خطورة عدم استجابة الأشخاص لبروتوكول العلاج بالمضادات الحيوية..

الأطباء يحذّرون من معالم ظاهرة غير صحّية تهدّد المناعة الجماعية

تقرير: نضيرة نسيب

يحذّر الأطباء المختصون، من ظاهرة غير صحية تتزايد في الآونة الأخيرة، ترجع إلى الاستعمال العشوائي والمفرط للمضادات الحيوية من طرف عامة الناس على امتداد سنوات، ويؤكد أغلبيتهم على خطورة هذه التصرفات، كما يشيرون إلى أنّ نتائج وخيمة بدأت تلاحظ عند عدد كبير من المرضى، بالنظر لعدم استجابة الجسم للعلاج، مما يجعلهم يغيرون وصفة العلاج في مرات عديدة وبصعوبة لغاية تحقق الشفاء الذي يمكن أن يطول لأشهر.


 المضادات الحيوية شأنها شأن باقي الأدوية قد ينجم عن استعمالها آثار جانبية وبإمكانها أن تكون خفيفة أو شديدة وذلك لأسباب متعددة، منها ما يحدث بسبب طبيعة جسم الإنسان، أو بسبب خصائص الدواء، أو بسبب زيادة الجرعة الدوائية الموصوفة، أو أحيانا عند تزامن استخدام دواء آخر أو مع تناول أغذية معينة أو بسبب عدم التشخيص السليم أو غيرها من الأسباب.
كثيرون يعتقدون أنّه بإمكان المضادات الحيوية علاج أيّ التهاب حيث يجهلون المخاطر الناجمة عن التناول العشوائي الذي يمكنه أن يودي بحياتهم، لكن يمكن أن تتمثل أسباب معاناتهم في التهاب فيروسي فقط ولا يمكن أن تؤثر فيه المضادات الحيوية.

سوء استعمال المضادات الحيوية يكسب البكتيريا مناعة

قد تكتسب البكتيريا مناعة ضد المضادات الحيوية نتيجة سوء الاستعمال، وذلك عند الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية أو حينما تعطى بجرعات غير مناسبة، أو تعطى بالقدر المطلوب على فترات غير منتظمة بين الجرعات، أو تعطى لمدة قصيرة غير كافية للعلاج. ومن الأسباب كذلك الاستعمال غير الملائم للمضادات في حالات لا تحتاج إلى معالجة بل تشفى ذاتيا، ومناعة البكتيريا ضد المضادات الحيوية قد تكون طبيعية، حيث تخلق البكتيريا ولديها القدرة على مقاومة بعض أنواع المضادات الحيوية أو كلها، وقد تكتسب البكتيريا هذه المناعة بطرق مختلفة، حيث يشاع الاستعمال الخاطئ لها لدى عامة الناس في حالات مرضية مختلفة، ربما لأنّ الكثيرين يعتقدون أنه بإمكانها علاج أيّ التهاب حيث يجهلون المخاطر الناجمة عن مثل هذه التصرفات العشوائية التي قد تودي بحياتهم، فتجدهم يلحون على الطبيب أو الصيدلي لوصفها لهم بالرغم من عدم فعاليتها، حيث أنّ معاناتهم يمكن أن تتمثل في التهاب فيروسي ولا يمكن أن تؤثر فيه المضادات إطلاقا.

من أهم آثار المضادات الحيوية الجانبية

 من أهم الآثار الجانبية ظهور حساسية لأجسام بعض المرضى عند تناول نوعية من المضادات وخصوصا مجموعة البنيسلين، وتختلف درجة الخطورة من شخص إلى آخر، فمنها ما هو قليل الخطورة مثل الإسهال الخفيف والقيء والالتهاب الخفيف في المعدة أو طفح جلدي وهرش، ومنها ما هو أخطر من ذلك مثل الاختناق الشديد أو صعوبة التنفس، وفي هذه الحالة يجب على المريض التوقف فورا عن أخذ الدواء والاتصال بالطبيب المعالج.
تتسبب بعض أنواع المضادات الحيوية خصوصا واسعة المدى في الموت بسبب عدم إتباع الإرشادات الطبية واستخدام الدواء لفترة طويلة، ممّا يسهل إصابة الأمعاء بهجمات بكتيرية ضارة تؤدي إلى عدوى جديدة يصعب علاجها.
 بعض المضادات الحيوية تستطيع عبور الحاجز المشيمي وتصل إلى الجنين محدثة آثارا جانبية بالغة على الجنين، وخصوصا في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وكذلك بعض المضادات قد تؤثر على الرضيع من خلال حليب الأم.

