طالبت هيئات حقوقية وسياسية مغربية بفتح تحقيق مستقل وشفاف في الحصيلة الثقيلة لفيضانات مدينة أسفي التي أودت بحياة 37 مواطنا على الأقل، أياما قليلة بعد وفاة 22 مواطنا وإصابة العشرات في انهيار بنايتين بمدينة فاس.
طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بيان لها، بفتح تحقيق “نزيه وشفاف” في أسباب هذه الفيضانات والانهيارات التي عرفتها منطقة الجرف، وتركت عشرات الأسر دون مأوى، معتبرة أن ما وقع “لا يمكن اختزاله في مجرد عوامل طبيعية أو تساقطات مطرية عادية”.
وأفادت الجمعية، استنادا إلى معطيات ميدانية، بأن “حجم الخسائر المسجّلة يعكس خطورة ما حدث ويطرح أسئلة ثقيلة حول أسباب الكارثة وحدود المسؤوليات”، مشيرة إلى أنّ الفيضانات “لم تكن نتيجة ظرف طبيعي طارئ، بل تعود أساسا إلى تغيير مجرى واد البطحاء عن مساره الطبيعي في اتجاه منطقة الخطارات، إضافة إلى انهيار الجدار الواقي الذي كان يشكل، لسنوات، حاجزا أساسيا أمام تدفق المياه”.
كما دعت إلى محاسبة كل المتورطين في تغيير مجرى الوادي أو في التقصير الذي أدّى إلى تفاقم الأضرار.
يوم أســـود
من جهته، طالب الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، في بيان له، بفتح “التحقيقات وإجراء التحريات اللازمة للوقوف على أسباب الارتفاع المهول في ضحايا الفاجعة والإسراع بتوظيف وتوفير الإمكانات المتاحة لإنقاذ المشردين”.
بدوره، أكّد حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي أنّ ما حدث هو “تكرار لوضع كارثي تعيشه جل أحياء المدينة منذ سنين خلت ونتيجة تقصير واضح وغياب لتدابير وقائية فعالة كان لزاما القيام بها بشكل استباقي”، محمّلا المسؤولية للقائمين على تدبير الشأن المحلي، واعتبر أنّ ما وقع “كشف القناع عن حقيقة خطاب التنمية الذي تتشدق به السلطات العمومية”، مطالبا بفتح “تحقيق فوري وشفاف لمعرفة الأسباب الحقيقية والمباشرة لما وقع وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان محاسبة كل من استهتر بأرواح وممتلكات المواطنين”.
من جانبها، شدّدت جماعة العدل والإحسان على أن تكرار مثل هذه الكوارث مع كل تساقطات مطرية “يكشف بوضوح فشل السياسات العمومية”، مطالبة بفتح “تحقيق شفاف ومستقل لتحديد المسؤوليات وترتيب العقوبات”.
هذا، ونقلت وكالات أنباء دولية شهادات لسكان وصفوا ما جرى بـ«اليوم الأسود”.
السكـان يحصـون خسائرهـم
في السياق، قال الحقوقي والمدون ابن مدينة آسفي ياسين الثوار: “إن المواطنين يحصون خسائرهم ويبحثون عن ذويهم بين الأنقاض، في غياب أية حصيلة رسمية محينة تخبر بالعدد الحقيقي للضحايا والمفقودين”.
وعبّر بنشقرون، المعتقل السياسي السابق، عن امتنانه لأبناء المدينة الذين لم يناموا وشكلوا فرقا للإنقاذ وللدعم في غياب تام للمنتخبين، وتساءل عن عدم إيفاد مروحيات لتسهيل عمليات الإنقاذ واستخراج جثث الضحايا.
وتابع ذات المتحدث، بأن المدينة تعيش كسادا غير مسبوق بسبب الخسائر الفادحة على مستوى الأرواح والخسائر المادية خاصة بالمدينة القديمة حيث يمارس التجار والحرفيون تجارتهم وحرفهم، والذين يطالبون بإيفاد لجنة لتقييم حصيلة هذه الخسائر.
كما دعا بنشقرون لإعلان آسفي مدينة منكوبة نظرا لحجم الخسائر التي لحقت بها، وإعلان يوم حداد وطني ترحما على أرواح الضحايا على غرار باقي الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها.
وشدد المدون في الأخير على أن ما وقع بآسفي هو تحصيل حاصل للسياسة اللاشعبية التي تسيِّر بها الدولة الشأن العام، مؤكدا أنه سبق للجنة دعم الحراك الاجتماعي بالمدينة والتي تتكون من هيئات حقوقية ومدنية، أن طالبت ببنية تحتية قادرة على مواجهة الكوارث الطبيعية، إلا أن السلطات المسؤولة لم تستجب لمطالب السكان، الأمر الذي نشاهد نتائجه الكارثية اليوم.



