تعد دائرة أنقوسة من أبرز الأقاليم الفلاحية بولاية ورقلة، حيث تحتل الفلاحة مكانة مركزية في النشاط الاقتصادي، إلى جانب تربية المواشي والصناعات التقليدية والحرف، ولا يقتصر أثر هذا النشاط الاقتصادي على الإنتاج فقط، بل يمتد إلى تحسين مستوى معيشة السكان، تنويع مصادر الدخل، والحد من الهجرة نحو المدن، خاصة في ظل توفر نشاطات موازية كالتجارة المحلية، المخابز، ومحلات بيع المواد الغذائية، وهي كلها خدمات صغيرة أسهمت في خلق حركية اقتصادية ملموسة داخل القرى.
أكّد الناشط الجمعوي مبروك بن حنيش خلال حديثه لـ “الشعب”، أن دائرة أنقوسة بولاية ورقلة تمثّل نموذجا واعدا للتنمية الريفية القائمة على تنويع الأنشطة الاقتصادية، حيث تتكامل الفلاحة، تربية الحيوانات، الصناعات التقليدية، والخدمات المحلية في خلق نسيج اقتصادي متماسك، ويعد دعم هذه القطاعات وتوفير البنية التحتية اللازمة عاملا حاسما لتعزيز استقرار السكان، تحسين ظروفهم المعيشية، وترسيخ دور القرى كفضاءات منتجة ومساهمة في الأمن الغذائي.
وأوضح أنّ منطقة البور ببلدية أنقوسة، التي يقطنها نحو 12 ألف نسمة، تعد نموذجا حيا لهذا التكامل، إذ يعتمد سكانها بشكل كبير على الزراعة، خاصة زراعة النخيل وإنتاج التمور، إضافة إلى الخضروات الموسمية، كما تلعب الأسواق الأسبوعية، وعلى رأسها سوق الاثنين، دورا محوريا في تنشيط الحركة التجارية بها، حيث يشكّل فضاء لتسويق المنتوجات الفلاحية المحلية واستقطاب المنتجين والتجار من داخل الدائرة وخارجها، ويحظى أيضا سوق التمور بإقبال معتبر، ما يعكس أهمية هذا المنتوج في الاقتصاد المحلي ودوره في تغطية الطلب على مستوى الولاية.
وإلى جانب الفلاحة، تشكّل الصّناعات التقليدية والحرف نشاطا اقتصاديا مهما في قرى أنقوسة، حيث تنتشر صناعة السعف، الزرابي، النسيج، وغيرها من الحرف التي تمثّل مصدرا أساسيا للدخل للعديد من العائلات، كما تلعب النساء دورا بارزا من خلال الأنشطة المنزلية، مثل إعداد الحلويات التقليدية، الكسكس، والأكلات المحلية، التي تحظى بطلب متزايد في الأسواق.
وتسهم هذه الأنشطة في تشجيع روح المبادرة والابتكار، خاصة لدى النساء والشباب، كما تعزّز الاندماج الاجتماعي من خلال العمل التعاوني والمشاريع المشتركة.
وتعد تربية الحيوانات، لا سيما الماعز، الدواجن والأرانب نشاطا مكملا للفلاحة في المنطقة، حيث تعتمد عليها العديد من الأسر كمورد غذائي ودخل إضافي، كما تحتفظ الزراعة المعاشية بمكانتها، من خلال إنتاج محاصيل بسيطة مثل النعناع، البصل، والليمون، التي تلبي احتياجات الأسر اليومية وتطرح في الأسواق المحلية.
قرية أفران..واجهة فلاحية بامتياز
وتمثّل قرية أفران بدائرة أنقوسة إحدى القرى الفلاحية البارزة، حيث تضم مناطق فلاحية معروفة مثل حاسي الخفيف والخزانة، اللتين تشتهران بزراعة الحمضيات والأشجار المثمرة، ويسهم هذا النشاط بشكل مباشر في امتصاص اليد العاملة المحلية، والتخفيف من حدة البطالة خاصة في أوساط الشباب.
كما ترتبط الفلاحة في هذه القرية بأنشطة تحويلية تقليدية، مثل فرز التمور، توظيبها بالطريقة التقليدية، واستخراج مشتقاتها كرب التمر، ما يعزز القيمة المضافة للمنتوج المحلي.
ورغم كل المؤشّرات الإيجابية المسجلة، ما تزال هناك بعض النقائص التي تعيق التطور الأمثل لهذه المناطق، لاسيما ما تعلق بتعبيد الطرقات ومستوى الربط بالشبكات المختلفة وتحسين خدمات النقل، ناهيك عن تهيئة المسالك الفلاحية، ربط المستثمرات بالكهرباء، غير أنّ سكان المنطقة يعبرون عن أملهم في توسيع المحيطات الفلاحية لفائدة الشباب، وتمكينهم من مساحات إنتاج تتيح لهم الاندماج في النشاط الاقتصادي والحد من البطالة، كما أكد الناشط الجمعوي مبروك بن حنيش، مشيرا إلى أنّ الفاعلين المحليين يطالبون بإنشاء مصانع تحويلية وأسواق مخصصة للصناعات التقليدية، من شأنها تحسين تسويق المنتوجات ورفع مداخيل الحرفيين والفلاحين.




