وصل قبلها إلى المكان، اختار الجلوس على شرفة المطعم بالخارج، حتّى يراقب وصولها، ليرى كل تفاصيل الوصول لحظة بلحظة، دقائق وستحضر، ستاتي حبيبة قلبٍ كانت كالحلم، ومضة مرّت على العمر ولم تشبع من رؤيتها العين، ينظر إلى السّاعة بين الحين والآخر، وهو يعيد قراءة رسائلها الرائعة، ليكتشف جمالَ ما يحمله قلبها من مشاعر كلّها نسيج أنثويّ خالص.
من فرط القلق، اتّصل بها حتّى يطمئن إن لم تته في الطّريق، كان يفضّل أن تحضر معه في سيّارته، لكنّها فضّلت أن تذهب بسيّارتها الخاصّة.
هاهي سيّارة تتّجه صوب المرتفع، بداخلها أنثى، فجأةً تحوّل المكان إلى عرسٍ، حضرت عروسته، عروسة القلب، تنزل وكأنّها أميرة تتردّد على منصّة مهرجان، وكأنّها تستعرض كلّ ما لديها من جواهر في لمحة البصر، هي نفسها تلك الّتي احتفظت بمفاتيح الزّمن، ولم تبرح مكانها من حينه، الآن ستنسى جراح الشّرفات الّتي علقت بقلبها ذكرى خسرانه، ستنجلي خيبات المرور الحزين أمامه، تلك الّتي كسرت وجدانها حينما كان لا يعيرها أيّ اهتمامٍ، هي الآن تسقط كلّ جراحها وترفرف في علوّ هذه السّماء السّاحرة، لتكون حبيبة وفقط.
كانت في منتهى أناقتها، وقد اختارت اللّون الأخضر الخفيف، الممزوج باللّون الأبيض كحلّة الأرض في ربيعها حينما يكسوها العشب الأخضر، وكأنّها حمامة حطّت ببياضها فوق بساط هذا العشب، ليكون الجمال ربيعيًا باهرًا ما خلق الله أجمل منه.
يبدو عليها ذلك الحياء الّذي ما فارق مخيّلته يومًا، حياء الأنوثة في أوّل تجربتها مازال حاضرًا، مازال يزيّن تلك الوجنتين السّاحرتين وزادها الفرح هذه المرّة عمقًا متأصّلا.
كم أنت جميلة ليلى! لم يستطع أن يحفظ توازنه، طار عقله، صار شابًا عاشقًا في بداية العشرين، لهفة اللّقاء تعصف بالقلب الآن، كحبّة تفّاح ستسقط لتحدث انقلابا في نظريات الكون والحبّ والوجود، صار الآن العالم يكبر ويفرح ويتكاثر فقط هنا، بينه وبينها، في تلك المنطقة الّتي يجلسان فيها معًا، وهذا المحيط الصّغير الّذي يتقابلان من خلاله وجهًا لوجهٍ، صار هو العالم مرّة واحدة بكلّ ثقله وتاريخه وأحلامه.
أمّا هي، ما عادت تستطيع أن تحبس جنون فرحةٍ سينتبه لها الجميع، كشفت عيناها وباحت بأسرارها لكلّ الموجودين، بأنّها وردة تنتظر نحلها..