أستاذ التاريخ الحديث صالح قليل لـ«الشعب»:

نهاية الألفية الثانية أسّست لمرجعية كتابة تاريخ الثورة وبداية الثالثة شهدت طبع الملايين

خنشلة: اسكندر لحجازي

للتاريخ مكانة أساسية في المنظومة الاجتماعية، تصنع المواقف وتحدّد الهوية وترسم معالم الحاضر والمستقبل، فمن لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له، ومن هذا المنطلق شهدت الكتابة التاريخية حول الحركة الوطنية وثورة نوفمبر قفزة نوعية ونهضة تاريخية خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث تمّ إقامة الأسس لمرجعية الكتابة التاريخية بالجزائر، بقيادة عديد المؤرخين وكتاب التاريخ من أمثال أبوالقاسم سعد الله ونصر الدين سعيدوني وغيرهم، هذا ما أدلى به في لقاء بـ»الشعب»، الأستاذ صالح قليل متخصص في التاريخ الحديث والمعاصر بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة الشهيد «عباس لغرور» بولاية خنشلة.

أوضح محدثنا في هذا السياق، أن فترة ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، شهدت في بدايتها الاهتمام بالتاريخ الوطني عموما ثم الانتقال إلى الاهتمام بفروع التاريخ الوطني الحديث الأخرى، وخاصة منها مرحلة النضال السياسي الحزبي وتاريخ الثورة التحريرية.
وبذلك يضيف محدثنا، ظهرت الكتابة التحليلية للتاريخ خاصة في رسائل التخرّج الجامعية «ماجستير ودكتوراه» وانطلقت معها عملية طبع هذه الرسائل في شكل كتب، هذه الأخيرة شكّلت المرجعية الأساسية لكتابة التاريخ بالجزائر.
وبعد ذلك أردف قليل، مع نهاية سنوات التسعينيات وبداية الألفية الثالثة، تمّ إنشاء مركز دراسات الحركة الوطنية وثورة نوفمبر والذي أضحى فعلا وعاء للكتاب التاريخي والمجالات التاريخية مثل مجلتي الذاكرة والمصادر، تلته إقامة تظاهرة ستينية الاستقلال سنة 2012، والتي عرفت طبع الملايين من الكتب والإصدارات التاريخية مع ترجمة أمهات الكتب إلى العربية.
 هذا بالإضافة إلى إصدارات تظاهرتي تلمسان عاصمة الثقافة العربية وسنة الجزائر بفرنسا وزارة المجاهدين التي أولت عناية بالغة واهتمام كبير بالكتاب التاريخي بطبع الملايين منه خلال بداية الألفية.
ومن خلال عمليات الطبع والتوزيع المتتالية المذكورة، أصبحت المتاحف الوطنية والمكتبات العمومية والجامعات وفيرة جدا بالكتاب التاريخي، مثل كتاب جزائر الأمة والمجتمع لمصطفى الأشرف، الجزائر أثناء الفترة العثمانية لمحفوظ قداش، وترجمة كتاب تاريخ الجزائر المعاصر إلى العربية للكاتب شارل روبار اجيرون.
وخلص بذلك محدثنا في هذا الإطار بالقول، «إن الدولة الجزائرية بذلت مجهودات جبارة في عملية إصدار الكتاب التاريخي من طبع نشر وتوزيع، وعملت ضمن هذا السياق على جعل 76 بالمائة من مواضيع الكتاب التاريخي المدرسي تتناول التاريخ الوطني خدمة وتعزيزا لمكانة هذا الكتاب التاريخي في المنظومة التربوية لتلقينه للأجيال».
ضرورة التحسيس بأهمية التاريخ في بناء الهوية والتماسك الاجتماعي للرفع من مقروئيته لدى الشباب
وعن مقروئية الكتاب التاريخي قال الأستاذ قليل»إذا ما استثنينا طلبة التخصّص، فهناك عزوف كبير عن قراءة الكتاب التاريخي بشكل خاص والكتاب بشكل عام، لعدة أسباب منها، حلول فضاء الانترنت مكان الكتاب في منظور القارئ وخاصية طبيعة الكتابة التاريخية في حدّ ذاتها التي تفتقر لعنصر التشويق كونها موجهة أساسا للأكاديميين وكذا غياب الوعي التاريخي لدى العامة لتصورهم الخاطئ بأن لا فائدة من قراءة الماضي». للرفع من مقروئية الكتاب التاريخي وخلق ميول لدى القراء لاسيما فئة الشباب، لا بد حسب نفس المصدر من تبسيط الكتابة التاريخية وجعلها متوافقة مع العمر العقلي للشباب أولا، وكذلك تناول القضايا التاريخية من منظور الحاضر لدفع القارئ لاستشراف المستقبل.
هذا مع ضرورة تنشيط الجمعيات التاريخية والنوادي الثقافية وتجنيدها للتحسيس بأهمية التاريخ في بناء الهوية الوطنية وخلق التماسك بين أفراد المجتمع الواحد وإبراز المصير المشترك مثلما يقول نابليون «العيش في جغرافيا واحدة تضع لنا تاريخ واحدا ومنها نستشرف مستقبلنا».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024