بعدما احتلّت المرتبة الثّانية وطنيا بـ 14 مليون زائر

شواطئ ذهبية ببومرداس استوطنتها طيور النّورس لملء فراغ المصطافين

بومرداس» ز ــ كمال

غابت مظاهر الخيم والشمسيات المصطفة على طول الشواطئ الذهبية 47 المسموحة للسباحة بولاية بومرداس هذه الصائفة، وتوقف معها ضجيج المصطافين ونشاط الأطفال وحركتهم الدؤوبة وهم يرسمون البسمة ويبدعون بأناملهم الذهبية رسومات وتماثيل رملية تحكي البراءة ،مثلما توقفت أيضا حركة بائع «البيني» وحامل إبريق الشاي المتنقل بين الصفوف لتستوطن بدلها طيور النورس التي أرادت ملء الفراغ في مشهد حزين يحكي قصة مدينة ومدن في زمن كورونا، وغابت معها أيضا صور أطفال المخيمات والكشافة وهم يصنعون الفرجة في الشوارع.

لم تهدأ أمواج شواطئ بومرداس منذ بداية شهر جويلية في مشهد غير مألوف في هذه الفترة المعروفة في فصل الصيف، حسب المتابعين لحركة البحر والقمر من صيادين وعشاق الصيد والاستجمام، وهذه الفترة تعتبر من أعز فترات موسم الاصطياف ومعروفة بدرجة الحرارة وتراجع الأمواج وهدوئها التام، وهي إشارة على اشتياق زوّار وضيوف من مختلف ولايات الوطن كانوا يقصدون سنويا شواطئ بومرداس الممتدة على مسافة 80 كلم من بودواو البحري الى شاطئ «ليصالين» شرق ببلدية اعفير ومعها الشواطئ الصخرية لسيدي سليمان والحصار، والقائمة طويلة من الوجهات المفضلة للمصطافين الذين بلغ عددهم الموسم الماضي أزيد من 14 مليون مصطاف، ما جعل الولاية تحتل المرتبة الثانية وطنيا بعد وهران وأكثر من 15 مليون سنة 2018، وفق إحصائيات الحماية المدنية.
كما أثّرت الوضعية الوبائية والحجر الصحي الذي تخضع له الولاية على الحركية الثقافية والتجارية أيضا التي تزدهر في مثل هذه الأيام من الصيف، خاصة على مستوى الشواطئ الرئيسية الكبرى كالشاطئ المركزي لعاصمة الولاية وحديقة النصر، شاطئ قورصو المركزي، شاطئ الكرمة، الصغيرات، شواطئ رأس جنات، ليصالين وغيرها، حيث كانت تشهد ليالي بومرداس نشاطا كبيرا للمصطافين والتجار أصحاب المطاعم والمقاهي والمثلجات، الى جانب الحرفيين من ممتهني التحف والصناعات التقليدية، الذين كان يخصص لهم سنويا فضاء وخيما على طول واجهة البحر لتسويق منتجاتهم والتعريف بها لدى الجمهور العريض، في مشهد فقدته المدينة الهادئة لتغوص في سبات عميق وصمت رهيب هذه الأيام.
وقد راهنت السلطات الولائية ومعها البلديات الساحلية 13 كثيرا على هذا الموسم، والتحضير الجيد من قبل اللجنة الولائية المشتركة مع بداية السنة لاستغلاله أحسن استغلال من أجل دعم الخزينة المحلية العاجزة وخلق مناصب شغل لفائدة الشباب بمنح مربعات لكراء الخيم والشمسيات وحظائر السيارات وأيضا خلق ديناميكية تجارية وإقتصادية شاملة، حيث تم تخصيص 16 مليار سنتيم لإنجاح الموسم عن طريق تهيئة الشواطئ وتوفير الخدمات الأساسية والإسراع في دعم هياكل الاستقبال بمؤسستين فندقيتين جديدتين للخواص بسعة 500 سرير، لكن كل هذا الحلم تبخّر مع كوفيد 19.
 
