سمح بنشر أخبار وتناول مواضيع ممنوعة في وسائل الإعلام العادية

''الفايسبوك'' فضاء عزز ممارسـة وتجسيد الحــق في الإعلام بالجزائــر

استطلاع:حكيم بوغرارة

أصبح فضاء التواصل الاجتماعي ''فايسبوك'' وسيلة إعلامية بإمتياز من خلال قدرته على نشر الأخبار والحقائق في وقت سريع مع توفير هامش كبير لإبداء الرأي والنقاش دون حواجز وإكراهات التي نجدها في مختلف وسائل الإعلام الأخرى على غرار التلفزيون والإذاعة والصحافة المكتوبة.

وبرز ''فايسبوك'' منذ سنوات في الجزائر كمجال لممارسة حرية التعبير بحرية أكثر من مطلقة،كما كان السباق لنشر الكثير من الأخبار، والملفات وبات الوسيلة المفضلة للسبق الصحفي لا لشيء إلا لأنه يمتلك أكبر قدر من المتابعين أو المنخرطين بالمقارنة مع وسائل الاتصال الأخرى حيث فاق مليار منخرط في ظرف وجيز.
وتحاول ''الشعب'' من خلال هذا الإستطلاع التوقف عند هذه الظاهرة الإعلامية الاتصالية التي أحدثت تحولات كبيرة في حياة الشعوب والأمم، من باب معرفة مساهمة هذا الفضاء في ترقية الحق في الإعلام الذي يعتبر من أهم الحقوق التي تنص عليها مختلف الدساتير العالمية والقوانين المحلية، ومدى تمكين الشعوب والرأي العام من معرفة ما يجري في الوقت المناسب وبالحقيقة كاملة .
 وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ١١ ديسمبر ١٩٤٨ في مادته الـ ١٩ « لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.»
ويظهر أن هذه المادة وبالرغم من نشرها في ١٩٤٨ إلا أنها أشارت إلى حق الشخص في حرية التعبير والرأي وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت ودون تقيد بالحدود الجغرافية وكأنه يتحدث عن الأنترنت.
وقد أدت التحولات السياسية العالمية منذ نهاية الثمانينات بسقوط الاتحاد السوفياتي،وتحطيم جدار برلين وتطور مفاهيم حقوق الإنسان وانتشار التكنولوجيات الحديثة إلى زيادة الإهتمام بتشجيع حرية التعبير والصحافة والرأي رغم المقاومة الداخلية من قبل الأنظمة وجماعات المصالح التي إنهارت في الكثير من الدول بسبب تيار حقوق الإنسان وإزدياد الوعي الجماهيري.
 