أخصائي الصيدلة سمير بلعلوي: مقاومة المضادات الحيوية.. خطر..

 حذر الدكتور سمير بلعلوي، أخصائي في الصيدلة إلى أنه يمكن أن تُلحِق مقاومة المضادات الحيوية الضرر بأيّ شخص مهما كان عمره وليس لدى الأطفال فقط، ويحدث هذا النوع من المقاومة بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها للأطفال أو الكبار، أولا في حالة تناولها دون استشارة الطبيب، وثانيا عند عدم إنهاء مدة العلاج والتوقف عن استعمال المضاد الحيوي مباشرة بمجرد زوال أعراض المرض، مثل الحمى أو الألم، وهذا ما يخطئ بخصوصه كثيرون فنجدهم يتوقفون عن أخذ الدواء ظنا منهم أنهم شفووا، وهذا لا يعني بتاتا الشفاء الكامل من الإصابة. ويقول إنه “بحكم التعامل اليومي مع الزبائن والمرضى على مستوى الصيدلية، لاحظ انتشارا كبيرا في تصريف المضادات الحيوية في الآونة الأخيرة وخصوصا تلك الموجهة للأطفال، وهي من أكبر الأسباب التي تسبب مقاومة المضادات الحيوية. فعندما يصبح جسم الطفل مقاوما للمضادات الحيوية يعني أنّ جسمه لن يستجيب للعلاج وستستمر فترة المرض لوقت أطول وقد يؤثر ذلك على توازن العضوية حتى بعد سنّ البلوغ والرشد. ويزداد ظهور مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها في الحالات التي يتنسى فيها شراء تلك المضادات من دون وصفة طبية وهذا ما يمثل تصرفا خاطئا وعشوائيا يضر بالصحة أكثر ما ينفعها”.
ويضيف أخصائي الصيدلة: “نحن في وضعية تحمل مؤشرات الخطر والحل الأمثل ضرورة إدخال المضادات الحيوية في قائمة الأدوية التي تستلزم وصفة عندئذ سيتقيد بيعها سوى عن طريق تقديم الزبون لها، وهذا قد يحد من هذا الخطر المحدق بالأطفال والراجع لإهمال الآباء لرأي الطبيب أو الصيدلي، حيث عدد كبير منهم يتهاون في الرجوع إلى الطبيب ويفضلون اقتناء المضادات الحيوية لأبنائهم دون عرضهم على الطبيب المعالج. نحذر من عدم الإسراع في اتخاذ الإجراءات، لأنّ ذلك يجعلنا نقترب من عصر يمكن أن تصبح فيه عدوى الالتهابات الشائعة والإصابات الطفيفة قاتلة مرّة أخرى.”
ويتابع الدكتور بلعلوي، في نفس السياق، إنّ أهم طرق الوقاية من الإصابة بمشكل مقاومة المضادات الحيوية أولا في عدم استعمال المضاد الحيوي بدون وصفة طبية وعدم اقتناِئه في حالة ما نهاك اختصاصي الصحّة عن شربه ومن الضروري أخذ هذه النصيحة بعين الاعتبار. كما ينبه الطبيب إلى أنّ هناك أمر آخر خطير جدا ويتمثل في تشارك أفراد الأسرة الواحدة في استهلاك مضادات حيوية لمجرد إصابة فرد واحد، وهذا لا ينصح به إطلاقا لأنّ الوقاية من العدوى أحسن بكثير من شرب مضاد حيوي وجسمك في حالة جيدة”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024