منادي لـ «الشعب»: متعاقدون مع 6 مطابخ والطهاة جزائريــون مئـــة بالمئـــة

«الشاف» أيوب لـ «الشعب»: لدينا خبرة تفوق عشر سنوات في إعاشة الحجــاج

في قلب البقاع المقدسة، حيث يقف الحجّاج الجزائريّون بخشوع بين الشعائر الدينية المقدسة، تحرص البعثة الجزائرية للحجّ على توفير كل سبل الراحة لضيوف الرّحمن، بدءا من السّكن والنقل، وليس انتهاء عند أحد أبرز جوانب الراحة النفسية والجسدية وهو الغذاء. ومن هنا، كان برنامج الإعاشة أحد أركان التنظيم الذي برز هذا العام، سواء من حيث التنظيم أو جودة المضمون، ليجسّد تجربة متميّزة تنقل نكهات المطبخ الجزائري الأصيل إلى مكة المكرمة.

عند سفح جبل النور حيث يقع غار حراء، الذي كان يتعبّد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وفي منطقة الشرائع الخضراء، أقيمت المطابخ التي تم التعاقد معها لإعداد وجبات الحجّاج الجزائريّين. وتم تجهيزها خارج النطاق المركزي لمكة المكرّمة، وهو تنظيم معمول به مع كل بعثات الحج من مختلف الدول.
وفي هذا السياق، يؤكّد رئيس لجنة الإعاشة بالبعثة الجزائرية، محمد رضا منادي، في تصريح خاص بـ»الشّعب» أنّ هذا الإجراء تنظيمي بحت: «تفرض المملكة أن تكون المطابخ خارج مركز مكة لأسباب تنظيمية وصحية. نحن متعاقدون مع ستة مطابخ، أربعة منها تحت إشراف الديوان الوطني للحجّ والعمرة، واثنان بالتنسيق مع الوكالات السياحية. هذه المطابخ تعمل بكفاءة عالية، والطّهاة جزائريّون مئة بالمئة، ما يجعل الطعام المقدّم قريبا جدّا من أجواء البيت الجزائري». ويؤكّد منادي إلى أنّ عملية نقل الطعام من المطابخ إلى الفنادق تتم وفق شروط صارمة تحترم سلسلة التبريد والنقل الصحي، لضمان وصول الوجبات طازجة وآمنة إلى الحجّاج.

نكهات مميّزة بأيدٍ جزائرية

 النكهة الجزائرية حاضرة بقوة في وجبات الحجّاج، إذ لم تقتصر البعثة على توفير الغذاء فحسب، بل سعت إلى استحضار الذوق الجزائري الأصيل بكل تفاصيله. الشاف أيوب، المسؤول عن إعداد الطعام، يتحدّث لـ»الشّعب» قائلاً: «لدينا خبرة تفوق عشر سنوات في إعاشة الحجّاج، ونعمل اليوم وفق منهج واضح ومضبوط بالتنسيق مع الديوان الوطني للحجّ، الذي يراجع معنا كل صغيرة وكبيرة في قائمة الطعام».
ويضيف أيوب: «الوجبات المقدّمة جزائرية مائة بالمائة، تشمل أطباقًا مثل طاجين الزيتون، طاجين الجلبانة، الشطيطحة بالدّجاج، شربة الفريك أو العدس، والكسكس يوم الجمعة، إضافة إلى سلطات وعصائر وفواكه. الوجبة متوازنة من حيث القيمة الغذائية، إذ تحتوي على البروتينات، الكربوهيدرات، والفيتامينات».
ويشدّد الشاف أيوب على أنّ حتى التوابل المستخدمة جُلب أغلبها من الجزائر: «نستخدم البهارات الجزائرية حتى نُرضي ذوق الحاج الجزائري، ونمنحه شعورًا بأنه لا يزال في منزله، فيأكل دون تردّد أو قلق».

رقابة طبية صارمة

 ولأنّ التغذية في الحجّ لا تتعلّق فقط بالذوق، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة الحاج وسلامته، فقد أولت البعثة الجزائرية أهمية خاصة للمراقبة الطبية، وفي هذا الصدّد يتحدّث أخصائي الأمراض الجرثومية والمشرف الطبي على لجنة الإعاشة، الدكتور حميد سعيد لـ»الشّعب» موضّحًا تفاصيل الرقابة: «نحن نعمل وفق نهج وقائي صارم. لدينا نظام تفتيش فجائي للمطابخ المركزية، حيث نراقب نظافة المكان، الأدوات، واليد العاملة. جميع العمال خضعوا لفحوصات وتحاليل طبية دقيقة للتأكّد من خلوّهم من الأمراض، التي يمكن أن تنتقل عبر الغذاء».
ويشير الطبيب إلى أنّ اللّجنة لا تكتفي بمراقبة أماكن الطبخ، بل تتابع أيضا نقاط التوزيع في الفنادق، وتلتزم بضوابط صارمة لنقل الطعام: «حتى طريقة نقل الطعام من المطابخ إلى أماكن التوزيع تخضع لمقاييس تحفظ درجات الحرارة والرّطوبة، ممّا يحول دون فساد الوجبات أو تعرضها لأي تلوث».
ويؤكّد الدكتور سعيد أنّ مستوى الإعاشة قد شهد تحسّنا ملحوظا خلال السنوات الماضية: «كل الملاحظات التي رفعناها في السنوات الماضية أُخذت بعين الاعتبار، وشهدنا تحسّنا في جودة الخدمات، سواء من حيث النظافة أو نوعية الطعام. الآن، الوجبة المقدّمة ليست فقط متكاملة غذائيا، بل تُحضّر وتُقدّم في ظروف صحية مثالية».

إعاشة تواكب الرّوحانية

 بفضل هذا التنظيم المُحكم والمرافقة اللّصيقة، أصبح الحاج الجزائري أكثر راحة وتفرّغا لأداء مناسكه دون انشغال بمسائل التغذية. وقد أشار رئيس لجنة الإعاشة محمد رضا منادي إلى هذه النقطة بوضوح لـ»الشّعب»: «في وقت سابق، كان الحاج يعاني من صعوبة في التكيف مع الطعام الآسيوي أو غير المألوف. أما اليوم، فبفضل جهود البعثة والديوان الوطني للحجّ، والطهاة الجزائريّين، أصبح الحاج مرتاحا نفسيا وغذائيا، ممّا يُمكّنه من التركيز التام على العبادة».