ماذا يحتاج المسرح العربي أكثر من المهرجانات الموسمية؟؟

رابية، طالبي، الطريفي، تأكيد على أهمية التواصل الدائم بين الفنانين العرب

أم الخير سلاطني

نجاح مهرجان المسرح العربي مكسب للجزائر دولة وشعبا

على الرغم من الوصف الذي يطلق على المسرح أنه فن الانفتاح والتنوير و شكل من أشكال حرية  التعبير، و بالرغم من تشابه هموم المجتمعات العربية وكثرتها إلا أن مستوى الأداء الوظيفي الاجتماعي لأب الفنون  قد تراجع كثيرا، خاصة على منحى التأثير في الفكر الجماعي الذي وجد المسرح من أجله.
ومن هذا الباب يسعى الحاضرون المشاركون في المهرجان العربي للمسرح الذي يقام هذه السنة بالجزائر بين مدينتي وهران و مستغانم، إلى فتح نقاش واسع حول سبل الاتفاق على رؤية مشتركة و موحّدة للمضي بالفن المسرحي قدما إن لم تكن محاولة منهم لاستعادة أمجاد وحيوية المسرح العربي التي عاشها في فترات سابقة من التاريخ مقاوما و مناضلا حاملا لهموم و قضايا الشعوب و المجتمعات العربية.

