الظاهرة في انتشار والتحريات عن حقيقة هؤلاء ضرورة ملحة
تشهد مختلف الفضاءات العمومية بتيبازة هذه الأيام انتشارا مذهلا لفئة المتسولين الذين يجتهدون كثيرا في استعطاف المواطنين لحملهم على الصدقة مستغلين الدرجة العالية للحس التضامني للفرد الجزائري من جهة ومناسبة شهر رمضان من جهة أخرى.
«الشعب» رصدت الظاهرة وتعرض أدق التفاصيل من عين المكان.
بمختلف مداخل ومسالك الأسواق الشعبية وعند أبواب المساجد وزوايا الطرق التي تشهد حركة مرورية كثيفة وبجوار المؤسسات المالية التي تصرف أجور الموظفين والمتقاعدين، يقبع عشرات المتسولين على مدار اليوم دون ملل ودون عياء لاستعطاف المارة والمحسنين الشفقة عليهم ومدهم بقسط من المال لغرض تسوية شؤونهم الاجتماعية.
اللافت في هذه الظاهرة أنها تشهد رواجا غير مسبوق هذه السنة بتضاعف عدد المتسولين وتجاوزهم لكل الخطوط الحمراء التي تنذر بانتشار ظاهرة الفقر على نطاق واسع، بحيث يستغلّ هؤلاء جنوح الجزائريين للتضامن والرأفة على بعضهم البعض لاسيما خلال شهر رمضان لغرض جمع أكبر قدر من المال فيما تبقى حقيقة الوضع الاجتماعي لهؤلاء محل تساؤلات كثيرة وبحاجة ماسة إلى تحريات رسمية على شاكلة التحقيقات التي باشرتها مصالح النشاط الاجتماعي بالولاية بالتنسيق مع مختلف البلديات لتحديد قوائم العائلات المعوزة، خاصة وأنّ العديد من المتتبعين لهذا الملف يدركون جيّدا بأنّ التسوّل تحوّل في الكثير من الحالات إلى استثمار حقيقي يدرّ على الشبكات التي تينته أموالا طائلة.
تبقى الريبة والشكوك تحوم بقوة حول حقيقة المتسولين بالنظر الى عدم تقبلهم للصدقات العينية أو المادية وإلحاحهم على قبض العملة دون سواها لغرض صرفها بكل حرية أو تسهيل عملية تخزينها.
مع الاشارة الى أن معظم المتسولين من فئة النساء غير المعروفات لدى عامة الناس باعتبارهن من الماكثات بالبيت عادة، فيما تتحفظ فئة الرجال عن مثل هكذا تصرفات قد تلطّخ سمعتهم بالمجتمع.
ما يلفت الانتباه أكثر في هذه الظاهرة غير المسبوقة بهذا الحجم، أن مجمل العائلات المعوزة المحصاة من طرف مصالح التضامن حصلت على حصتها من منحة رمضان، ناهيك عن مساهمة العديد من الجمعيات الخيرية بتوزيع عدد لا يستهان به من قفة رمضان والتزام العديد من المواطنين بالتكفل بجيرانهم المعوزين وكذا الانتشار اللافت لمطاعم الرحمة بمختلف مناطق الولاية.
كل هذه المؤشرات توحي بتراجع التسول الى درجة كبيرة، غير أنّ الظاهرة زادت انتشارا وتوسّعا على أرض الواقع، الأمر الذي يتطلّب دراسة علمية ومتابعة دقيقة للظاهرة من طرف أهل الاختصاص من حيث ان الظاهرة تحمل في طياتها مؤشرات انتشار الفاقة والعوز والفقر أكثر مما ترسّم في الواقع الدرجة العالية للحس التضامني للفرد الجزائري.