مركبات سياحية ومخيّمات صيفية تشكو الوحدة

تشمل حظيرة المركبات السياحية بولاية بومرداس 19 فندقا بطاقة استيعاب لا تتجاوز 3 آلاف سرير، منها فقط فندقان فقط مصنفان في خانة 3 نجوم حسب  توضيحات مديرية السياحة، في حين قدّرتها لجنة الفلاحة والسياحة للمجلس الشعبي الولائي في تقريرها المرفوع بـ 18 مؤسسة بسعة استقبال تقدر بـ 1008 سرير، وبخدمات لا ترق إلى مستوى التنافسية بعد تعثر عدد معتبر من المشاريع، ومعها 11 منطقة توسع سياحي على الشريط الساحلي و8 مناطق أخرى استفادت منها عدد من البلديات في إطار ما يعرف بتفعيل السياحة الجبلية والحموية وحتى الثقافية، وإنشاء مسالك و فضاءات ترفيه في بلديات بني عمران، عمال، قدارة، غابة بوعربي والميناء القديم ببلدية دلس وغيرها من الوجهات الأخرى التي يقيت رسومات ومجسمات على دفاتر مديرية السياحة للولاية، رغم ترسيم 5 مناطق والمصادقة عليها من قبل الوزارة كمنطقة ليصالين وتاقدامت على مساحة تتجاوز 100 هكتار.
كما تحوي الحظيرة أيضا 9 مخيمات عائلية صيفية أغلبها متواجد على إقليمي بلديتي زموري وقورصو بسعة 5 آلاف سرير، إضافة إلى عدد آخر من مخيمات الشباب التي كانت تستقبل سنويا أفواج الشباب التابعة للكشافة الإسلامية وفعاليات المجتمع المدني، أصبحت هذه الأيام خاوية على عروشها بسبب تدابير الحجر ومنع الدخول والخروج إلى الولاية، خاصة وأن هناك عدة مؤسسات ومخيمات عائلية خاصة كانت مبرمجة للدخول في النشاط بداية من هذا الموسم.

شقق مجهّزة لم تعد كذلك..

ضربة قوية تعرّض لها المستثمرون الخواص من أصحاب الشقق المفروشة التي بدأت تتوسّع وتنتشر بمدن بومرداس الساحلية، من أهمها بلدية رأس جنات التي شيدت بها عمارات كاملة على شكل فنادق ومراكز إستقبال تحمل لافتات «شقق مفروشة» مخصصة للعائلات، التي تبحث عن بدائل أخرى غير الفنادق سواء بسبب نقص الأماكن أو بسبب الغلاء الفاحش في الأسعار وتدني مستوى الخدمات رغم غموض الصيغة القانونية لمثل هذا النشاط، خاصة بعد فشل صيغة «الإقامة عند مواطن» التي حملتها التعليمة الوزارية رقم 02 لسنة 2012 لتشجيع الإقامة لدى المواطنين من أجل سد العجز في مراكز الإستقبال ضمن الرهانات الكبرى لوزارة السياحة من أجل ترقية القطاع وتوسيع هياكل الإقامة على غرار ما يجري في البلدان المجاورة.
نفس الظروف الصعبة يعيشها أيضا الكثير من ممتهني كراء الشقق الصيفية في المدن الساحلية لبومرداس، الذين تأثروا هذه السنة من غياب المصطافين والزوار الذين ألفوا قضاء عطلتهم الصيفية بالولاية، حيث كشف عدد من أصحاب الشقق في حديثهم لـ «الشعب»، «أن جائحة كورونا وما تبعها من إجراءات إحترازية وتدابير تمنع حركة المواطنين من والى الولايات الموبوءة تسبب في كوارث اقتصادية، وحرمتنا من مورد دخل يمتد على ثلاثة أشهر من السنة»، وهذا على الرغم من الوضعية القانونية أيضا لمثل هذا النشاط الذي يبقى غير منظم، ولا يخضع لشروط الممارسة القانونية كغيره من ظاهرة كراء الشقق المنتشرة على طول السنة بدون إستفادة الخزينة العمومية منها شيئا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024