لا أحد يمكنه أن يكسر إرادة الشّعوب ولا أن يملي عليها ما يجب أن تفعله، مهما كانت قوته لأنّ الشّعوب هي وحدها من تنتصر في الأخير، فوسم “غير قابل للتصرّف” لم يأت من فراغ ولا هدية من المنتظم الدولي بل نتيجة معارك تاريخية أكّدت فيها هذه الشّعوب أنها وحدها من تقرّر مصيرها باعتباره حق لا يحتمل لا التصرّف ولا الاجتهاد ومن أي كان، ما عدا ذلك يدخل كله تحت طائلة، من لا يملك لمن لا يستحق، وقد أثبت التاريخ أنّ هذه الصفقة المختلة ستظل كذلك مهما طال الزمن أو تعاقبت الأجيال، فلا الاحتلال هنّأ بأرض نهبها ولا أصحابها سكتوا وسلموا لسياسة الأمر الواقع التي يحاول كل احتلال أن يفرضها أينما حلت أقدامه النجسة، سواء بأساليبه الناعمة الخبيثة، أو بالإبادة، التشريد والتجويع.
الشّعب الصّحراوي، على اعتباره آخر شعب محتل في إفريقيا، هو عينة حيّة على قوة الشّعوب وإصرارها، فعلى مدار 5 عقود من الاحتلال المغربي الظالم مازال الصّحراويّون متمسّكون بأرضهم وبحقّهم في تقرير مصيرهم بعيدا عن أي إملاءات أو ضغوطات، وهي الأجيال التي ولدت عشية المسيرة السّوداء المشؤومة وما بعدها ماتزال اليوم على عهد من واجهوا تلك الحملة الاستعمارية، قبل 50 عاما، بصدور عارية وأيادٍ فارغة فمن ذا الذي يمكنه أن يملي على هذا الشّعب الصابر المسالم سيناريوهات غير قابلة للتحقيق، لا من حيث الشّكل ولا من حيث الموضوع؟