأطفال والأسر الى الذهاب الى المتاحف التي تتمتع بالعديد من المرافق الهامة على غرار حديقة طبيعية وفضاء للمطالعة ومكتبة مجهزة بالانترنت الى غير ذلك وبالتالي المتاحف حاليا بحاجة ماسة الى انفتاح المجتمع عليها اكثر من ذي قبل. من زاوية اخرى هناك متاحف الفنون الجميلة بسوق اهراس وأخص بالذكر، الفنان الكبير والخطاط بن مدينة سوق اهراس محمد بوثليجة والذي اشرف على العديد من الاعمال الفنية فيما يخص الخط العربي بسوق اهراس، والذي يجعل من بيته معرضا ومتحفا فنيا مفتوح على الهواء وهي مبادرة ممتازة خاصة اذا كان هناك فضاء ملائم لعرض هاته الأعمال امام الزوار المحليين وحتى القادمين من خارج الولاية.
أيضا يتم على مستوى المتحف الحكومي بسوق أهراس عرض العديد من الافلام التاريخية بصورة مجانية، كان من المفروض أن يكون هناك انفتاح اجتماعي على هذا المعلم التاريخي.
ماهي الإستراتيجية للنهوض بالسياحة المتحفية؟
جبابلية رشدي: هناك رؤية هامة فيما يخص النهوض بالقطاع السياحي وتوظيف المتاحف في هاته الرؤية، لكن ننتظر ان تكون أولا هناك جدية كبيرة في التعامل وطرح هاته المبادرة من طرف القائمين على المتاحف الحكومية اولا، ثانيا ان يفتح المجال امام الخواص من اجل خلق متاحف في شتى الفنون والحرف والمواد الاثرية من اجل خلق ثقافة سياحية تقوم على زيارة المتحف، والعودة به الى المؤسسات الاجتماعية الاخرى. كذلك ننتظر ان تدعم هاته الرؤية بحركة اعلامية جادة ايضا، تقوم على الترويج وتحفيز الفرد لاكتساب ثقافة زيارة المتاحف، والتخلي عن المناسباتية في التوجه الى المتحف، من اجل تدعيم الموروث الثقافي والحضاري، الى جانب تقديم خدمات للفرد فيما يتعلق بحياته اليومية وجوانبه المعرفية، أيضا هناك ذهنيات مازالت تتعامل في هذا القطاع بحذر شديد خاصة إذا تعلق الأمر بالوثائق التاريخية والآثار ما اعطى جانبا من التعتيم والاحتكار ان صحّ التعبير في الاستفادة من هاته المقومات للمواطن والفرد، وبالتالي نجد الفرد تلقائيا ينصرف عن زيارة المتاحف والتردد عليها اذا كان يقابل بتصرفات تدعو الى الشك والريبة، هذا ما يستدعي من القائمين على القطاع ضبط الوظائف المنوطة بالمتحف واحترام خيارات الزائر في الاستفادة والاستزادة مما هو متوفر من مواد ثقافية علمية وحضارية على مستوى هاته المعارض بالصور التي تحقّق له الأشباع سواء كانت صور طبق الاصل او مصورة بالفيديو او موثقة بالصوت.
كذلك نتمنى ان توظف تكنولوجيات الاعلام والاتصال في عرض اهم المواد الموجودة على مستوى المتاحف الحكومية والخاصة، على شاكلة المتحف الافتراضي الذي يستخدمه متحف «اللوفر» اين تتسنى لك في اي وقت زيارة المتحف الافتراضية عن طريق ولوج شبكة الانترنت، وتعطيك اهم الشروحات والتوثيق كل الأحداث وخلق فضاء تفاعلي يسمح للسائح الحصول على اهم الخدمات المتوفرة بمرونة عالية.
