الانتقـال مـن منطــق الإعانـات الظّرفيـة إلى الاستثمار الاجتماعــي
تدعم السّلطات الجزائرية الأسر المنتجة وأصحاب الحرف ذوي الدخل الضعيف، من خلال إطلاق مشاريع صغيرة محلية عبر وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، ومختلف الصناديق العمومية الخاصة بالتمويل والمرافقة.
تسعى السلطات العمومية عبر وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، إلى تكثيف جهود دعم العائلات محدودة القدرة المالية، وتحويلها إلى أسر فاعلة في التنمية المحلية، ومنتجة اقتصاديًا، من خلال منح قروض صغيرة “وكالة تسيير القرض المصغر -أونجام”، وتشجيع الانخراط في الصناعات التقليدية والغذائية والحرفية اليدوية، وتوفير منصات ومعارض دائمة لتسويق المنتجات بالتنسيق مع الفاعلين المعنيين مثل وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية.
وتُشكِّل المشاريع الأسرية متناهية الصِّغر في شتى التخصصات الحرفية اليدوية، نواة حقيقية لتنويع مصادر الإنتاج الداخلي، وترويج سلع استهلاكية صحية غير مصنعة، ذات قيمة تنافسية وإقبال من طرف المجتمع، وكل هذا بهدف تحقيق دخل إضافي للعائلات وتحسين مستوى معيشتها، مع محاولة دفعها نحو دخول مجال ريادة الأعمال والاستثمار في حال نجاح وتوسّع المشاريع الذاتية.
وقد أطلقت وزارة التضامن الوطني بتوجيهٍ من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، برنامجًا خاصًا بالأسرة المنتجة، حيث تراهن الدولة على هذه الآلية الاجتماعية – الاقتصادية لتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة الجزائرية خاصة الريفية، عبر توفير فرص الدعم والتمويل للمستفيدات من تجهيزات كاملة دون فوائد، على غرار معدات النسيج والصناعات الغذائية المنزلية، وأجهزة الخياطة والطرز التقليدية، وتربية النحل، وإنتاج الألبان والأجبان والزيوت والزبادي، المُملّحات والمُخبَّزات وغيرها كثير من صنوف الحرف اليدوية الرائجة في وسط المجتمع.
وتُمنح هذه المشاريع الصّغيرة حسب خصوصية كل منطقة في الإنتاج اليدوي التقليدي عبر تراب الوطن الكبير، قصد تمكين ربات الأسر من الانطلاق الفعلي في إنشاء مشاريع منتجة مدرّة للموارد المالية العائلية، تسهم في إبعادها عن شبح البطالة والاحتياج، وهو ما يندرج في إطار مخطط الجمهورية لخفض معدلات الفقر والقضاء على الآفات الإجتماعية الناتجة عنه.
وفي هذا السياق، قامت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، الدكتورة صورية مولوجي، في الآونة الأخيرة، بزيارات عمل ميدانية لعدة ولايات، أشرفت خلالها على منح عشرات شهادات الاستفادة من برنامج الأسرة المنتجة، الذي يرمي إلى دعم العائلات ذات الدخل المحدود بتجهيزات ومعدات بهدف تنمية مواردها الاقتصادية، ومرافقتها في خلق نشاطات منتجة محليًا.
وأبرزت مولوجي في زيارتها لولاية بجاية، أن هذا البرنامج يرتكز على مقاربة تهدف إلى الانتقال من منطق الإعانات الظرفية إلى منطق الاستثمار الاجتماعي المنتج، من خلال توفير بيئة محفّزة لخلق موارد دخل عائلية مستدامة.
كما أوضحت السيدة الوزيرة، أنّ الوزارة سبق وأن أعلنت عن فتح باب التسجيل أمام النساء الراغبات في الاستفادة من البرنامج، سواءً عبر مصالح مديريات النشاط الاجتماعي والتضامن أو المنصة الرقمية المخصّصة لهذا الغرض، ولفتت إلى أن تجاوب النساء مع البرنامج يعكس ملاءمته ونجاعته، إذ سجل القطاع ما يفوق 3 آلاف طلب على المستوى الوطني منذ فتح مجال التسجيل في سبتمبر الماضي.
ومن هذا المنطلق، يأتي حرص الجزائر على دعم الأسر المنتجة بالشكل اللائق والمستمر، في ظلّ بروز رغبة رسمية جادة في تقوية قاعدة الإنتاج المحلي وتنويعها، والإستغناء عن استيراد المنتجات الكمالية من الخارج، لاسيما المواد التي تستطيع العائلات والحرفيين إنتاجها بجودة وكثافة عاليين مثل منتجات النسيج والألبسة.
ولحماية وضمان استمرارية تطور المنتجات الأسرية، وتحسين فرص مبيعاتها خاصة في المناسبات الدينية والإجتماعية، مثل شهر رمضان الفضيل وعيد الفطر، تقدّم السلطات العمومية مخططا خاصا بترويج المستهلكات اليدوية والحرفية المنزلية، يشمل تنظيم معارض ظرفية، وإتاحة فضاءات بالأسواق والمحلات الكبرى لبيع هذا النوع من المنتجات، بغية توفير سلع بأسعار تنافسية للمواطنين من جهة، وتمكين ربات البيوت من تصنيع منتجاتهن بالشكل والجودة المطلوبين ونيل مداخيل وأرباح من بيعها، من جهة أخرى.




