احتضن المركز الثقافي لجامع الجزائر، مراسم الحفل الختامي للطبعة السادسة عشرة من وسام العالم الجزائري، في أجواء طبعتها الرمزية والاعتراف بقامات علمية وطنية.
شهدت الاحتفالية حضور عدد من الشخصيات الرسمية، حيث مثل عميد جامع الجزائر مدير الديوان بشير بسعود، إلى جانب رئيس المجلس العلمي موسى إسماعيل، والمدير العام للمركز الثقافي ياسين بن عبيد، والنائب بالمجلس الشعبي الوطني هشام حداد، ووزيرة التكوين والتعليم المهنيين نسيمة أرحاب، إضافة إلى ثلة من الأساتذة والمثقفين والمهتمين بالشأن العلمي.
وتمi خلال هذا الموعد تكريم الفائزين بجائزة “عالم الجزائر” لسنة 2025، ويتعلق الأمر بكل من الشيخ الدكتور محمد بن سعيد شريفي، الملقب بـ«حارس الحرف القرآني”، وكذا البروفيسور طيب حفصي، أحد أبرز مهندسي الاستراتيجيات على المستوى الدولي.
ويعد البروفيسور محمد بن سعيد شريفي، المولود سنة 1935 بمدينة القرارة بولاية غرداية، من أعلام الخط العربي في الجزائر والعالم الإسلامي، حيث يسجل له شرف كونه أول من نسخ المصحف الشريف برواية ورش بخط النسخ.
كما تحصل على دكتوراه الدور الثالث في التاريخ، ودكتوراه الدولة في التاريخ الإسلامي ـ خط الثلث، وهو أستاذ متقاعد من المعهد العالي للفنون الجميلة بالجزائر، راكم خبرة تفوق أربعة عقود في التدريس. ويزخر رصيده الفني بإنجازات نوعية، أبرزها نسخ خمسة مصاحف كاملة، إلى جانب تصميم أوراق نقدية وشهادات رسمية، كما نال عدة جوائز وطنية ودولية، من بينها جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب سنة 2015، ودرع “محبرة التراث” من مخبر المخطوطات بأدرار سنة 2016.
أما البروفيسور طيب حفصي، المولود سنة 1944 بولاية سعيدة، فهو أستاذ فخري بجامعة HEC Montreal، وعضو في الجمعية الملكية الكندية، تحصل على ماجستير في إدارة الأعمال من معهدMIT، ودكتوراه في سياسة الأعمال من كلية هارفارد للأعمال، ويُعد من الأسماء المرجعية في الدراسات الإستراتيجية. وألف حفصي عشرات الكتب والأبحاث التي تناولت الاقتصادات العالمية الكبرى، لا سيما الصين وإيران، كما أسس مجلة “Management International”، ويعمل مستشارا استراتيجيا لمؤسسات وحكومات في كندا والولايات المتحدة وإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وهو أيضا من مؤسسي Club Avenir المنظمة التي تهدف إلى دعم أبناء الجالية المغاربية في كندا وتعزيز اندماجهم وتميّزهم.
وفي كلمة ألقاها الأستاذ محمد بوسحابة نيابة عن الدكتور محمد بن موسى بابا عمي، المشرف العام على مؤسسة وسام العالم الجزائري، أكد، أن جوهر هذا الموعد لا يقتصر على الاحتفاء الشكلي، بل يقوم على استحضار قيمة الأمانة بمختلف أبعادها: أمانة الدين والوطن والعلم والإنسان، وأمانة القيم والأخلاق والحضارة، وأمانة الماضي والحاضر والمستقبل، وأمانة الأجيال المتعاقبة.
وأوضح بابا عمي، أن الأمانة تضع الإنسان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما حفظها وصونها، أو تضييعها وخيانتها، كما أشار، إلى أن وسام العالم الجزائري ليس مناسبة عابرة، بل هو “خلاصة المعنى وعصارة الوجدان”، ورسالة واضحة لنبذ التفاهة والتشبث بالمعالي، والتأكيد على أن الجزائر كانت ولا تزال أرض العلم والعلماء.
كما لفت المشرف العام لمؤسسة الوسام إلى أن هذا التكريم يأتي في ظرف عالمي دقيق، يشهد انتهاكات جسيمة للقيم والإنسان، مستحضرا ما تعانيه فلسطين والسودان، ومؤكدا أن رسالة الوسام هي الانحياز للحق والعلم والإنسان.
وأشاد، باختيار المكرمين، معتبرا أنه يعكس فلسفة “الوسام” القائمة على وحدة الدين والوطن والعلم، ومثنيا على مسيرة شريفي وحفصي كنموذجين للعطاء العلمي والإنساني، قبل أن يثمن جهود كل القائمين على الوسام، ويؤكد أن هذا التتويج ملك لكل جزائري يؤمن بقيمة العلم.
وختم بابا عمي كلمته بالترحم على الوالد الروحي للمؤسسة الشيخ عدون رحمه الله، واستحضار روح الأديب والشاعر الدكتور محمد صالح ناصر، داعيا إلى مواصلة حمل الرسالة بإخلاص.
ومن جهته، عبر رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، في كلمة تلاها النائب هشام حداد، عن إشادته بحسن تنظيم هذا الحدث، وبالدور الذي تؤديه مؤسسة “وسام العالم الجزائري” في ترقية مكانة العلماء.
وأكد بوغالي، أن الأمم لا تضعف ما دامت تعلي من شأن العلم، وأن الجزائر، إلى جانب ثرواتها الطبيعية، تزخر بثروة بشرية من العلماء والباحثين الذين يشكلون مصدر فخر وركيزة أساسية لبناء الدولة.
كما شدّد، على حرص المؤسسة التشريعية على الاستئناس بآراء العلماء في العمل التشريعي، معتبرا أن التشريع السليم لا يكتمل دون رؤية علمية رصينة.
ونوّه رئيس المجلس الشعبي الوطني، بخصوصية هذه الطبعة التي كرمت قامات علمية وفكرية بارزة، على غرار البروفيسور محمد بن سعيد شريفي والبروفيسور طيب حفصي، معتبرا ذلك احتفاء بالعلم الجزائري ورموزه.
ومن جانبها، وصفت وزيرة التكوين والتعليم المهنيين، السيدة نسيمة أرحاب، الحفل بـ«الحدث الاستثنائي”، مشيدة بحسن التنظيم والمستوى الراقي الذي عكس صورة مشرفة عن الجزائر ومعربة عن تقديرها الكبير لمجهودات مؤسسة وسام العالم الجزائري، مؤكدة أن مثل هذه المبادرات تشكل قدوة حقيقية للشباب وتفتح أمامهم آفاق النجاح والتميز.





