تمثل لحظة الإعلان عن استقلال الجزائر وانتصارها ضد الاستعمار الفرنسي يوم 5 جويلية 1962، «فرحة عارمة» بالنسبة للذين عايشوها وعانوا من ويلات النظام الاستعماري وظلمه وجبروته، وقساوة فرنسا الاستعمارية خلال الحرب التحريرية الوطنية، وفق شهادة نا باية حموتان.
لا تزال نا باية (86 سنة) التي ساهمت في النضال من أجل الاستقلال على طريقتها، من خلال تحضير الطعام للمجاهدين، تتذكر إلى يومنا هذا أدق تفاصيل الأحداث التي ميّزت يوم الإعلان عن استقلال البلاد.
ولم تتوان عن وصف «الفرحة العارمة « التي انتابتها يومها، وقالت: «لن أنسى تلك اللحظة طوال حياتي حتى وإن فقدت صوابي…كانت لحظة مباركة فعلا، بعد كل تلك المظالم والخوف والحرمان والذل والضغط، كانت بمثابة ميلاد جديد من أجل العيش دون خوف والتمكن أخيرا من التنقل بكل حرية دون الاضطرار لإعطاء أيّ تبريرات، شيء لا يصدق فعلا».وكانت نا باية آنذاك تعيش في منطقة غافور، شرق ولاية البويرة حاليا، حيث كان زوجها الراحل يشتغل بشركة المؤسسة العامة الشمال الإفريقية، وهي تتذكر إلى يومنا «مظاهر الفرح العارمة البادية للعيان، وكأن الناس قرروا أن يطلقوا العنان لأنفسهم، دون أيّ قيد «. وروت لواج كيف خرج القرويون إلى الشوارع وانضم إليهم سكان القرى والمداشر المجاورة من أجل إطلاق العنان لفرحتهم، في حين لم يتردد الكثير منهم، رجالا، نساء وأطفالا وعائلات بأكملها، في الصعود إلى الشاحنات المتوجهة إلى الجزائر العاصمة من أجل المشاركة في الاحتفالات بالاستقلال. ولم تنس نا باية في خضم هذه الذكرى المباركة، الحادثة «الطريفة» التي عاشتها ذلك اليوم، حين قرر زوجها الصعود في إحدى الشاحنات المتجهة إلى العاصمة دون إخبارها بذلك، كونه لم يكن لديه متسعا من الوقت للرجوع إلى البيت. وبقيت بذلك نا باية وحيدة في بيتها رفقة أطفالها الأربعة، دون طعام يسد رمقهم لمدة ثلاثة أيام.
وقالت إنّ زوجها ذهب مباشرة من عمله إلى العاصمة من أجل المشاركة في التظاهرات دون أن يترك لها أيّ طعام في البيت. وبقيت وحدها مع أطفالها تطبخ الخبز في الماء لمدة ثلاثة أيام، لتغذيتهم.





