بعض العلماء يتساءلون

لماذا لا تأكلون الحشرات؟

 يرى بعض العلماء أن الحشرات الصالحة للأكل تعتبر ثورة الغذاء المستدام المقبلة. كما وجد استطلاع للرأي أجرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) في عام 2019، أن ما يقرب من ثلث الناس في المملكة المتحدة يعتقدون أن الحشرات الصالحة للأكل ستصبح في النهاية جزءا من وجباتهم الغذائية.
وبالرغم من أن الحشرات كانت تقليديا جزءا أساسيا من النظام الغذائي في أجزاء كثيرة من العالم، فإنه يوجد نفور من تناولها كغذاء لدى الغالبية العظمى من الناس. ولكن ما السبب وراء ذلك، وهل يختلف أكل الحشرات عن أكل لحوم البقر والضأن على سبيل المثال، ولماذا يعتبر العلماء أكل الحشرات هو الأفضل على المدى الطويل؟

لماذا لا نأكلها؟
في بحث تحليلي حديث نُشر في «إنفيرومنتال ريسيرش ليترز» (Environmental Research Letters)، في 22 ديسمبر الماضي، تستكشف طالبة الدكتوراه ماكنزي ويد، في جامعة كاليفورنيا، سانتا بارابارا (University of California, Santa Barabara) وزميلها جيفري هويل بعض أسباب ذلك.
تقول ويد إن الحشرات الصالحة للأكل لا تزال بعيدة عن أن تكون جزءا أساسيا من النظم الغذائية السائدة في الدول الغربية. لأن ما نعتبره جيدا للأكل هو مسألة نتعلمها ثقافيا. فنحن نتعلم منذ الصغر ما هو الطعام المقبول واللذيذ والمغذي وتصبح هذه الأطعمة مألوفة لنا. وتضيف أن «المعرفة الثقافية التي نتلقاها غالبا عن الحشرات منذ الصغر، هي أن الحشرات آفات وناقلة للأمراض».
وتلفت إلى أنه على الرغم من النفور الغربي من أكل الحشرات، فإن «هناك تاريخا طويلا من أكل الحشرات في المناطق المدارية، لأن الحشرات غالبا ما تكون أكبر ومتاحة أكثر ومغذية من المناطق الباردة أو الأكثر اعتدالا، مما يجعلها مصدرا أفضل للغذاء».

طعمها رائع لدى البعض
وفي مقالها المنشور على صحيفة «الإندبندنت» (The Independent) البريطانية، تتناول الكاتبة ديزي دن رأي أحد مؤسسي مزارع تربية الحشرات، حيث تقول تيزيانا دي كوستانزو، المؤسس المشارك لمزرعة «هورايزون» (Horizon)، لتربية الحشرات الصالحة للأكل في لندن، إن «الديدان الطحلبية شديدة التنوع، وطعمها رائع».
كانت دي كوستانزو وعائلتها قد بدأت في تربية الديدان في سقيفة مساحتها 30 مترا مربعا منذ حوالي عامين ونصف العام، وتبيع الشركة الآن الديدان الحية والصراصير المجففة للعملاء في المملكة المتحدة.
تقول دي كوستانزو «بالنسبة لنا، كل ما نقوم به هو الحفاظ على البيئة الطبيعية». ومن وجهة نظرنا المثالية اعتقدنا أن الآخرين سيقلدوننا ويفعلون الشيء نفسه وسيكون لدينا الكثير من مزارع الحشرات الصغيرة مثل هورايزون، لكن هذا لم يحدث. وتضيف أن الزوار ممن يأتون إلى مزرعة هورايزون يأتون من أجل تجربة شيء جديد ولكنهم حينما ينتهون يكونون سعداء.

ثورة الغذاء المستدام؟
ووفقا لمقال الإندبندنت، فإنه خلال السنوات القليلة الماضية، تم وصف تربية الحشرات من أجل الغذاء بأنها ثورة الغذاء المستدامة المقبلة في الدول الغربية عدة مرات. ويرجع ذلك إلى أنه مقارنة مع الماشية التقليدية مثل لحم البقر والضأن، تتطلب الحشرات موارد أقل بكثير وتنتج انبعاثات أقل من غازات الاحتباس الحراري.
وكما تقول ويد إنه «يمكن تربية الحشرات على جزء صغير من الماء والأعلاف والمساحة التي تتطلبها الماشية التقليدية».
كما أنه وفقا لمنظمة الفاو، فإن تربية الماشية تتسبب في الوقت الحالي في حوالي 14.5% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ويعتبر إنتاج اللحوم الحمراء ملوثا بيئيا بشكل خاص، لأن الأبقار والأغنام «مجترات»، أي أنها تتسبب في انبعاث كميات كبيرة من غاز الميثان المسبب للاحتباس الحراري أثناء عملية هضم الطعام.
هذا فضلا، عن أن عملية الإنتاج الحيواني تتطلب تطهير مساحات كبيرة من أراضي الغابات لإيجاد مساحة لرعي الماشية أو لزراعة الأعلاف الحيوانية، مما يتسبب في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
بالمقارنة، يمكن تربية الحشرات في أي مكان تقريبا، بما في ذلك الحدائق الخلفية في بيوتنا الحضرية. كذلك فإن الديدان الطحلبية والصراصير يمكن أن تؤكل كاملة، مما يعني عدم إهدار أي جزء من الحيوان.
تقول دي كوستانزو إنه في مزارع تربية الحشرات الصغيرة مثل «هورايزون» يمكن تقليل الفاقد بدرجة كبيرة وإعادة التدوير، حيث تحصل هورايزون على الخضار الفائض من متاجر المواد الغذائية المحلية، وتستخدم ذلك كعلف للحشرات، ومن ثم بيعها بشكل جيد.

هل هذا غذاء صحي؟
وتظهر الأبحاث أن التحوّل العالمي إلى تناول كميات أقل من اللحوم والمزيد من الفاكهة والخضروات سيكون مفتاحا لمعالجة الانبعاثات من الزراعة. وبالنسبة لأولئك الذين تحولوا إلى تناول كميات أقل من اللحوم لأسباب بيئية، يمكنهم الاستعاضة عن ذلك بالحشرات للحصول على العناصر الغذائية الأساسية.
ووفقا لويد، فإن تناول الحشرات يوفر الكثير من العناصر الغذائية اللازمة للحفاظ على نظام غذائي نباتي مثل الحديد والبروتين وفيتامين «ب 12» (B12).
تقول ويد أيضا إنه إذا أردنا لأكل الحشرات أن ينتشر على نطاق واسع في الدول الغربية، فسوف نحتاج إلى تجاوز كونها مجرد بدعة، واستبدالها بمنتجات اللحوم لدينا. كما يجب أن يتم تسعيرها بشكل معقول لضمان حصول الجميع على طعام مستدام ومغذٍ.

الصحافة البريطانية

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024