في سابقة صحية وطنية، أطلقت وزارة الصحة أول مخطط وطني شامل للتكفل بالأمراض النادرة، وذلك خلال يوم موضوعي احتضنته قاعة المحاضرات بجامع الجزائر، تحت إشراف وزير الصحة الأستاذ عبد الحق سايحي، خلال نهاية الأسبوع وبحضور وزراء وممثلين عن هيئات صحية وأكاديمية وطنية.
تمثل مبادرة وزارة الصحة مؤشر تحول نوعي في السياسة الصحية، نحو إدماج الفئات الهشة من المرضى ضمن الاستراتيجية الوطنية للرعاية والوقاية.
بحسب تقارير دولية ومحلية في ميدان الصحة يقدر عدد الأمراض النادرة عالميا بين 7000 و8000 مرض، تصيب قرابة 350 مليون شخص، وتتميز بضعف الانتشار لكنها تترك أثرا صحيا واجتماعيا عميقًا. أما في الجزائر، فتصنّف “نادرة” كل حالة لا يتجاوز انتشارها شخصا واحدا لكل 2000 نسمة، بحسب معايير وزارة الصحة.
ويُعزى جزء كبير من انتشار هذه الأمراض في الجزائر إلى الزواج بين الأقارب، حيث أن نحو 80% منها ذات أصل وراثي، ما يجعل مسألة الوقاية والتوعية حجر الأساس في مواجهة هذا التحدي الصحي الصامت.
خطة من سبعة محاور..
أكد الوزير سايحي خلال كلمته أن الهدف الأساسي من المخطط هو كسر عزلة المرضى وتقليص فترة “التيه الطبي”، أي الفترة التي يقضيها المريض في البحث عن تشخيص دقيق لحالته. ولهذا الغرض، يرتكز المخطط الوطني على سبعة محاور رئيسية:
1. تعزيز البحث العلمي في المجال الجيني لفهم أفضل للأمراض الوراثية النادرة.
2. تكوين الأطباء في تخصصات دقيقة لمواجهة صعوبة التشخيص.
3. تحسين التشخيص المبكر من خلال توفير تقنيات التحاليل المتقدمة.
4. إعداد بروتوكولات علاجية موحدة ومبنية على الأدلة العلمية.
5. إنشاء منصة وطنية للبيانات الصحية لتسهيل المتابعة والتخطيط.
6. توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى وأسرهم.
7. إشراك جمعيات المرضى كشركاء في صياغة السياسات الصحية
ولتجسيد هذه الرؤية، تم تخصيص أكثر من 20 مليار دينار جزائري لتمويل المخطط، مع التوجه نحو إنشاء مراكز مرجعية داخل المستشفيات الكبرى تُعنى بالتكفل المتخصص بالأمراض النادرة، وتعمل كأقطاب للخبرة والتكوين.
إنصاف صحي شامل
واعتبر وزير الصحة أن هذا المشروع يمثل “نقلة نوعية في المنظومة الصحية الوطنية”، ليس فقط من حيث التشخيص والعلاج، بل من حيث العدالة الصحية وضمان الحق في الرعاية لجميع الفئات، بما فيها أولئك الذين يعانون من أمراض نادرة لم تكن تحظى في السابق بالاهتمام الكافي. وختم الوزير بالتأكيد على أن نجاح هذا المخطط مرهون بمدى تجاوب وتنسيق مختلف القطاعات المعنية، وتفاعل المختصين والمهنيين الصحيين، داعيا إلى تعبئة جماعية لإنجاح هذه الورشات الوطنية.