الجزائر شجعت الإقبال على ممارسة حق الإعلام عبر النات

وسعت الجزائر من خلال قوانينها إلى توفير أكبر قدر ممكن من الحرية لتجسيد مبدأ الحق في الإعلام وتحقيق الأهداف المرجوة منه مثلما أشارت المادة ٠٥ من القانون العضوي للإعلام الجزائري ٠٥١٢ «تساهم ممارسة أنشطة الإعلام على الخصوص فيما يلي:الإستجابة لحاجات المواطن في مجال الإعلام والثقافة والتربية والترفيه والمعارف العلمية والتقنية ، وترقية مبادئ النظام الجمهوري، وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتسامح ونبذ العنف والعنصرية ، وترقية روح المواطنة وثقافة الحوار، وترقية الثقافة الوطنية وإشعاعها في ظل احترام التنوع اللغوي والثقافي الذي يميز المجتمع الجزائري، والمساهمة في الحوار بين ثقافات العالم القائمة على مبادئ الرقي والعدالة والسلم».
كما أكدت المادة ٠٢ من نفس القانون على الإطار الذي تمارس فيه حرية الإعلام والتعبير « يمارس نشاط الإعلام بحرية في إطار أحكام هذا القانون العضوي والتشريع والتنظيم المعمول بهما وفي ظل احترام :
الدستور وقوانين الجمهورية،والدين الإسلامي وباقي الأديان،والهوية الوطنية والقيم الثقافية للمجتمع والسيادة الوطنية والوحدة الوطنية ومتطلبات الدفاع الوطني والنظام العام والمصالح الاقتصادية للبلاد، ومهام والتزامات الخدمة العمومية، وحق المواطن في إعلام كامل وموضوعي، وسرية التحقيق القضائي والطابع التعددي للأفكار وكرامة الإنسان والحريات الفردية والجماعية»  
وخصص ذات التشريع بابا كاملا لوسائل الإعلام الالكترونية من المادة ٦٧ إلى المادة ٧٢     
عرف من خلالها المشرع الصحافة الالكترونية بأنها «كل خدمة إتصال مكتوب عبر الأنترنت موجهة للجمهور أو فئة منه، وينشر بصفة مهنية من قبل شخص طبيعي أو معنوي يخضع للقانون الجزائري، ويتحكم في محتواه الافتتاحي».
ولم يضع المشرع قيدا على حرية استعمال الأنترنت من باب تشجيع الحرية إلا أنه اكتفى بتنبيه الجمهور والرأي العام بضرورة احترام ما ورد في المادة ٢ من القانون العضوي للإعلام مثلما ورد في المادة ٧١ التي تنص« يمارس نشاط الصحافة الالكترونية والنشاط السمعي البصري عبر الأنترنت في ظل احترام أحكام المادة ٢ من القانون العضوي»   .
٢ مليون جزائري مشترك عبر ''فايسبوك''
كشف الدكتور محمد لعقاب من جامعة الجزائر ٣ في محاضرة ألقاها في ملتقى حول السمعي البصري في ديسمبر ٢٠١٢ أن إحصائيات سبتمبر ٢٠١٢ قد أكدت وجود ١,٢ مليار مشترك في ''فايسبوك'' عبر العالم بينما وصل عدد المشتركين في الجزائر ٢ مليون وهو ما يؤكد الانتشار الواسع لاستعمال التكنولوجيات الحديثة في بلادنا.
ويتقارب عدد الجزائريين المشتركين في فايسبوك بعدد الجزائريين المربوطين بشبكة الأنترنت حسب إحصائيات وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال التي كشفت عن أكثر من ١,٥ مليون جزائري مرتبط بالشبكة العنكبوتية وهي أرقام تؤكد توغل وسائل الاتصال الحديثة في المجتمع الجزائري.
بينما وصلت نسبة الإشتراك في الهاتف النقال ٣٥ مليون مشترك حسب سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية.
وأدى هذا الواقع الجديد في مجال الإعلام والاتصال إلى خلق مساحات جديدة للتعبير والاتصال- فايسبوك- وإبداء الرأي ، وحتى الصحفيون بات بإمكانهم إثارة الكثير من القضايا على غرار ملفات الفساد ومواضيع سياسية حساسة لا يسمح بالتطرق إليها في الصحف والتلفزيون والإذاعة ،فـ''الفايسبوك'' سجل السبق مثلا في الإعلان عن وفاة الكثير من الشخصيات على غرار الشاذلي بن جديد وقائد الأركان السابق العماري والمجاهد عبد الرزاق بوحارة وقبله العربي بلخير ناهيك عن إثارة مواضيع الفساد في سوناطراك والقضايا الداخلية للأحزاب ك''حمس'' و''حزب جبهة التحرير الوطني'' و''التجمع الوطني الديمقراطي'' وغيرها من المواضيع الإجتماعية والدولية .
وبالنظر لأعداد المنخرطين في ''فايسبوك'' لجأت كبرى وسائل الإعلام الوطنية والدولية إلى الاشتراك بدورها لكسب قواعد جماهيرية وتحقيق الرواج اللازم في ظل المنافسة الشرسة بينها وهي الصورة التي تعبر عن الكثير من الغرابة أمام عجز الكثير من وسائل الإعلام في توسيع قواعد قرائها أو مشاهديها ورفع معدلات السحب- للجرائد- التي تبقى بعيدة كل البعد عن النمو السكاني .
والأكثر غرابة هو المكانة الكبيرة لهذا الفضاء التواصلي الذي بات مصدرا للكثير من الأخبار في ظل الشح والغلق الإعلامي الذي تمارسه الكثير من الدوائر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024