تتواصل التطورات الميدانية والإنسانية في قطاع غزة وسط واقع معقّد يتقاطع فيه أثر العدوان الصهيوني المستمر مع الكوارث الطبيعية التي فاقمت هشاشة البنية التحتية، واستنزفت قدرة السكان على الصمود.
شنّت طائرات الاحتلال صباح أمس الأحد غارات على رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة، بعد ساعات على استشهاد 6 فلسطينيين، وإصابة أكثر من 25 آخرين في قصف استهدف سيارة مدنية غرب مدينة غزة.
وتعرّضت السيارة للقصف مساء السبت بواسطة طائرات مسيرة على شارع الرشيد الساحلي جنوب غرب المدينة، في خرق جديد لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي.
وكان الجيش الصهيوني وجهاز الشاباك أعلنا – السبت – عن استهداف القيادي في كتائب القسام رائد سعد، بغارة في قطاع غزة. وزعما بأن الاغتيال جاء ردا على تفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الصهيوني داخل غزة.
اغتيال القيادي الكبير رائد سعد
وقد أكّدت حماس استشهاد القيادي الكبير في كتائب القسام رائد سعد خلال غارة صهيونية.
ويعد سعد، أحد أبرز القادة التاريخيين في “كتائب القسام”، الذراع العسكري لحركة حماس، ومن الشخصيات التي لعبت أدوارا محورية في البنية العسكرية للحركة على مدار أكثر من عقدين.
وقد أثار اغتيال رائد سعد، موجة جدل وتساؤلات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل ناشطون ومحللون مع العملية، معتبرين أن القوات الصهيونية توظف سياسة الاغتيالات كأداة لتقويض التفاهمات القائمة، بينما رأى بعضهم أن الاغتيال يشكل تصعيدا خطيرا قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاغتيالات الممنهجة.
وأشار آخرون إلى أنّ الاحتلال يسعى من خلال هذه الخطوة إلى ترسيخ سياسة الاستهدافات كخيار دائم لإدارة الصراع لا كإجراء استثنائي، بهدف استدراج المقاومة إلى رد فعل يمكن استثماره سياسيا وإعلاميا، لتصويرها على أنها الطرف الذي أنهى الاتفاق.
كما رأى مغرّدون أنّ الاغتيال يأتي في إطار محاولة مقصودة لإعادة ضبط قواعد الاشتباك من دون إعلان رسمي عن انهيار التفاهمات، عبر توسيع دائرة الخروقات كرسالة مسبقة قبل التوجه إلى واشنطن وفرض وقائع ميدانية جديدة.
وكتب أحد المغرّدين قائلا إنّ “غزة تعيش مرحلة خطرة، كل عملية اغتيال تضع التهدئة على المحك”، بينما أضاف آخر أن “الاغتيالات المتكررة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة”.
في المقابل، حذّر مدوّنون من أن استمرار التصعيد الصهيوني في قطاع غزة قد يؤدي إلى تدهور واسع، مطالبين الوسطاء والضامن الأمريكي بالتدخل الفوري لمنع الانزلاق نحو مواجهة جديدة، في ظل تأكيدات بأن المقاومة التزمت حتى الآن ببنود الاتفاق.
ولفت آخرون إلى أن نتنياهو دأب على إفشال أي مسار سياسي أو توافق دولي للانتقال إلى مراحل متقدمة من الاتفاق، عبر تنفيذ عمليات أكثر استفزازا، وذلك يضع المقاومة أمام خيارات صعبة بين الرد أو ضبط النفس.
وشبّه ناشطون ما يجري في قطاع غزة بما يحدث في لبنان، حيث تنفذ عمليات استهداف لقيادات حزب الله رغم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار، في ظل غياب رد مباشر.
هذا، وأعلنت وزارة الصحة، أمس الأحد، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70،663، وحصيلة الإصابات ارتفعت إلى 171،139، منذ بدء عدوان الاحتلال في السابع من أكتوبر 2023.
ولفتت الصحة أنّه لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم. وأشارت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية، 9 شهداء و45 مصابا.
فيما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي 391 شهيدا، و1063 مصابا، وجرى انتشال 632 جثمانا.
وعلى الصعيد الإنساني، تسبّبت موجة البرد والأمطار الغزيرة التي ضربت قطاع غزة الأيام الماضية إثر المنخفض الجوي “بيرون” في تفاقم الأوضاع الصعبة للسكان.
1092 مريضا توفّوا أثناء انتظار الإجلاء
على الصّعيد الإنساني، قال ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إنّ نحو 1092 مريضا في قطاع غزة توفوا أثناء انتظار الإجلاء الطبي بين جويلية 2024 و28 نوفمبر 2025.
وقال بيبركورن إنّه من المرجح أن يكون هذا الرقم أقل من الرقم الحقيقي وغير ممثل بشكل كامل، لأنه يعتمد فقط على الوفيات المبلغ عنها.
وتابع أنّ “منظمة الصحة العالمية دعت المزيد من الدول إلى استقبال مرضى من غزة، وعودة عمليات الإجلاء الطبي إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية”.



