انخفاض تكاليف التشغيل وانعدام الغازات الدّفيئة..تقنية متميّزة 

نحو إنشاء 15 محطّة طاقة شمسية في 12 ولاية بقدرة 2 جيغاواط

 أكّد الخبير الطاقوي والأمين العام للمركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، البروفيسور ساري نصر الدين، أنّ الجزائر تتّجه بشكل كبير نحو استغلال مواردها الكهروضوئية الطبيعية على نطاق واسع، لدعم التنمية الاقتصادية الوطنية المستدامة، وتعزيز وضعها الطاقوي العالمي.

 قال البروفيسور نصر الدين ساري، وهو رئيس فريق بحث بمخبر الشراكة والاستثمار بجامعة سطيف 1، إن الجزائر برزت كلاعب رئيسي في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقات المتجددة في ظل التحول الدولي نحو الطاقات النظيفة، بفضل موقعها الجغرافي الغني بالإشعاع الشمسي، وإمكانياتها الضخمة في هذا المجال الهام، حيث تسطع الشمس بمعدل يصل إلى 3.500 ساعة سنويًا في صحرائها، مع إشعاع يتراوح بين 1.700 كيلواط/م²/سنة في الشمال و2.263 كيلواط/م²/سنة في الجنوب الكبير.
وأوضح ساري في تصريح خصّ به “الشعب”، أن الطاقات الكهروضوئية الشمسية تتميز تقنيتها بانخفاض تكاليف التشغيل، وعدم انبعاث الغازات الدفيئة الملوثة للبيئة والمحيط، ممّا يجعلها خيارًا مثاليًا للانتقال نحو اقتصاد نظيف منخفض الكربون.
وأبرز محدّثنا أنّ القدرة الإجمالية للطاقات المتجددة في الجزائر، بلغت بحلول نهاية سنة 2024 حوالي 600.9 ميغاواط، منها 436.8 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ومن هذا الحجم تم ربط 388.95 ميغاواط بالشبكة الكهربائية الوطنية، بينما تمثل المشاريع غير المتصلة بالشبكة 47.85 ميغاواط، أي حوالي 10.1 % من الإجمالي.
وتهدف الجزائر الساعية بجد إلى تحقيق انتقال طاقوي سريع وآمن، إلى رفع هذه النسبة إلى 27 % من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول عام 2035، مع التركيز على الطاقة الشمسية الكهروضوئية على وجه التحديد، وفقًا للمصدر ذاته.
مشاريع ضوئية ضخمة
 وبخصوص أهم المشاريع الحالية والمستقبلية للطاقة الشمسية الكهروضوئية في الجزائر، أفاد الخبير ساري أنّ وزارة الطاقة بالتعاون مع شركة سونلغاز أطلقت في عام 2023 مشاريع ضخمة بقدرة إجمالية تصل إلى 3.2 جيغاواط، تشمل إنشاء 15 محطة طاقة شمسية في 12 ولاية بقدرة 2 جيغاواط، وخمس محطات إضافية بسعة 1 جيغاواط، كما تم إطلاق مناقصة لمحطة شمسية بقدرة 200 ميغاواط مع نظام تخزين في منطقة غار جبيلات لدعم مشروع استخراج الحديد، الأمر الذي سيكون له انعكاسات اقتصادية جدّ هامة.
ومن المتوقع أن تتجاوز القدرة الإنتاجية للطاقات المتجددة 4 جيغاواط بحلول سنة 2026، مع هدف طويل الأمد يبلغ 22 جيغاواط بحلول سنة 2030، منها 13.5 جيغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية.وعلى صعيد التصنيع المحلي، عرفت البلاد نموًا ملحوظًا في صناعة وتجميع ألواح الطاقة الشمسية، حيث ارتفع عدد مصانعها إلى ستة منشآت، بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 469 ميغاواط، بزيادة قدرها 123 ميغاواط مقارنة بعام 2022، بحسب قوله.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية
 أكّد البروفيسور نصر الدين أنّ مشاريع الطاقة الشمسية في الجزائر تسهم في خلق فرص عمل كثيرة، وتوفر حوالي 2.188 وظيفة، مع وجود أكثر من 1.000 باحث في مجال الطاقات المتجددة، 87 % منهم حاصلون على درجة الدكتوراه، ويُنتظر أن تتضاعف هذه الأرقام بدخول المشاريع الجديدة حيز الخدمة والإستغلال.
إلى ذلك، يُساهم هذا النوع الطاقي الضوئي في تعزيز مسار نمو الاقتصاد الوطني من خلال تخفيض التكاليف الإنتاجية المحلية بشكل عام، ودعم مشاريع المؤسسات الناشئة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة عبر إتاحة الحصول على المصادر الطاقوية التشغيلية النظيفة بسهولة تامة.
منافع المناطق المعزولة
 تلعب الطاقة الشمسية، مثلما أبرز ساري، دورًا حيويًا في تحسين جودة حياة الساكنة في المناطق النائية والمعزولة، حيث جرى تركيب 12.382 نظامًا شمسيًا في تلك النواحي، خاصة منها الصحراوية والسهبية مع نهاية سنة 2024، بقدرة إجمالية تبلغ 23.06 ميغاواط، مما يمثل تقريبًا نصف القدرة الإجمالية للمشاريع غير المتصلة بالشبكة الكهربائية الأساسيةوعلاوة على ذلك، تمّ تجهيز حوالي 1136 مدرسة ابتدائية عبر التراب الوطني بألواح طاقة شمسية كهروضوئية، بقدرة إجمالية تبلغ 8.63 ميغاواط، ممّا عزّز من جودة التعليم في المناطق الريفية، وتسهيل الوصول إلى مصادر طاقوية نظيفة ومستدامة، يذكر الخبير.تسير الجزائر بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها في مجال الطاقات المتجددة خاصة الكهروضوئية، مستفيدة من إمكانياتها الطبيعية والبشرية الهائلة، واستمرارها في تطوير برامج طموحة قائمة على البحث العلمي، ممّا سيرفع من مكانتها كقوة إقليمية وعالمية في مجال الطاقة النظيفة، ويفتح آفاقًا واسعة وواعدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، يختم الخبير في الأمن الطاقوي، البروفيسور ساري نصر الدين.