ميلودي لــــ «الشّعـب»: القطــاع الفلاحي يحظـى باستراتيجيـات متكاملـة
على مدار السنوات الماضية، شهد القطاع الزراعي في الجزائر، تطورًا لافتًا، نظير التزام الدولة الراسخ بدعم الفلاحين ورفع عراقيل الإنتاج عنهم، وبروز دورها المحوري في تعزيز التموين بالطاقة الكهربائية، خاصة لفائدة المستثمرات الكبرى المختصة في المحاصيل الإستراتيجية.
سعت السلطات الجزائرية إلى تطوير وتنمية الاستثمارات الفلاحية واستصلاح الأراضي في الجنوب الكبير، الغني بالموارد المائية الهائلة، والمناخ الطبيعي الملائم للزراعات الموسمية السنوية، حيث تمّ إطلاق عدد من الاستثمارات الضّخمة من شركاء أجانب قطريّين وإيطاليّين وسعوديّين في ولايات أدرار وتيميمون والمنيعة، لإنتاج القمح بنوعيه الصلب واللين، والذرة الصّفراء، والنباتات الزيتية والسكرية الموجّهة للصناعات التحويلية الداخلية.
وأسفرت الإصلاحات الفلاحية العميقة التي تبنّاها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ سنة 2020، عن تنامي الإنتاج الوطني الزراعي في شتى الشُّعب والمحاصيل، خاصة الخضروات والفواكه واسعة الاستهلاك، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الشامل فيها، ووقف استيرادها نهائيًا من الخارج، لكن برزت في ظلّ هذا الوضع بعض المعضلات المتعلّقة بالوفرة الزائدة عن حاجات السوق والكساد المفلس للفلاحين المنتجين.
وقد وجّه رئيس الجمهورية صائفة هذا العام، بتسهيل منح قروض بنكية ميسّرة للفلاحين والمستثمرين لإنجاز ثلاجات وغرف تبريد كبيرة في مناطق نشاطهم الزراعي، بغية تخزين منتجاتهم في حالات الوفرة، وتحقيق فوائض موسمية في الخضر والفواكه، والحفاظ على استقرار أسعار المحاصيل في السوق في مستويات معتدلة تخدم القدرة الشرائية للمستهلك وتحمي الفلاح المنتج من الخسائر في نفس الوقت.
كما أمر الرّئيس تبون في اجتماع مجلس الوزراء، أمس الأول، وزيري الفلاحة والداخلية، بالتنسيق وفق مختلف الآليات والإجراءات اللازمة، واللّجوء إلى تخزين بعض المحاصيل الزراعية، بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار، والحرص ألاّ يتكبّد الفلاحون خسائر جرّاء كساد بعض المنتجات.
وفي هذا الخصوص، أشاد رئيس المنظمة الجزائرية للفلاحين المنتجين والمحوّلين لولاية بسكرة، ميلودي سليمان، بقرارات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، القاضية بحماية الفلاحين من الكساد، خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء.
وأكّد ميلودي سليمان، في تصريح خصّ به «الشعب»، أنّ رئيس الجمهورية يُولي اهتمامًا خاصًا بقطاع الفلاحة، ويعمل بجدّ على زيادة الإنتاج الزراعي الوطني، ورفع مردودية الهكتار الواحد عبر عصرنة تقنياته، وتحديث آلياته ومعداته، مع احتواء مشاكل الفلاحين الناجمة من الوفرة، من خلال مضاعفة طاقة التخزين العمومية والخاصة، لاسيما في ولاية بسكرة والجنوب الكبير عمومًا.
وتكمن أهمية هذه الإجراءات – وفقًا لميلودي – في توفير ظروف تخزين أمثل، ودعم لوجستي يرفع من أرباح الفلاحين ويزيد من رغبتهم في توسيع المساحات المزروعة، ومكافحة الاحتكار والمضاربة وضمان وصول المواد للمستهلكين بأسعار معقولة في الوقت المناسب، سواء من الحقول أو غرف التخزين المُبرِّدة، وكذا تحديث القطاع الفلاحي بتشجيع الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيات العصرية ورفع حجم الكتلة التخزينية للمنتجات.
وبالحديث عن ولاية بسكرة الرائدة وطنيًا في إنتاج المحاصيل الزراعية، أبرز محدثنا، أنّ هذه المنطقة تشهد توسّعًا ملحوظًا في البنية التحتية لتخزين المنتجات الفلاحية خاصة الحبوب، عبر بناء مخازن جوارية وزيادة القدرة التخزينية لعام 2025، وهناك اهتمام بتطوير شعب التمور والمواد الاستراتيجية كالذرة الصّفراء ودوار الشمس، مع دعم للفلاحين وتوجيههم للمواد الصّناعية التحويلية.
كما تتّجه عروس الزيبان لتوسيع المساحات المسقية، والتوجّه نحو الزراعات البيولوجية، ممّا سيرفع من حجم الإنتاج المحلّي في ظلّ وجود رغبة لزيادة مرافق التخزين، وتثمين أكبر للمحاصيل الموطنية، بحسب قوله.
وأشار سليمان إلى استلام 8 مخازن جوارية جديدة للحبوب ببسكرة، بطاقة 400 ألف قنطار إضافية في 2025، مع إطلاق أشغال منشآت تخزين أخرى بالتوازي مع زيادة المساحات المزروعة (35 ألف هكتار)، ودعم شعبة التمور في ضوء توقّع إنتاج كبير من المحصول يتجاوز 4 ملايين قنطار هذا الموسم، وكل هذا مدعاة لمواصلة تهيئة وتحسين قدرات التخزين المحلية.
للإشارة، يُشكِّل قطاع الفلاحة في الجزائر إحدى الدعائم الرّئيسية للاقتصاد الوطني، فهو يُسهم بنسبة بين 18 إلى 20 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويدر مداخيل هامة من العملة الصعبة على الخزينة العمومية خارج المحروقات، ويُوفِّر فرص شغل لملايين المواطنين من مختلف الشرائح تناهز 30 بالمائة من إجمالي القوى العاملة.





