مقاربة سيادية ترفض التدخل الأجنبي وتعالج جذور التطـــرف والعنــف
تجريم دفع الفدية و«المبادئ التوجيهية الجزائرية” إنجازات تاريخيـة
مواقف جزائرية ثابتة وخبرة ميدانية تدحض ادّعاءات داعمي الإرهاب
أدت الجزائر ومازالت تؤدي دورا فاعلا في مكافحة الإرهاب، الظاهرة العابرة للحدود، وقد كانت من أوائل الدول التي تعرضت للظاهرة، وأول من حذر من بعدها العالمي، عندما كانت دول تمول وتدعم الجماعات الإرهابية في الجزائر. ولأنها عانت من ويلات الإرهاب المتطرف، اتخذت موقفا حاسما من كل ما له علاقة به، ووضعت استراتيجية متكاملة قوامها الأمن والتنمية واحترام حقوق الإنسان. كما ترفض الجزائر التعامل مع الجماعات الإرهابية من منطلق مبدأ راسخ هو عدم التفاوض مع الإرهابيين.
بعد خروجها منتصرة من الحرب على الإرهاب الدموي الذي عانت من ويلاته أكثر من عشرية، وسط حصار دولي غير معلن، اكتسبت الجزائر خبرة قلّ نظيرها في فهم نمط عمل وتفكير الجماعات الإرهابية، وبالتالي، طورت استراتيجيات التفكيك، ما سمح لها بالقضاء النهائي على الظاهرة في حدودها القطرية، وأصبحت خبرتها مطلوبة لدى الدول التي تعاني منها، بل وحتى الدول الكبرى التي تحمل لواء “مكافحة الإرهاب”.
وقدمت الجزائر مبادرات عديدة، سواء على المستوى الإقليمي القاري، في الاتحاد الإفريقي، أو على المستوى الدولي، بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، لتجفيف منابع الإرهاب مستندة في ذلك إلى خبرتها وتجربتها الناجحة في القضاء على الظاهرة.
الأمن والتنمية.. استراتيجية ناجحة
وتنطلق الجزائر في مقاربتها لمكافحة ظاهرة الإرهاب بالساحل، من معادلة ثنائية قوامها الأمن والتنمية، وهو أساس استراتيجيتها الشاملة التي تجمع بين الجهود الأمنية والدبلوماسية، من خلال الوقاية والتعاون متعدد الأطراف، والتنموية عبر معالجة الأسباب الجذرية للعنف والتطرف، مثل الفقر والتهميش، مع التركيز على السيادة الوطنية لدول المنطقة ورفض أي تدخل عسكري أجنبي، كما تركز على حل الأزمات بالوسائل السلمية والحوار السياسي بين دول المنطقة نفسها، وتعزيز القدرات المحلية، ودعم الانتقال السياسي والعمل على تمكين الحكومات الوطنية من إدارة مواردها وإعادة بناء مؤسساتها.
ومن أمثلة ما تقوم به الجزائر في سبيل استتباب الأمن وتحقيق التنمية في منطقة الساحل خصوصا، وإفريقيا عموما، تقديم عدد من المبادرات، منها لائحة تجريم دفع الفدية التي تم تبنيها على مستوى المنظمة الأممية، بهدف تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، حيث تشهد المنطقة تصاعدا في عمليات خطف الرهائن، بهدف الحصول على فدى من دول جنسية المختطفين، وقد التزمت الجزائر بالمقترح، ورفضت الرضوخ لابتزازات الجماعات الإرهابية التي احتجزت دبلوماسييها في بداية الأزمة في مالي، وقامت باغتيالهم بعد رفض الجزائر الرضوخ انطلاقا من مبدأ عدم التفاوض مع الإرهابيين.
