بعد زلزال 2003 ببومرداس

أحياء مراقد أفقدت الحظائر الكبرى بريقها الهندسي

بومرداس: ز ــ كمال

شهدت مدن ولاية بومرداس مباشرة بعد زلزال سنة 2003 انفجارا عمرانيا كبيرا بفضل عشرات المشاريع السكنية التي استفادت منها الولاية لإعادة إسكان المنكوبين الموزّعين عبر أزيد من 15 ألف شالي، ناهيك عن المساعدات المباشرة التي استفاد منها باقي المتضرّرين لترميم سكناتهم المصنفة في الخانة الخضراء والبرتقالية، فازدهرت معها ثقافة المقاولاتية والمرقين الجدد، الذين اكتسحوا الميدان للاستفادة من العروض مقابل فوضى حضرية، وحتى تغيير النمط العمراني لبعض الحظائر التاريخية.

فقدت الكثير من المدن التاريخية ببومرداس كبودواو، الثنية أو يسر، وسيدي داود وحتى عاصمة الولاية «روشي نوار» بريقها الحضاري، وشكل بناياتها ومخطّطها الهندسي، نتيجة فوضى العمران والمشاريع السكنية العمومية والخاصة التي برزت كالفطريات مباشرة بعد زلزال بومرداس، حيث توسّعت أطراف المدن في كل الاتجاهات أحيانا على حساب العقار الفلاحي، الذي اكتسحه الاسمنت مستغلين الفراغ القانوني من حيث الرقابة ومخلّفات الأزمة الأمنية التي ساهمت في إعادة تشكيل الخارطة الديمغرافية نتيجة النزوح الريفي الداخلي، الذي شكّل ظاهرة اجتماعية كان من نتائجها ظهور بيوت القصدير أو الصفيح، وتوسع الأحياء القديمة «لاسيتي»، ولم تسلم من ذلك حتى مواقع الشاليهات المقدرة بـ 95 موقعا من عملية التوسع العشوائي والبناءات الفوضوية.
هذه العشرية لوحدها كانت كافية لخلخلة النسيج العمراني بمدن بومرداس، بظهور أحياء مراقد تفتقد للهياكل والمرافق الأساسية ومتطلبات التهيئة الحضرية كالطرقات، الأرصفة وشبكات الصرف والغاز تحت ضغط حاجيات إعادة الإسكان، بل بقيت عبارة عن ورشات مفتوحة وأشغال غير منتهية كالحفر وإعادة تجديد القنوات المختلفة، وهذه الوضعية لم تخفّف الضغط على نواة ومراكز المدن والأحياء القديمة التي تظل مرتعا مفضلا للمواطنين بسبب توفر مراكز التسوق، المستشفيات ومحطات النقل وغيرها من المتطلّبات الأخرى.
كما شهد النسيج العمراني الذي يفتقد للتخطيط الدقيق والتصاميم الهندسية الحديثة المتعلقة بإنشاء مدن عصرية أو توسع القديمة منها إلى ظهور التجمعات العمرانية التابعة للخواص، وهي عبارة عن تجزءات تتكون من فيلات مشكلة من طابقين أو ثلاثة في كل مدن الولاية، أغلبها غير منتهية الانجاز يطبعها لون الآجر الأحمر، في حين الداخل إليها قد يتيه في متاهاتها بسبب الفوضى وغياب التهيئة وشبكة الطرقات، وحتى لوحات الإشارة أو ما يدل على اسم الحي السكني الجديد إن صح القول.
هذه الوضعية وبحسب عدد من المختصين في مجال السكن والبناء الذين تحدّثوا لـ «الشعب»، تورط فيها العديد من رؤساء البلديات الذين فتحوا المجال لجشع المرقين والمقاولين الجدد، الذين فازوا بصفقات عمومية لإنجاز عشرات المشاريع السكنية تعدّت الـ 40 ألف وحدة في مختلف الصيغ، الكثير منها لم يسلّم بعد ما أثّر على عملية إعادة الإسكان، وتسهيل عملية الاستحواذ على الجيوب العقارية داخل المدن خاصة الساحلية منها كبومرداس مركز ودلس، وحتى على حواف الوديان والأراضي الهشة غير الصالحة للبناء لإنجاز سكنات ترقوية من 6 طوابق بعيدة كل البعد عن المعايير القانونية وبأسعار تقارب مليار سنتيم، ممّا خلق مدنا موازية تفتقد للبعد الجمالي والحضاري، وضغط إضافي للسلطات المحلية ومعاناة الاختناق المروري اليومي.
بالمقابل لم يكن للخزينة العمومية البلدية أيّة استفادة من هكذا مشاريع نفعت أصحابها وخلقت كفضاءات سكنية قد تثقل كاهل المجالس البلدية القادمة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024