مقاربـة شاملـة لدعم الاستثمـار والاندماج في اقتصـاد المعرفـــة
أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، على ضرورة إقرار المزيد من التسهيلات العملية والقانونية لتطوير التجارة الإلكترونية، باعتبارها أحد الرهانات الاقتصادية الكبرى في المرحلة الراهنة، مع التشديد على ضمان أعلى مستويات الأمن الرقمي لحماية المعاملات والبيانات.
وقال الخبير الاقتصادي نبيل جمعة إن الاقتصاد الرقمي في الجزائر يمثل ما بين 2.5 و8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وهو يسجل وتيرة نمو متسارعة تقرّبه تدريجيا من مستويات الدول المتقدمة، لاسيما في ظل توفر البنية التحتية والوسائل اللوجستية اللازمة لبلوغ هذا الهدف، خلال السنوات المقبلة.
وأفاد جمعة، في تصريح لـ«الشعب”، أن المؤشرات الجزئية للتجارة الإلكترونية تشير إلى مستويات تقترب من 3 بالمائة من حيث استعمال الإنترنت والرقمنة في المجال التجاري، لافتا إلى أن السلطات العمومية تستهدف رفع هذه النسبة إلى 8 بالمائة خلال السنوات القادمة، ما يعني أن حجم الاقتصاد الرقمي الحالي يوجد في مرحلة نمو متقدمة، ويخطو خطوات سريعة نحو الاقتراب من مستوى الدول المتقدمة.
وأشار المتحدث إلى أن 76 بالمائة من الجزائريين ينشطون في الفضاءات الرقمية، وهو رقم مرشح للارتفاع مستقبلا، ما يعكس قابلية كبيرة لتوسيع قاعدة الاقتصاد الرقمي.
وقال جمعة إن الجزائر حققت قفزة معتبرة في تعميم وسائل الدفع الإلكتروني، إلى جانب تسجيل تحسن ملحوظ في البنية التحتية للإنترنت، خاصة مع إطلاق منصات رقمية في قطاعات حيوية على غرار الجباية، الجمارك، والسجل التجاري.
وفي السياق ذاته، تحدث الخبير عن التحسن المتواصل في البنية التحتية للإنترنت، من خلال تعميم الألياف البصرية، وبروز منصات رقمية محلية، مؤكدا أن الجزائر تسير في مسار الرقمنة، مع توفير الوسائل التكنولوجية اللازمة لإنشاء أنظمة رقمية آمنة وقابلة للتتبع والمراقبة.
ويعد الاقتصاد الرقمي – يقول جمعة – مسارا استراتيجيا يشكل وزنا محسوسا في الناتج الداخلي الخام، لافتا إلى وجود اندماج حقيقي للتجارة الإلكترونية غير الرسمية في القنوات الرسمية، فضلا عن تنامي ثقة المواطن في التعامل التجاري داخل هذا الفضاء، من خلال استعمال وسائل الدفع الإلكتروني، لا سيما “البطاقة الذهبية” وبطاقات الدفع البنكية التي توفرها المؤسسات المصرفية على غرار القرض الشعبي الجزائري والبنك الوطني الجزائري.
وبخصوص التسهيلات التي أوصى بها رئيس الجمهورية، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، أوضح جمعة أن جوهرها يتمثل في إزالة العوائق الإدارية، من خلال تبسيط إجراءات إنشاء المتاجر الإلكترونية وربطها مباشرة بالسجل التجاري، إلى جانب تخفيف الأعباء الجبائية خلال المرحلة الأولى لممارسي هذا النشاط.
وبحسب المتحدث، فإن هذه التسهيلات من شأنها استقطاب ممارسي التجارة الإلكترونية الناشطين في القطاع غير الرسمي، ودفعهم إلى التصريح بنشاطهم بدل التهرب الجبائي، مشددا على ضرورة تسهيل عمليات الدفع الإلكتروني عبر رفع التعقيدات البنكية، وتوفير حلول لوجستية فعالة في مجالي التوصيل والتخزين.
وفيما يتعلق بالبصمة الرقمية، أوضح جمعة أنها تشمل مجمل العمليات التجارية، مشيرا إلى أن الجزائر حققت تقدما معتبرا في هذا المجال، لكنها ما تزال بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود للتقليص من التعامل بالنقود (الكاش)، بما يسمح بتحقيق الاستدامة الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، ذكّر المتحدث بالجهود التي بذلتها الدولة لربط النشاط التجاري بالرقم الجبائي، باعتباره شرطا أساسيا لتحقيق الشفافية، إلى جانب التوجه نحو الفوترة الإلكترونية، بما يسمح بمراقبة المعاملات الرقمية الكبرى وتعزيز الشفافية في هذا المجال.
ويخلص الخبير نبيل جمعة إلى أن التجارة الإلكترونية لا يمكن أن تحقق مؤشرات نمو كبيرة إلا من خلال تحويل الدفع الإلكتروني إلى قاعدة عامة، وجعل الأمن السيبراني ممارسة يومية، مؤكدا الأهمية البالغة لهذا الأخير في حماية الأموال والبيانات والهوية الرقمية، ومشددا على أن هذا النوع من التجارة يحتاج إلى حوكمة فعالة لضمان استدامته وتطوره.





