أضحى شراء الأواني استعدادا لاستقبال شهر رمضان الكريم شبيها بالعادة الاجتماعية التي تتمسك بها الكثير من النساء الجزائريات، وكذلك الأمر في ورقلة، حيث تشهد محلات بيع الأواني توافدا كبيرا قبيل وعشية الشهر الفضيل مقارنة بالأيام العادية.
يعرف هذا السلوك التسوقي، تطوّرا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، فعلى الرغم من أنّ هذه العادة مستحسنة في أوساط النساء، حيث يعتبر الكثير منهن أن لانعكاس الآنية الجديدة تأثيرا إيجابيا على نفسية المرأة وأدائها في المطبخ، ومع ذلك فإنّ هذا السلوك أضحى يأخذ منحى سلبيا، نظرا للأعباء المادية التي تتكبّدها العائلات، والتي تشكو في الكثير من الأحيان غلاء المعيشة والتهاب الأسعار.
وفي الواقع، فإنّ ميزانية شراء الأواني ومستلزمات المطبخ استعدادا لاستقبال شهر رمضان، قد تصل إلى حدود 10 ألاف دينار على الأقل لدى متوسط الزبونات لمحلات الأواني، حسب ما أكّدته بعضهن، وهو رقم مرجّح للارتفاع لدى أخريات، في ظل الارتفاع الكبير الذي تسجله أسعار الأواني، خاصة المستوردة منها والتي تغزو الأسواق المحلية بشكل كبير.
وعلى الرغم ممّا تحمله هذه العادة من تباشير باستقبال الشهر الكريم في نفوس أفراد العائلة، إلاّ أنّ التهافت الكبير على اقتناء الأواني المنزلية والتي تشهد ارتفاعا يزداد بمعدل الضعف، عشية رمضان، أفقد هذه العادة فحواها.
وفي هذا السياق، تقول السيدة فايزة لعلام إنّ المرأة في السابق كانت تحتفظ بأواني خاصة بشهر رمضان، تضفي لمسة متفردة على المائدة الرمضانية وتحرص على تحضيرها قبل فترة لتكون إيذانا لكل أفراد العائلة بقدوم الشهر الكريم، دون أن تلجأ في كل سنة إلى تغيير طقم الطاولة كما نشهده في السنوات الأخيرة.
وبالمقابل، تعمد المرأة قبل رمضان على تسديد كل ديونها قبل انطلاق هذا الشهر الكريم ومباشرتها الصيام، في حين أن بعض النساء وللأسف، أضحت تقترض وتحمل على عاتقها ديونا مضاعفة من أجل شراء الأواني الجديدة في رمضان، وهو أمر يخالف فكرة هذا الشهر الذي يحمل في معانيه الكثير من الأفكار التي تدعو إلى تفادي التبذير والإسراف في الأكل والشرب، فما بالك في الأواني التي تستخدم لهذا الغرض.
وعدا ما تحتاجه المرأة من أمور ضرورية للمطبخ أو تجديد للآنية القديمة غير صالحة الاستعمال وخاصة أطقم الأواني الفخارية، التي تلقى إقبالا عليها والتي تضفي أجواء خاصة على الموائد الرمضانية، فإن الكثير من السلوكيات حادت عن هدفها الأساسي.
من جهة أخرى، وسعيا لتمكين المحتاجين وذوي الدخل المحدود من الاستفادة من الأواني المستعملة، أطلقت عدة جمعيات خيرية محلية في السابق مبادرات تهدف إلى إتاحة الفرصة للنساء للتبرع بالأواني المستعملة إلى العائلات المعوزة.
كما ينتظر أن يشهد هذا الشهر الفضيل مبادرات مماثلة لتمكين الفئات المعوزة من الاستفادة من هذه الآنية المستعملة، خاصة وأن أغلبها في حالة جيدة وصالحة للاستخدام لنيل أجر الصدقة، ومن جهة أخرى للتوعية بضرورة التقليل من هذه التصرفات غير العقلانية في الإقبال على شراء واقتناء الأواني، والتي قد لا تستعمل بالأساس.





