تجددت، أمس الثلاثاء، ولليوم الرابع على التوالي، الدعوات للتظاهر في عدد من المدن المغربية، استجابة لنداءات حركة “جيل زد”. ويأتي هذا الحراك وسط تصاعد للغضب الشعبي بسبب العنف الذي يرافق تفريق الاحتجاجات من قبل قوات الأمن، وارتفاع أعداد الموقوفين.
وأعلنت الحركة، عبر تطبيق “ديسكورد” ومنصات تواصل اجتماعي أخرى، أن دعواتها لهذا اليوم موجهة بشكل خاص إلى تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات لتنظيم وقفات احتجاجية رمزية داخل مؤسساتهم التعليمية. وتمثل هذه الخطوة تحولاً في التكتيك يهدف إلى توسيع نطاق التعبئة بعيداً عن الاحتجاجات المباشرة في الشوارع.
صمــت رسمـي وتصعيد قضائـي
ويستمر هذا الحراك في ظل صمت رسمي مطبق من الحكومة المخزنية والسلطات العمومية، ما يجعل المواجهة محصورة بين المتظاهرين وقوات الأمن في الفضاء العام.
ويتزامن التصعيد الميداني مع متابعة قضائية لعدد من الموقوفين الذين اُعتقلوا خلال الأيام الماضية، حيث مثل بعضهم أمام النيابة العامة أمس للبت في مصيرهم، مما يزيد من حالة الاحتقان المتزايدة في الشارع العام المغربي.
تنديـد واسع بالقمـع
في الأثناء، تتواصل ردود الأفعال المنددة بمقاربة المخزن الأمنية في التعاطي مع الاحتجاجات الشبابية العارمة المطالبة بالعيش الكريم والكرامة، وتتوالى التحذيرات من الانحدار غير المسبوق والمنحى السلطوي في مجال الحقوق والحريات، والذي ينم على غياب أية إرادة سياسية للتجاوب مع المطالب الأساسية لعموم الشعب.
وفي السياق، حذّر الفضاء المغربي لحقوق الإنسان الدولة من “الاستخفاف بحالة الاحتقان التي تعم كل ربوع الوطن”، داعيا إلى “العمل على تحقيق المطالب وإيقاف سياسة القمع الممنهج في حق المطالب المشروعة للمحتجين”، في حين اعتبرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن قمع الاحتجاجات، “إنما هو إقرار الحكومة عن فشلها في التعاطي مع المطالب الشعبية”.
المقاربـــة الأمنيـة تزيـد الوضــع احتقانــا
وعلى الصعيد السياسي، استنكر حزب النهج الديمقراطي المقاربة الأمنية في التعاطي مع الاحتجاجات ومع المطالب المشروعة للشباب المغربي بكل فئاته، وما شابها من تدخلات قمعية أسفرت عن مئات الاعتقالات التي طالت المحتجين والمحتجات بمختلف المدن المغربية.
وقالت البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، إن الاحتجاجات “دقت ناقوس خطر حقيقي إزاء الفوارق الاجتماعية واستشراء الفساد والبطالة والفقر”، معتبرة أن “المقاربة الأمنية الغارقة في التسلط والاعتقالات لن تزيد الأوضاع إلا احتقانا وتوترا”.
لا لسياسات التهميــــش والتفقــير
واعتبرت حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، المنضوية تحت لواء الحزب الاشتراكي الموحد، أن الاحتجاجات الواسعة “عكست حجم الغضب الاجتماعي المتراكم في أوساط الشباب وعموم الكادحين”، مشيرة إلى أن المحتجين “خرجوا للتعبير بطريقتهم العفوية عن الرفض القطعي لاستمرار سياسات التفقير والتهميش”.
وتفاعلا مع الموضوع، دعت حركة التوحيد والإصلاح إلى “التدخل العاجل لوقف الاحتقان الاجتماعي وتغليب لغة الحوار والإنصات لنبض الشارع”، مستنكرة العنف الممارس ضد المتظاهرات، ودعت الدولة إلى “إيجاد الحلول لمشاكل الشباب بعيدا عن سياسة الإلهاء والعبث”.
من جهته، قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، إن الاحتجاجات تشكل “تنبيها للحكومة التي تستمر في نهج التعالي والغرور الذي يجعلها تروّج لإنجازات وأرقام لا تعكس الواقع الملموس”.
أما الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، فشدّد على أنه “في الوقت الذي يفترض من الدولة أن تتفاعل إيجابا مع هذه الصرخة القوية والعفوية وتنصت لمطالب الشباب العادلة، نجدها مصرة كالعادة على المقاربة الأمنية والتصدي لهذه الاحتجاجات بكل أشكال التعنيف والاعتقال والتنكيل”.
تكميم الأفواه لن يحل مشاكل المغرب
بدوره، قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن سياسة تكميم الأفواه وقمع الاحتجاج كحق مشروع والتنكيل بالمواطنين والمواطنات لن يحل المشكل.
وأكد الغلوسي في تدوينة على حسابه الرسمي بفايسبوك، أن هذه السياسة تعمق الأزمة وتصب الزيت على النار، لذلك حذاري من التعاطي مع الاحتجاجات السلمية المشروعة بمقاربة أمنية والتضييق على الحريات.




