أخصّائي أمراض الكلى عبد الكريم زعابطة لـ «الشعب»:

«ويلمز» أو «نيفروبلاستوم»..سرطان يُصيب كلى الأطفال بسبب خلل جيني

حوار: نضيرة نسيب

 

 

 

 إمكانية الشّفاء لدى 90 بالمائة من الإصابات مع عدم التّأخّر في التّشخيص 

يعتبر عامة الناس إصابة الأطفال بمرض السرطان، أيًّا كان نوعه، من الإصابات غير الشائعة لديهم، والمعروف أن هذا النوع من الأمراض غالبا ما يسجّل لدى الكبار، ولهذا نكتشف اليوم سرطان يصيب الأطفال على مستوى الكلية الواحدة أو الاثنتين، ويعرف في الوسط الطبي بتسمية سرطان «ويلمز» أو «نيفروبلاستوم»، بحسب ما جاء في حوار أجرته جريدة «الشعب» مع أخصائي الكلى الدكتور عبد الكريم زعابطة من مستشفى الأغواط، الذي يهدف من خلاله إلى التوعية والإرشاد الصحي بأهمية الكشف عن الإصابة بمثل هذه الأمراض، التي تكمن خطورتها في مدى التهاون في استشارة الأولياء للطبيب في الوقت المناسب، مما يؤخر في بعض الحالات علاج هذا النوع من السرطانات، ويجعله مستعصيا في حالات أخرى.
الشعب: هل  يمكن أن يصاب الأطفال  الصغار بالسرطان مثلهم مثل الأشخاص الكبار، ما صحة ذلك دكتور؟
 الدكتور عبد الكريم زعابطة: بالفعل يمكن أن نقول إن الأطفال معرضون للإصابة بالسرطان مثلهم مثل باقي الأشخاص البالغين، لكن فيما يخص أنواع السرطان ونسبة الإصابة ليست نفسها من حيث نوع السرطان أو خطورته، وهي منخفضة مقارنة بفئة الكبار، والملاحظ أن الأطفال تظهر عليهم الأعراض أكثر من البالغين، وأيضا نظرا لعدم إمكانية تحمل هؤلاء المرضى الصغار للمرض مثل الشخص الكبير، لكن يبقى المشكل الوحيد هو تأخر التشخيص.
ما هي أنواع السرطانات التي تصيب الأطفال بنسبة كبيرة؟ وهل هناك سرطانات تمس الكلى عند الأطفال؟
 أغلبية الإصابات الخاصة بالسرطان المنتشرة عند فئة الأطفال هي سرطانات الدم، وفيما يخص اختصاص الكلى هناك سرطان يدعى بسرطان «ويلمز»  أو Wilms  وتعود هذه التسمية نسبة لاسم مكتشفه، وهو يعرف أيضا في الوسط الطبي بـ «نيفروبلاستوم» Nephroblastome. ويمثل هذا النوع من السرطان نسبة  تتراوح بين 5 إلى 14 % من مجموع الإصابات السرطانية التي تصيب الأطفال في أغلب الحالات، في عمر لا يتجاوز الخمس سنوات (5 سنوات)، وهذا ما هو مسجل على المستوى العالمي، وفقا لما توصلت إليه أغلبية الدراسات التي أجرتها فرق البحث الطبية، وتشير إلى أن الإصابة يمكن أن تمس كلى واحدة أو الكليتين معا.
هل من إمكانية للاكتشاف المبكّر لهذا النوع من السرطان؟ وفيمَ تتمثّل أهم أعراضه؟
 في حالات كثيرة يكتشف المرض من طرف الأم أثناء عملية غسل ابنها تكتشف وجود ورم عن طريق اللمس، حيث يمكن أن يكون مبكرا لدى الطفل، وهذا وفق ما سبق وذكرناه، فعلامات الإصابة بالسرطان لديه يمكن أن تكون عبارة عن آثار للدم في البول أيضا، كذلك تسجيل علامات معينة نذكر من بينها: الإعياء أو المغص أو الإمساك، وفي حالات أخرى الإسهال وقد يظهر شحوب في لون البشرة لدى الطفل، وفي الغالب تفسر هذه العلامة العرضية بإصابته بالأنيميا، وفي بعض الحالات يمكن حدوث قيء بسبب ضغط الورم على الجهاز الهضمي، خاصة على المعدة.
 كيف يكون الكشف الطبي؟
 إذا تمّ ملاحظة عرض من هذه الأعراض لدى الطفل، يتوجب على الوالدين التوجه عند الطبيب الذي يقوم بالكشف السريري لصغيرهم، والبحث من خلاله عن طريق الفحص الأولي لبطن الطفل بالطريقة اليدوية لأنه يمكننا بالنسبة للأطفال الصغار اكتشاف وجود الورم عن طريق استعمال اليد لتحديد مكان تواجده بكل سهولة لأن التشخيص سهل لدى الأطفال الأقل من ست سنوات، في هذه السن المبكرة  يكون بطن الطفل الصغير بدون شحم ممّا يسهل الكشف عن الإصابة أو عدمها، ولتوسيع البحث يطرح الطبيب أسئلة حول التاريخ العائلي لسرطان الكلى، مع التأكد من إمكانية وجود إصابات عائلية مماثلة سابقة، وفي حالة ملاحظة وجود كتلة ورمية يلجأ إلى الكشف التصويري الإشعاعي.
