من أجمل الزاد الغذاء الطيب النقي الغني بالفوائد الصحية، والأجمل منه تكملة لغذاء الجسم غذاء العقل بالنظر لاحتوائه بزاد العلم والمعرفة، ولما له أيضا من فضائل جمة على قريحة الإنسان، ولهذا نأخذكم اليوم للغوص في منبع كتاب نافع يرتقي بقارئه ثقافيا وعلميا، فيرتفع إلى مقام أعلى معرفيا لاحتواء صفحاته على سيل من المعلومات القيمة لأعظم فائدتين عظيمتين، سبق وأن ذكر فضلهما في تاج الكتب القرآن الحكيم، وهما عسل النحل وزيت الزيتون.
من الصعوبة بما كان أن يقع بين يديك كتاب يصنف مع كتب الثقافة العلمية، بالنظر لحجمه المتوسط، كان من السهل أن يرتب في خانة الكتب العلمية ذاتها، ولكن عند قراءته يتضح للقارئ المتمعن بأن تصنيفه يعادل الموسوعة لامتداد معلوماته على صفحات لا يفوق عددها المائة وخمسين صفحة، ولكن جامعها وكاتبها الأستاذ سليمان ابراهيم أبو دقة اختار أن يمدنا بسبعة فصول واسعة المحتوى، فكان الانتقال بينها سلسا، لكن لا يفترض على من يقتني الكتاب اتباع ترتيبها ولا يلزم بالاطلاع عليها بالترتيب المدرج حتى يسهل الانتقال بين صفحات البحث بالتدريج، فمؤلفها اختار للكتاب مباحث فرعية تمكن القارئ من استيقاء المعلومات منها، بحسب احتياجاته البحثية، هذا ما يسهل عمل بعض الباحثين إذا رغبوا في اقتناء المعلومات اللازمة بحكم أن المؤلف أبرز عدة عناوين فرعية، هذا من جهة، ولكن خير الأمور التي ينصح بها في عالم المطالعة أن تقرأ محاور الكتاب بالترتيب المنزل فيه حتى تعم الفوائد العلمية مجتمعة بأسلوب بسيط وسهل حتى ولو سجلنا العودة الملازمة للنص العلمي والمستقاة بين الحين والآخر من السند القرآني في شكل آيات قرآنية تدعيما للطرح الخاص بموضوع البحث وتقوية له من حيث الإعجاز العلمي.
استعمله المصريون القدامى كعلاج فعّال للجروح والالتهابات..
من بين هذه الفصول السبعة الذي تناولها الباحث نذكر فصلا أولا تمهيديا تناول فيه مفاهيم حول عسل النحل احتوت أسطره الثرية معلومات قيمة حول صيرورة ذكر العسل في القرآن الكريم وفي سنة النبي المصطفى محمد صل الله عليه وسلم، كما عرج بنا الكاتب من خلال ذات المحور الى تاريخ إنتاج العسل وفوائده واستخداماته على مرّ العصور.
من بين هذه الاستخدامات، ذكر الباحث أن «المصريين القدامى قبل 2500عام قبل الميلاد كانوا يستخدمون نوعا من كريم السالفا لعلاج الجروح والالتهابات يدخل فيه العسل كأهم عنصر من مكوناته». وكانوا يغطون الجروح بقماش قطني بالعسل لمدة 4أيام وقد جربها أحد الجراحين البريطانيين بمستشفى بإنجلترا وكانت النتائج مذهلة حيث استعمله في تضميد جرح «متكهف وعميق ومتقيح» نتيجة استئصال ثدي بسبب إصابته بالسرطان بعد تقرحه فبفضله عالج العسل بصفة سريعة الجروح والقروح، مما ساعد على شفاء الجرح تماما. ويفيدنا صاحب البحث إلى ان الفضل في كون ان العلاج بالعسل أصبح علما معتمدا حديثا الى القسيس «لنجستروث» الذي درس حياة النحل وسلوكه عام 1851م. وأضاف ان البيولوجي الهولوندي «بوستمبرز» بعد دراسة أقامها على مادة العسل وجد انه يحتوي على 200عنصر غذائي ودوائي.
أفضل زيت زيتون تأتينا من المعصرة التقليدية
خصص صاحب المرجع العلمي، الفصل الخامس من الكتاب بأكمله لموضوع زيت الزيتون مكملا في منهجية بحث متناسقة، معددا أهم المفاهيم الخاصة بهذه المادة الطبيعية لاسيما في القرآن الكريم مذكرا بأهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أشارت إلى الفوائد العظيمة لشجرة الزيتون «المباركة»، وأنها معمرة وكل ما فيها ينفع الناس زيتها وخشبها وورقها وثمرها، وهي أكثر الشجر انتفاعا بالنظر لفوائدها المختلفة. كما تطرق الكاتب إلى كيفية صناعة زيت الزيتون لاسيما عبر استعمال «الوسائل القديمة كحجر الرحى أو الحديثة التي تقوم على النظام الهيدروليكي، أي الآلات التي تدور بفعل الماء والتي تفصل الحبوب عن الأوراق والأغصان ثم تغسل الحبوب وتهرسها مع النواة وعندما تعصر ثانية يتم الحصول على سائل من مزيج الزيت والماء، أما الماء فيتم فصله من خلال الترسيب». وذكر الباحث أن العصر التقليدي الذي يطلق عليه بالعصر البارد يعطينا أفضل الزيوت، إلا أنه لا يسمح بإنتاج كميات كبيرة من زيت الزيتون، حيث يقول أنه يلزم 5 كيلوغرامات من الزيتون لإنتاج (1ل) لتر واحد فقط.
مفيد لعلاج قلة النوم.. مع فوائد أخرى
في الأخير تطرق الأستاذ أبو دقة في كل من الفصلين السادس والسابع، إلى أهم الاستخدامات العلاجية لزيت الزيتون البكر، وذكر جملة من المستحضرات الطبية يعتمد في صنعها أساسا على هذه المادة الطبيعية والتي يمكن القارئ الاطلاع عليها بالرجوع إلى المرجع الأصلي الذي تناول عددا كبيرا ومتنوعا من الاستخدامات لمادة زيت الزيتون التي تفيد في تلطيف وتليين الأمعاء، كما أنه مخفض لضغط الدم، ومضاد لمرض البول السكري، كما يعتبر مفيدا لداء النقرس، بالإضافة إلى انه مفيد لعلاج قلة النوم عند الكبار مع فوائد عديدة أخرى، كعلاج بعض الأمراض الخاصة بالنساء والأطفال الصغار، تناولها الباحث بشكل أوسع، نفضل التطرق إليها في مواضيع أخرى بالتفصيل، بالنظر لأهميتها بالنسبة للصحة عامة.
