الكتابة للطّفل حقل يصعب الخوض فيه

الإلمام بعالم النّاشئة والتّواصل معها سرّ نجاح القصص

حبيبة غريب

«احكي لي قصصا للأطفال غني لي»، هكذا يقول الشاعر الكبير نزار قباني في إحدى قصائده، مشيرا إلى وقع قصص الأطفال الجميل على الروح والقلب، والتي تساعدنا على حمل الطفل الصغير معنا والعمر يتقدم، فغالبا ما ترافقنا طيلة حياتنا ذكريات القصص والأساطير التي تحكى لنا أو التي نقرأها نحن أطفال،  مواضيع وحكايات تفتح الباب واسعا للمخيلة وللأحلام، وتجعل من الصغار مغامرين كبار في تقليدهم للشخصيات والتعلم من شجاعتها وفطنتها وذكائها، وحبها للعدالة والخير والآخر.
إنّه عالم أدب الطفل الذي يدخله القليل من الأدباء والمبدعين بالنسبة للطلب الكبير عليه، كونه جنس أدبي يستدعي أكثر من الموهبة، فالمتلقي وبالرغم من صغر سنه لأن من الصعب لفت انتباهه وكسب ثقته، فعفويته الطبيعية النقية تجعل يعجب بالأشياء أو يرفضها تلقائيا وبدون مقدمات، وهنا يكمن التحدي الكبير الذي على الكاتب للطفل أن يرفعه.
 ويتّفق المختصون وعلماء النفس في القول أن من يكتب للطفل ملزم باحترام ضوابط متعددة، فعليه الإلمام بعالم الطفولة ومعرفة كيف التعامل معها، فيجب مراعاة مستوى الطفل، درجة وعيه ونموه، ويشجع في الكتابة كل من له خبرة في تدريس الناشئة والتعامل المباشر معها.
والكتابة للطفل تستدعي حتما اختيار ألفاظ وكلمات سهلة وواضحة، عكس ما نشهده اليوم في بعض الكتب الموجهة للصغار، خاصة باللغة العربية، حيث يخيل لمتصفحها أن الكاتب يتعامل مع طلاب بالجامعة وفي كليات اللغة والأدب، وليس براعم لم تتخط السادسة من العمر.
والمطلوب أيضا، الاستعانة بالصور البصرية والمعاني الواضحة، وكذا حسن اختيار مواضيع القصة، وعناوين وأسماء الأبطال والشخصيات، على أن تحمل الكتابة حس المغامرة والسفر، وتوقظ لدى الطفل الفضول وتنمي موهبته ورغبته في ولوج عالم المغامرة والمعرفة والخيال.
ومن اللائق أن يلم الكاتب بكل مرحلة من مراحل نمو الطفل، وباختلاف قدراته على التلقي والتفاعل مع محور القصة حسب كل مرحلة، وهنا تدخل حتمية الإلمام بثقافة واسعة في كل المجالات، وخاصة تلك المتعلقة بنفسية الطفل وانشغالاته وعالمه الصغير، كما يجب أيضا أن تتعامل النصوص الموجهة إليه مع التطورات التي يعرفها العالم اليوم، ومحاولة إدخال ولو القليل مما يوجد بمحيط الطفل في الوقت الراهن، حتى لا يجد نفسه غريبا عن القصة ومحتواها.
وبين هذا وذاك، يبقى عالم الكتابة للطفل عالما تلبسه الإثارة والحلم والبحث عن المغامرة بين الأسطر والكلمات، لا يدخله إلى ذلك الكاتب المغوار.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024