 ما هي الوسائل المساعدة على تحديد نسبة انتشار الإصابة؟
 من أجل تأكيد أو نفي الإصابة يلجأ الطبيب في مرحلة ثانية ومكملة إلى التشخيص عن طريق التصوير الإكوغرافي، الذي يساعد في التشخيص الموضعي وأيضا من أجل تحديد تموضع الورم وتحديد حجمه ونوعه بدقة،  وحتى يتمكن من الكشف عن مدى انتشار الإصابة، بإمكان الأخصائي اللجوء إلى الكشف عن طريق استعمال جهاز السكانير من أجل أكثر دقة في الكشف عن النيفروبلاستوم أو سرطان «ويلمز»، الذي يسهل عملية الكشف عنه لأن ما بين 70 و75 % من الحالات يكون فيها الورم موضعيا، حيث يكون تموضع الورم على مستوى الكلى فقط مما ينقص من خطر انتشاره في بقية أعضاء الجسم، وتبقى إمكانية انتشار الورم في بقية الجسم بنسبة تقل عن 30 %،  وتصنف معظم هذه الحالات بسبب الاكتشاف المتأخر لوجود الورم، وقد يكون انتشاره الثانوي على مستوى الرئتين، كما يمكن أن يمتد إلى الكبد أو العظم عند الطفل المصاب بهذا النوع من السرطان، ولتدعيم هذا الكشف نقوم بإجراء تحاليل واختبارات الدم حتى نتحقق من عدم وجود أعراض جانبية خاصة الأنيميا، كما بإمكان هذا الكشف المخبري تحديد مستوى الإصابة إذا كان أوليا أو ممتدا إلى أعضاء أخرى من خلال تأكيد وجود اختلال على مستوى عمل الكبد أو في العظم.  
 فيم يتمثّل العلاج في كلتا الحالتين؟
 من جهة أخرى، الشيء الذي يمكنه أن يطمئن الأولياء هو 90 % من حالات الإصابة بسرطان الكلى لدى الأطفال المعروف بسرطان «ويلمز» يمكن الشفاء منه عندما تكون الإصابة فيه موضعية، حيث يسجل وجود الورم على مستوى الكلى بعد اكتشافه بسرعة، وفي الوقت المناسب بفضل عرض الحالة على الطبيب الأخصائي في مرحلة أولية ما يسمح بالتدخل في بداية الإصابة، حيث يكون الورم على مستوى الكلى، وهذا يستدعي فقط القيام بتدخل جراحي لنزع الورم من الكلى، وغالبا ما يكتشف على مستوى كلى واحدة أو في كلتا الكليتين، وبفضل الاستئصال الجراحي نوقف إمكانية انتشار المرض إلى باقي أعضاء الجسم مثل الرئتين أو الكبد أو العظم، ويلجأ الطبيب المعالج في بعض الحالات إلى العلاج الكيميائي أو بالأشعة لمنع انتشار المرض مع الإبقاء على المراقبة الطبية ـ كما سبق وأن ذكرت ـ هذا فيما يخص الإصابة من المستوى الأول، لكن في حالة كان هناك انتشار للمرض في إصابة من مستوى ثان، يمثل العلاج بالأشعة أو الكيميائي ضرورة لأنه يعمل على إضعاف انتشار المرض لأن في حالة الوصول إلى هذا المستوى من الإصابة يتوجب توفير هذا النوع من العلاج.
ما هي أهمية المراقبة الطبية لاكتشاف وضعية المرض؟
 تسمح المراقبة والمتابعة الطبية بتجنب عودة المرض في نفس الكلية أو في الكلية الثانية أو حتى التموضع الثانوي أو حتى الانتشار كذلك، وهذا قد يسجل بنسبة 15 بالمائة  من إجمالي عدد حالات الإصابة بسرطان «ويلمز»، لذلك تبقى المراقبة ضرورية أيضا لاكتشاف انتشار ثانوي لخلايا سرطانية لم يتمكن العلاج الكيميائي أو الإشعاعي من القضاء عليها نضعها تحت المراقبة والعلاج لمنع انتشار المرض من جديد في جسم الطفل المصاب، وتتدخل جينات محددة في الإصابة بسرطان «ويلمز» قد تتسبب في الإصابة بهذا النوع من السرطان مرة أخرى وتتدخل حتى في معاودة ظهور المرض وانتشاره، لذلك ترتبط المراقبة بعلاج الأعراض الجانبية التي ترافق الإصابة بسرطان «ويلمز»، فمثلا فيما يخص فقر الدم يجب وصف علاج خاص بالأنيميا، والإبقاء على المراقبة عن طريق فحص الدم المستمر، وفي حالة التعرض في مستوى متقدم من الإصابة إلى إنتان تنفسي بسبب امتداد الإصابة الى الرئتين، يجب تقديم العلاج اللازم لاسيما وصف المضادات الحيوية أو باستعمال البخاخات الموسعة للقصبات الهوائية الخاصة بمرض الربو، وهناك مجموعة من العلاجات المخصصة لمثل هذه الحالات.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024