ترسيخ أولوية العدالة الاجتماعية والتكافل في السياسات العمومية
كواشي لـ “الشعب”: خيار اجتماعي يعكس وفاء الدولة بالتزاماتها
أقر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، زيادات جديدة في معاشات ومنح التقاعد، مؤكدا بذلك التزامه الثابت بتحسين الإطار المعيشي للمواطنين وخاصة فئة المتقاعدين، ودعم قدرتهم الشرائية، وهو ما يكرس الطابع الاجتماعي، القائم على العدالة الاجتماعية، والتكافل، وصون كرامة المواطن، باعتبارها ثوابت لا تقبل المساومة.
ووفق مخرجات مجلس الوزراء المنعقد، أمس الأول، تستهدف الزيادات الأخيرة بشكل خاص أصحاب المعاشات الأقل، حيث تقرر منح زيادة بنسبة 10 بالمائة للمتقاعدين الذين يتقاضون معاشا يساوي أو يقل عن 20 ألف دينار جزائري، في حين يستفيد المتقاعدون الذين يتقاضون أكثر من هذا المبلغ من زيادة بنسبة 05 بالمائة، وقد رصدت الدولة في إطار نفقات التحويل بقانون المالية 2026، 424 مليار دينار للتقاعد.
ويأتي هذا القرار ليستكمل سلسلة الإجراءات التاريخية المتدرجة التي أقرها رئيس الجمهورية منذ عام 2020، والتي وضعت تحسين المستوى المعيشي للمتقاعدين والموظفين في صلب أولويات الدولة، فقد سبقت هذه الزيادة الأخيرة قرارات هامة مست معاشات ومنح التقاعد، حيث شهدت السنوات الماضية زيادات متتالية، منها زيادات عام 2020 التي تراوحت بين 2 و7 بالمائة وذلك ابتداء من الفاتح ماي 2020.
ونفذت هذه الزيادات حسب معدلات متفاوتة أخذت بعين الاعتبار المبلغ الإجمالي لمعاشات التقاعد ومنح التقاعد، وراعت هذه الزيادات المعاشات والمنح الضعيفة بصورة خاصة، حيث تم إدراج زيادات بنسبة 7 بالمائة بالنسبة للمعاشات والمنح التي تقل أو تساوي 20 ألف دينار جزائري، وزيادة بنسبة 4 بالمائة بالنسبة للمعاشات والمنح التي تفوق 20 ألف دينار وتساوي 50 ألف دينار، وزيادة بنسبة 3 بالمائة بالنسبة للمعاشات والمنح التي تفوق 50 ألف دينار وتساوي 80 ألف دينار، وزيادة بنسبة 2 بالمائة بالنسبة للمعاشات والمنح التي تفوق 80 ألف دينار، وتم صبّ هذه الزيادات في شهر جوان 2020 مع احتساب شهر ماي بأثر رجعي.
أما في عام 2024، فتم إقرار زيادات إضافية تراوحت بين 10 و15 بالمائة، عززت المكاسب المحققة لشريحة المتقاعدين، بعد تجسيد التزامات الرئيس بالزيادات في معاشاتها بنسب غير مسبوقة، وهو ما يعكس حرص الرئيس تبون على تأمين إطار معيشي مرضي للجميع، وحياة أسرية هادئة، وضمان كرامة المواطن، وتكريس حماية حقوقه بما فيها تلك المرتبطة بالمسارات المهنية والتقاعد.
كما أمر الرئيس تبون برفع الحد الأدنى لمنح التقاعد إلى 15 ألف دينار جزائري لمن كانوا يتقاضون أقل من 10 آلاف دينار، وإلى 20 ألف دينار جزائري لمن كانت معاشاتهم تبلغ 15 ألف دينار، وهو ما يمثل قفزة نوعية في ضمان دخل أدنى لائق.
وفي قراءته لمخرجات مجلس الوزراء، أوضح الخبير الاقتصادي مراد كواشي في تصريح لـ«الشعب”، أن الزيادات التي أقرها مجلس الوزراء في معاشات التقاعد، تندرج ضمن مقاربة اجتماعية شاملة اعتمدها الرئيس تبون منذ سنوات، تهدف إلى حماية القدرة الشرائية وصون كرامة المواطن، لاسيما الفئات الهشة.
وأوضح كواشي أن هذه الإجراءات ليست معزولة، بل تأتي امتدادا للاستراتيجية التي وضعها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال مجالس الوزراء السابقة، والتي تجسدت ميدانيا في سلسلة من القرارات شملت الزيادات في الحد الأدنى للأجور، وتحسين المعاشات، وتعزيز منح البطالة، تنفيذا للالتزامات التي تعهد بها خلال حملته الانتخابية للعهدة الثانية.
وأكد المتحدث أن رئيس الجمهورية أوفى بوعوده، من خلال تكريس البعد الاجتماعي كخيار ثابت في السياسات العمومية، معتبرا أن ما تحقق إلى غاية اليوم يعكس إرادة سياسية واضحة لإعادة الاعتبار للطبقة المتوسطة، وحماية الفئات ذات الدخل المحدود من تداعيات ارتفاع الأسعار وتآكل القدرة الشرائية.
وفي تحليله للأبعاد الاقتصادية لهذه المقاربة، أشار كواشي إلى أن قانون المالية لعام 2026 تضمن أكبر ميزانية في تاريخ الجزائر، قدرت بنحو 135 مليار دولار، خصص ثلثها تقريبا، أي ما يعادل 46 مليار دولار (نحو 6 آلاف مليار دينار جزائري)، للدعم والتحويلات الاجتماعية، ما يعكس بوضوح فلسفة الدولة الجزائرية القائمة على الدعم الاجتماعي وحماية الجبهة الاجتماعية مثلما قال.
وأضاف أن المتقاعدين، وهم آباؤنا وأمهاتنا، يمثلون فئة قدمت الكثير في مسار بناء الدولة الوطنية، وأن من حقهم اليوم الاستفادة من إجراءات تضمن لهم العيش الكريم، مشددا على أن هذه الزيادات، جاءت في الوقت المناسب لتخفيف الأعباء وتغطية جزء من الاحتياجات الأساسية لهذه الشريحة.




