معالم المرحلة القادمة

الأولوية للإستقرار وبناء المؤسسات

جمال أوكيلي.

يكون الإخوة الليبيون في غضون الأيام القادمة بيننا، للجلوس حول طاولة الحوار لإنهاء الإقتتال المتواصل بين أبناء الشعب الواحد، وهذا منذ الإطاحة بمعمر القذافي.
وبمجرد أن أعلنت الجزائر إستعدادها لاحتضان هذا الموعد السياسي التاريخي والحاسم، أبدى “الفرقاء” الليبيون نوايا حسنة في التجاوب مع هذه دعوة لفائد البلاد والعباد. والخروج من كل هذه الأهوال الناجمة عن ذلك الصراع المرير من أجل أخذ زمام الحكم.
وقد اختلطت الأوضاع على الليبيين، وتعقّدت إلى درجة الخوف من دخول البلاد حرب أهلية لا تذر ولا تبقي هذا بسبب تلك النظرة الضيّقة التي لا تفرّق بين الدولة والقبيلة، وهنا الإشكال كل الإشكال.
لذلك فإن الحديث عن المؤسسات يتطلّب الأمر إضفاء عليها طابع الشرعية التي مصدرها الشعب الليبي، وللأسف هذا المنطق غير محبذ لدى الكثير من الجماعات المسلحة التي ترى بأنها صاحبة قرار إسقاط معمر خاصة في الزنتان ومصراتة، هذه النظرة عطلّت كل عمل متوجه نحو إقامة المؤسسات من قبل المحاولات الرامية إلى تنشيط الحياة السياسية والإقتصادية.ففي كل مرة ينهار أي إجماع بخصوص بناء الدولة ونفي بذلك إيجاد المجلس التشريعي وما تبعه من هياكل حساسة وضرورية كالهيئات النظامية (جيش، شرطة)، وغيرها، هذه الأولويات الهامة لم تجد إلى غاية يومنا هذا مكانها اللازم لأداء مهامها على أحسن ما يرام، مما أحدث كل هذا الفراغ المؤسساتي وحل السلاح محل البدائل الأخرى الملحة.هذا كله أدى إلى عدم استقرار البلد، وولوجها في الفوضى العارمة، عادت بالسلب على الشعب الليبي وفي هذا الشأن يمكن تلخيص المشهد السياسي الليبي على النحو التالي :
^ كثرة المجموعات المسلحة، ورفضها الإنصياع  أوالإذعان للنداءات الصادرة عن السياسيين المتعلقة بالإندماج في الوحدات التابعة للجيش.
^ رفض البعض من الفاعلين في الميدان من عودة الشرعية، وبناء المؤسسات.
^  هيمنة فكر القبيلة وسيطرة الحيز الجغرافي، والشعور بالقوة لدى المجموعات التي أزاحت القذافي على أنها صاحبة الحل والعقد، رافضة أي إملاءات من لدن السياسيين فيما يتعلق بالقرار المتخذ.
^ عدم وجود إجماع ليبي ـ ليبي حول مستقبل البلد مما زاد في تعقّد الوضع الأمني.
كل هذه النقاط وغيرها ستكون مطروحة على بساط البحث والدراسة خلال حوار الجزائر بين الإخوة اللبيين وبالرغم من ضخامة هذا الملف على كافة الأصعدة، فإن الشغل الشاغل للجزائر هو عودة الإستقرار لهذا البلد، الذي لا يتأتى إلا بإرادة أبنائه، الذين لهم القدرة في هذا الإنجاز السياسي الكبير الذي ينتظره كل الأحرار بشغف.
ويكفي فقط جلوس الليبيين إلى طاولة واحدة، ليكون ذلك بداية مشجعة وقوية للذهاب بعيدا في هذا العمل حتى وإن تطلّب الأمر جولات أخرى أكثر عمقا في المسألة. لا تكون على الجزئيات وإنما لاتفاق على إسكات صوت السلاح، وإخلاء وسحب المسلحين من الشوارع لعودة الأمن، والحياة الطبيعية في كامل أرجاء البلاد وهذه الإلتزامات يجب أن تكون مكتوبة وموقع عليها من قبل كل الفاعلين في الميدان.
 وكل المؤشرات توحي بأن موعد الجزائر سيكون ناجحا بامتياز إنطلاقا من التجربة المالية التي تركت أثرا سياسيا إيجابيا لدى كل المتتبعين الذين أعربوا عن امتنانهم لما تمّ إنجازه في الجزائر، نفس الإتجاه سيعرفه لقاء اللبيين في الجزائر الذي سيتوج بنتائج إيجابية جدّا خدمة للشعب اللّيبي الذي يعاني الأمرين منذ إبعاد القذافي عن السلطة ونهايته المعروفة.
وهذه فرصة سياسية لابد من استغلالها إستغلالا عقلانيا إنطلاقا من حرص الإخوة الليبيين على بلادهم وشعبهم بإعادة الإستقرار إلى كامل ربوع الوطن، لأنه يكفي من كل مظاهر استعراض العضلات باسم المجموعات المسلحة، لأن البلد دخلت مرحلة حاسمة من تاريخها والعمل يكون باتجاه بناء مؤسسات الدولة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024