بصمة جزائرية بارزة
إلى جانب ذلك، تؤكد الجزائر، وهو ما يتضح في إطار جهودها على مستوى مجلس الأمن الدولي داخل مجموعة “أ+3”، حيث نجحت في دفع مجلس الأمن الدولي، شهر جانفي 2025، لاعتماد “مبادئ الجزائر بشأن مكافحة تمويل الإرهاب باستخدام التكنولوجيات الحديثة”، بالإجماع في مجلس الأمن أو ما أصبح يعرف باسم “المبادئ التوجيهية للجزائر”، وهي بصمة بارزة في الهيكل الدولي لمكافحة الإرهاب، وإسهاما تاريخيا في تعزيز السلم والأمن الدوليين. وقد شكلت هذه الجهود التي استمرت عاما كاملا بقيادة الجزائر بصفتها رئيسة لجنة مكافحة الإرهاب، هذه الجهود إطارا دوليا جديدا لمواجهة التحديات الناجمة عن التطور السريع للتكنولوجيات المالية، ويكرس هذا الاعتماد التزام الجزائر الدائم بمكافحة الإرهاب ودورها القيادي في هذا المجال.
وعلى الصعيد القاري، أسست الجزائر للاتفاقية الإفريقية لمكافحة الإرهاب ومنعه، وإنشاء المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب 2004، المتواجد بالجزائر، العاصمة، واحتضان العديد من الندوات المتعلقة بمكافحة الظاهرة على غرار ندوة الجزائر حول الأمن والاستقرار في الساحل الإفريقي في مارس 2010، وندوة الجزائر الدولية حول الشراكة والأمن والتنمية في سبتمبر 2011.
كما احتضنت الجزائر مؤخرا الطبعة 12 لمسار وهران الذي كان فرصة لتسليط الضوء على استفحال الظاهرة الإرهابية في إفريقيا، والساحل خصوصا، وسط تراجع الدعم الدولي لمكافحتها، حيث قال وزير الخارجية أحمد عطاف، خلال اختتام الطبعة إن “آفة الإرهاب قد استفحلت واسْتَشْرَت، حتى صارت تفرض ذاتَها كأبرز تهديد في منطقة الساحل الصحراوي أين سيطرت على مساحَات شاسعة من الأراضي ونَصَّبت نفسها سلطاتٍ حاكمة باسم الأمر الواقع”.
تهم باطلة
وفي الوقت الذي تقوم الجزائر بدورها الفاعل في مجلس الأمن الدولي، من أجل استتباب الأمن في منطقة الساحل، العمق الاستراتيجي لها، راح رعاة الإرهاب والداعمين للجماعة الإرهابية “ماك” يكيدون للجزائر، على أمل زعزعة استقرار الجزائر المنتثرة التي انطلقت في ترسيخ سيادتها وبناء اقتصادها، كما خيب كل جزائري حر ذلك الأمل الزائف، برفض الدعوات المغرضة التي أطلقتها الجماعة الإرهابية من أرض فرنسا.
وأبعد من ذلك، راحوا يكيلون التهم الباطلة للجزائر، رغم أن الأدلة تشير إلى تورطهم في تغذية التطرف في منطقة الساحل، وتنفيذ ضربات ضد المدنيين، خاصة من خلال عمليات “سرفال” 2013، و«برخان” 2014/2022، ورغم ادعاء راعي الإرهاب في الساحل بمكافحته، إلا أنه كان يدعم الجماعات الإرهابية ويستهدف العزّل، من أجل مزيد من الفوضى والمواجهات بين الجيش والمدنيين، وهي التهم التي وجهتها لها الأنظمة العسكرية في دول الساحل التي انقلبت على التواجد العسكري الفرنسي وطردته من أراضيها، ومازالت الأنظمة هناك توجه التهم نفسها لفرنسا، بعد تعرض جيوش دول الساحل الثلاثة لهجمات دقيقة، قيل إنها نفذت طبقا لمعلومات استخباراتية لا تملك مفاتيحها إلا فرنسا.




