تولي السلطات عناية كبيرة للمناطق النائية، خاصة الحدودية منها بولاية النعامة، تعزيزا لمسار التنمية المحلية من خلال تجسيد المشاريع التنموية والانتقال من التنمية الاجتماعية والتكفل بالمتطلبات الأساسية للمواطنين إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية والترويج لمقومات المنطقة، لاسيما أنها تقع على الشريط الحدودي.
شهدت المؤشرات التنموية بقرى ومناطق بلدية الصفيصيفة الحدودية قفزة نوعية في مختلف القطاعات، على غرار الصحة والتربية والربط بمختلف الشبكات، إضافة إلى التحسين المستمر للإطار المعيشي للمواطنين خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
كما جرى ربط القرى والتجمعات السكانية فيما بينها عبر فتح المسالك وإنجاز الطرقات، تجسيدًا لتطلعات السلطات الرامية إلى القضاء على مناطق الظلّ وإنهاء الفوارق بين مناطق الوطن.
قرى الفرطاسة، أوزغت، وأولقاق التابعة إداريًا لبلدية الصفيصيفة، والواقعة على بعد 100 كلم جنوب غرب عاصمة الولاية، وعند مسافة 180 كلم عن مقر الولاية، عرفت خلال السنوات الأخيرة انتعاشًا تنمويًا معتبرًا، فقد استفادت من عدة مشاريع عبر مختلف القطاعات، من بينها قطاع التربية الذي تعزز بمدارس ابتدائية جديدة لتحسين ظروف التمدرس لأبناء هذه القرى.
وتمّ إنجاز متوسطة بقرية الفرطاسة، وهو ما خفّف عن التلاميذ عناء التنقل إلى مقر البلدية الأم، الذي يبعد بين 45 و55 كلم، وسمح للبنات خصوصًا بمواصلة الدراسة في الطور المتوسط بعد أن كنّ يغادرن مقاعد الدراسة عند نهاية المرحلة الابتدائية فقط، رغم تفوقهن، بسبب بعد المؤسسات التعليمية وخصوصيات المنطقة.
وتدعمت المدارس بمطاعم مدرسية توفر وجبات ساخنة منذ اليوم الأول من الدخول المدرسي، مع توفير النقل المدرسي لمختلف التجمعات القريبة، وربط المؤسسات بالتدفئة، إضافة إلى استفادة بعضها من ملاعب جوارية أو استغلال الملاعب المجاورة لممارسة الأنشطة الرياضية.
وخلال زيارة ميدانية للوقوف على ظروف التمدرس بهذه المناطق، أكد والي الولاية الوناس بوزقزة تسجيل نتائج إيجابية في الجانب البيداغوجي بعد توفير كل الظروف الملائمة، مثمنًا جهود مختلف المتدخلين، ومؤكدا أن الاستثمار في التعليم هو حجر الزاوية لبناء مجتمع قوي وإعداد جيل قادر على دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي قطاع الصحة، تدعمت هذه القرى بمرافق عمومية متعددة، إذ تمّ تعزيزها بقاعات علاج تستفيد دوريًا من قوافل طبية تابعة لمؤسسة الصحة الجوارية بعين الصفراء. وتمّ الوقوف على سير الخدمة العمومية بقاعة العلاج “بن براهيم براهيم” بقرية الفرطاسة، التي تغطي مناطق واسعة تشمل سكان البدو الرحل، إضافة إلى إنشاء ملحقات إدارية وفروع بلدية لتحسين الخدمة العمومية وتقريبها من المواطن.
أما في قطاع البريد والمواصلات، فقد تمّ تعزيز المنطقة بمركز بريدي بقرية الفرطاسة. وخلال زيارته لهذا المرفق، شدّد الوالي على ضرورة عصرنة ورقمنة خدمات البريد والاتصال باعتبارها رافعة أساسية لدعم النشاط الاقتصادي المحلي وتشجيع المبادرات الشبانية والمقاولاتية لخلق مناصب شغل واستغلال الطاقات المتاحة بالمناطق الحدودية.
وتسعى السلطات المحلية بولاية النعامة إلى توفير مشاريع تنموية تعزّز ظروف المعيشة والخدمات العمومية ودعم التمدرس والاستثمار الفلاحي لفكّ العزلة عن هذه المناطق. وفي هذا الإطار، استفادت قرية الفرطاسة من مشروع إنجاز طريق يربطها بقرية أوزغت بتكلفة 45 مليار سنتيم.
ودعا الوالي الوناس بوزقزة إلى مواصلة الجهود لتعزيز المكاسب، بمشاركة المواطنين والمجتمع المدني والمنتخبين، لتحقيق الانتقال من التنمية الاجتماعية إلى التنمية الاقتصادية والترويج لمقومات المنطقة، خصوصًا أنها تقع على الشريط الحدودي. كما استفادت القرية من مشروع تهيئة حضرية ومراقبة مخبرية لـ 14 مسكنًا (حصة الطرقات والأرصفة).
أما قرية أولقاق، فقد استفادت هي الأخرى من مشروع إنجاز شبكة الصرف الصحي الذي انتهت أشغاله نهائيًا، فيما أعطيت إشارة انطلاق مشروع إنجاز مسبح جواري بقرية أوزغت، التي تدعمت بعدة مرافق أخرى مثل الملحقة الإدارية وتدعيم الطرق والتهيئة، لتصبح قرية نموذجية على الشريط الحدودي.
كما تم إنجاز وتجهيز فضاء للعب مخصص للأطفال، مع التأكيد على ضرورة المحافظة على هذه المكاسب باعتبارها متنفسًا للعائلات ووسيلة للحد من الفوارق الاجتماعية.
وقد شكلت زيارة المناطق الحدودية ببلدية الصفيصيفة فرصة للسكان للقاء مسؤولي الولاية والمجتمع المدني، حيث ثمّن السكان جهود الدولة في تحسين إطارهم المعيشي، فيما استمع والي الولاية لانشغالاتهم واقتراحاتهم قصد التكفل بها ضمن البرامج المستقبلية.



