أوصى المشاركون في اليوم العلمي الجهوي حول أمراض فقر الدم الوراثي (طلاسيميا والدريبانوسيتوز)، الذي احتضنته ولاية سكيكدة، بجملة من الإجراءات العملية الرامية إلى تحسين التكفل الطبي والوقائي بهذا المرض الذي يشكل أحد أبرز التحديات الصحية في الجزائر.
شدّد الخبراء والأساتذة المختصون على ضرورة الارتقاء بجودة التشخيص والعلاج والمتابعة، عبر تبني مقاربة شاملة تجمع بين التوعية المجتمعية والتكوين المستمر والتنسيق بين مختلف الفاعلين في قطاع الصحة والجمعيات والهيئات العلمية.
وركّزت التوصيات على أهمية إجراء الكشف المبكر، خصوصا لدى المقبلين على الزواج، باعتباره خطوة أساسية للوقاية والحد من انتقال الجينات المسببة للمرض، إضافة إلى تعزيز التوعية بخطورة زواج حاملي المرض، ودعم المرضى من خلال توفير الأدوية والفحوصات الدورية، وإرساء قاعدة بيانات دقيقة تسمح بتتبع الحالات وتطوير بروتوكولات التكفل الجهوي.
كما تمت الدعوة إلى تبادل الخبرات بين الولايات الشرقية المشاركة، وتشجيع البحث العلمي الطبي لفهم أعمق لطرق الوقاية والعلاج، إلى جانب مساندة الجمعيات النشطة في هذا المجال.
وفي هذا السياق، أكّد العربي زروقي، مدير الصحة والسكان لولاية سكيكدة، أنّ تنظيم هذا الملتقى يعكس التزام قطاع الصحة بتطوير منهجية العمل والتشخيص والتكفل، وتعزيز التعاون العلمي بين ولايات الشرق الوطني، وأوضح أنّ تحسين الرعاية بالأمراض الثقيلة، وعلى رأسها أمراض فقر الدم الوراثي، يمثل محورا مهما في سياسة الصحة العمومية، بالنظر إلى ما تطرحه هذه الأمراض من تحديات طبية واجتماعية معقدة.
وشدّد مدير الصّحة، على أن التكوين المستمر للفرق الطبية وشبه الطبية يعدّ ضرورة لضمان تطوير نوعية التشخيص والعلاج والمتابعة، معتبرا أن هذا اللقاء العلمي يمثل فضاءً لتوحيد الرؤى وتعزيز التكامل بين المؤسسات الصحية والمخابر والهيئات المختصة.
وقد نظّم هذا اليوم العلمي برعاية والي ولاية سكيكدة وبإشراف مديرية الصحة والسكان، وبالتعاون مع جمعية الرازي لمرضى فقر الدم الوراثي، على مستوى المعهد الوطني العالي للتكوين شبه الطبي سكيكدة، وشارك في فعالياته مختصون، وأطباء، وأساتذة جامعيون، وممثلون عن ولايات عنابة، قسنطينة، جيجل، بجاية، الطارف، قالمة وسكيكدة، ما أضفى على الملتقى طابعا جهويا واسعا سمح بتبادل التجارب والخبرات المختلفة.
وتطرقت المداخلات العلمية إلى عدة محاور، من بينها التطورات الحديثة في تشخيص أمراض فقر الدم الوراثي، أساليب التكفل الطبي في المؤسسات الاستشفائية، دور المخابر في الكشف المبكر، وأهمية العمل التوعوي في الحد من انتشار المرض، كما تمت مناقشة الصعوبات التي تواجه الفرق الطبية في التعامل مع الحالات المعقدة، وسبل تذليل العقبات التقنية والتنظيمية.
واهتم الملتقى كذلك بطرح إشكالية ضغط الحالات المسجلة عبر ولايات الشرق، وضرورة توحيد الجهود لتوجيه المرضى إلى الهياكل المختصة، مع توفير مسارات علاجية واضحة ومتكاملة، وتدعيم مصالح الصحية بالوسائل المادية والبشرية اللازمة، كما أشار المتدخلون إلى أهمية العمل التشريعي والتنظيمي في تعزيز إجراءات الوقاية، خصوصا ما يتعلق بالكشف قبل الزواج، وضرورة إدراج حملات دورية واسعة تشمل مختلف الفئات العمرية.
وشكّل الحدث منصّة علمية لتبادل النقاشات والتحاليل بين مختلف المشاركين، الذين أكّدوا في ختام أشغالهم على ضرورة استمرار هذه اللقاءات العلمية بشكل دوري، لما توفره من إضافة نوعية في مجال البحث والتكوين وتطوير الممارسات الطبية، وقد خرج الملتقى برؤية مشتركة تقوم على تعزيز التكفل الشامل وتكثيف الجهود الوقائية، بما يسهم في الحد من انتشار أمراض فقر الدم الوراثي وتحسين جودة حياة المرضى عبر مختلف ولايات الشرق الجزائري.






