تعزيـز ثقـة المواطـــن في القانون وجعلـه شريكـــا في تحقيــق أهدافــه
بعد عرض مشروع قانون المرور الجديد أمام لجنة النقل والمواصلات بالمجلس الشعبي الوطني، بدأ النقاش يشتعل حول مضامينه وأهدافه، وسط متابعة واسعة من وسائل الإعلام والرأي العام، وتفاعل المواطنين عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
صاحب عرض مشروع قانون المرور الجديد، بالمجلس الشعبي الوطني، ردود فعل من قبل النواب والمواطنين ووسائل الإعلام على حد سواء، وتباينت الآراء بشأن رفع الغرامات المالية ومراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية لمستعملي الطريق، فيما شدد آخرون على ضرورة تشديد العقوبات لمواجهة الاستهتار بقواعد المرور الذي يهدد حياة السائقين والمشاة على حد سواء.
كما طرحت وسائل الإعلام تساؤلات حول فعالية القانون في تحقيق تغيير حقيقي في السلوكيات المرورية، ومدى مرافقته بحملات توعوية وتحسيسية مستمرة قبل البدء في تطبيق العقوبات الصارمة.
ويرى مختصون في السلامة المرورية أن نجاح قانون المرور الجديد يبقى مرهونا بكيفية تطبيقه ميدانيا، وبمدى اقترانه بحملات توعوية وتحسيسية مستمرة، وتكوين أعوان الرقابة، وضمان العدالة والشفافية في تحرير المخالفات، بما يعزز ثقة المواطن في القانون ويجعله شريكا في تحقيق أهدافه، لا مجرد متلقٍ للعقوبة أو ضحية لإجراءات ردعية معزولة عن الواقع.
وفي هذا الإطار، أكد الباحث الدولي في السلامة المرورية ورئيس خلية الإعلام والاتصال بالأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق، حسان خربة، أن قانون المرور الجديد يندرج في إطار مقاربة وطنية شاملة تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية الأرواح والحد من النزيف المتواصل على الطرقات، والذي خلف خلال السنوات الأخيرة خسائر بشرية ومادية جسيمة، موضحًا أن تشديد العقوبات لا ينبغي أن يفهم على أنه إجراء عقابي صرف، بقدر ما هو آلية ردع ضرورية لتصحيح السلوكيات الخطيرة التي تهدد سلامة مستعملي الطريق.
وشدد خربة على أن «نجاح هذا القانون يبقى مرهونًا بمرافقته بحملات تحسيس وتوعية واسعة النطاق قبل المرور إلى مرحلة التطبيق الصارم للعقوبات، معتبرا أن التوعية المسبقة تمثل حجر الأساس في أي إصلاح مروري ناجح، لأنها تضع السائق في صورة المخاطر الحقيقية للمخالفات، وتجعله شريكا في الحفاظ على سلامته وسلامة الآخرين، لا مجرد متلقٍ للغرامة.
وفي السياق ذاته، دعا المتحدث إلى تعزيز دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام الوطنية، إلى جانب الأجهزة الأمنية، في تنظيم خرجات ميدانية وحملات إعلامية منتظمة، تشرح مضامين قانون المرور الجديد وتبسّط أحكامه لمختلف فئات السائقين، مشيرًا إلى أن المقاربة التشاركية هي الضامن الحقيقي لترسيخ ثقافة مرورية قائمة على احترام القانون والانضباط الطوعي.
وأضاف المتحدث أن «الهدف الأسمى من هذا المشروع ليس تحصيل الغرامات، وإنما حماية المواطن، والحد من الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن حوادث المرور، مؤكدا أن الطريق الآمن مسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة والمواطن.
وأكد أن إنجاح قانون المرور الجديد يستوجب تضافر جهود الجميع، من مؤسسات الدولة إلى المجتمع المدني ووسائل الإعلام، من أجل تكريس الوقاية والتحسيس كخيار أول يسبق الردع ويكمّله.