 إن المهرجان العربي للمسرح الذي ارتدى ثوبا جزائريا و لمسة وطنية مباركة قد توسع هذه السنة ليشمل اهتمامه بالمسرح الجامعي و مسرح المسار الثالث لفئة المعوقين و ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى الاهتمام البالغ بإقامة ورشات للتكوين و التدريب في فنون التمثيل والكتابة المسرحية و الإخراج و غيرها.
يشكل ذلك بدون شك مكسبا للفنانين المحليين و كذا هواة المسرح من خلال احتكاكهم بأشقائهم العرب واكتسابهم للمهارات و الخبرات الجديدة في الأداء الفني المسرحي و المؤكد في كل ذلك أن المهرجان العربي للمسرح الذي تحتضنه الجزائر هو بمثابة العرس الثقافي الكبير الذي يجمع العرب بجوهرة الأبيض المتوسط و جارتها «مسك الغنائم» المدينة العربية الوحيدة التي يشقها خط غرينتش في معادلة وكأنها ترمي  عمدا إلى توحيد توقيت و نظرة ضيوفنا العرب.  دلالات ومؤشرات عدة يحملها مهرجان المسرح العربي الذي تحتضن الجزائر دورته التاسعة مانحة إياه شهرة أحد أبطال و شهداء الركح الجزائري «عز الدين مجوبي» ومعدة له كل الإمكانات البشرية والمادية اللائقة به و بضيوفها العرب، في مرحلة اقتصادية ظرفية شبه خانقة و كأنها ترد سياسيا و اجتماعيا لا ثقافيا و فنيا على الباغضين و الحاقدين على استقرارها و أمنها « نحن بألف خير بالرغم من همومنا الكثيرة»، لذلك لن يكون مهرجان المسرح العربي مجرد تظاهرة ثقافية ضخمة و عابرة فحسب، إنما ردا للعالم بأسره أن نسائم الربيع بمعناه الجميل تهبّ هنا في الجزائر الأرض الطيبة و الرحم المباركة التي لم و لن تكف عن إنجاب الرجال.
خالد الطريفي: سيكون للمسرح العربي حياة جديدة بعد هذه التظاهرة
يتواصل جزء هام من فعاليات التظاهرة العربية «مهرجان المسرح العربي» بمدينة مستغانم، الجميع هنا من طلبة جامعيين، فنانين و أكاديميين ألغيت أسماؤهم و هوياتهم أمام هدف أسمى « كيفية الارتقاء بالمسرح و تفعيل أدائه الاجتماعي خارج الأطر المناسباتية و التظاهرات الموسمية «، بمثل ما  أكد الفنان العراقي خالد الطريفي لـ»الشعب» المسرح يحتاج إلى تواصل دائم، مشيرا أن حياة المسرح ستبدأ بعد نهاية هذه التظاهرة، أ وليس في بعض النهايات بدايات موفقة؟
غياب التواصل والاحتكاك المتواصل بين الفنانين العرب خلق القطيعة
أسماء عربية عدة حضرت لمستغانم و انسجمت كثيرا مع أهل هذه المدينة الطيبين، لكن بعض من هذه الأسماء و الشخصيات لا يعرف عنها شيئ سوى من خلال البطاقات الفنية التي وضعت للتعريف بها أمام عتبات قاعات الورشات التدريبية لفائدة الطلبة و إطارات مصالح الثقافة و المسارح الجهوية، و غياب المعرفة الدقيقة بالشخصيات الفنية المسرحية الحاضرة لمهرجان المسرح العربي كان متقاسما بين ممثلي وسائل  الإعلام، الطلبة و حتى الفنانين الجزائريين، حيث أكدت سيدة الركح الجزائري الفنانة نادية طالبي ذلك.
 مرجعة الأمر إلى غياب الاحتكاك و التواصل بين الفنانين العرب، مضيفة في حديث جمعها بـ»الشعب» أن فئة الفنانين الجزائريين ليست لها دراية كافية بالعروض المقترحة من طرف الهيئة المنظمة للمهرجان و لا دراية واسعة عن المسرح العربي أوسع و ذلك ما أطلقت عليه الفنانة طالبي وصف القطيعة الواقعة بين الفنانين العرب بفعل عوامل عدة منها غياب الاتصال و التواصل و الأوضاع الأمنية التي أثرت سلبا على المشهد الثقافي العربي عموما.
 مضيفة أنه من الايجابيات و الأفضال التي تحسب على المهرجان ذلك الاحتكاك الذي وقع بيننا و بين فنانين مسرحيين عرب، بذكر أهمية الاحتكاك في كسب الأفكار و الخبرات الجديدة، و أشارت الفنانة نادية طالبي بتأثر بالغ أن هذه التظاهرة كانت حلما للمسرحي الراحل «علال المحب» الذي كان يتوق لمشهد يجمع جميع الفنانين العرب على خشبة مسرح واحد و فعلا ذلك ما يحدث بين الأحضان المتلاقية لوهران ومستغانم التي جمعت بين المغرب و المشرق في حضن الجزائر.
اللقاء مناسبة لتقييم المشهد المسرحي الجزائري مقارنة بالمستوى العربي
 أما الفنان المسرحي عبد الحميد رابية قال إن اللقاءات و الاحتكاكات بين الفنانين صارت محصورة في المهرجانات والتظاهرات الموسمية، مؤكدا أن فرصة اللقاء ستكون مناسبة لتقييم المشهد المسرحي الجزائري مقارنة بالمستوى العربي، غير ذلك حملت الفنانة نادية طالبي والفنان عبد الحميد رابية من خلال مقابلة صحفية لـ»الشعب» على هامش مهرجان المسرح الجامعي المنظم بمدينة مستغانم، - هموم المسرح الجزائري التي لا تختلف كثيرا عن هموم المسرح العربي، بعيدا عن إشكالية هوية المسرح العربي الذي لا يحتاج في الوقت الراهن إلى تجاذب شديد في الآراء و الأفكار حول نشأته عدا ما تعلق بحاجته الأساسية للبقاء.
الأنظمة العربية مسؤولة عن بعث صحوة الحركة المسرحية
أكد رابية لـ»الشعب» أن المسرح الجزائري منذ الاستقلال مرّ ّبمراحل ثلاث منها مرحلة الأمجاد في السبعينيات التي تمخض عنها بروز أسماء ذات قدرات عالية و مبدعة، إلى المرحلة التي هبت فيها رياح الديموقراطية العاتية فأثرت على المسرح وتسببت في تراجعه، و أضاف عبد الرحمن رابية أن أي صحوة للحركة المسرحية ستكون صعبة خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الوضعية الصعبة للمؤسسة المسرحية و تقليص ميزانية الإبداع الثقافي و الفني، متابعا أن فضلا عن قلق و انزعاج بعض الأنظمة العربية من كلمة المسرح، إلا أن هذا الأخير له مردودية تربوية و فكرية اجتماعية و ليس مرودية مالية لذلك يستوجب على الأنظمة أن تتحمل مسؤولية دعم المسرح حتى و لو من خلال إدراجه ضمن المنظومات التربوية بمثل ما هو الحال بالنسبة للجزائر التي تبدي استعدادها لتبني فكرة تدريس فنون المسرح في مختلف الأطوار التعليمية وقوفا عند النجاح و التميز الذي أظهرته فرق المسرح الجامعية.
و أضاف عبد الحميد رابية في حديثه عن إشكالية العزوف و أسباب هروب الجمهور من قاعات المسرح، أن جمهور المسرح صار لا يرى نفسه في مضامين العروض المسرحية المقدمة، الأمر الذي أكدته الفنانة نادية طالبي قائلة أن جمهور المسرح اكتفى بمشاهدة العروض الهزلية و الفكاهية حيث أصبحنا نشاهد الكثير من « السكاتشات» عوض مسرحيات قائمة بذاتها و بهدفها الأسمى في التوعية و التنوير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024