التضامن الدولـي مــع إفريقيـا لمواجهـة الظاهــرة.. ضـرورة حيويــة
دعت الجزائر على لسان ممثلها الدائم في الأمم المتحدة، عمار بن جامع، إلى ضرورة إصلاح منظومة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وركّز بن جامع على نصيب إفريقيا الذي لا يكاد يفي بالالتزامات تجاه القارّة، التي تعتبر ضحية لظاهرة الإرهاب بصفته الخطر الرئيسي على السلام والأمن في إفريقيا. وشدّد بن جامع على ضرورة التضامن مع هذه القارة التي أنهكتها الظاهرة.
أوضح ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، أنّ استفحال النشاط الإرهابي في إفريقيا، ليس مجرّد أزمة أمنية، بل هي أزمة تضامن دولي، ودعا إلى إعطاء الأولوية للدول الأكثر تضرّرا، لا سيما في منطقة الساحل، وإعادة التوازن في توزيع الموارد، حيث أشار إلى أنّ إفريقيا تتركّز بها 59 بالمائة من وفيات الإرهاب عالميا، ومع ذلك لا تزال القارة تعاني من نقص في زيارات التقييم التي تقوم بها لجنة مكافحة الإرهاب ولا تتلقّى سوى جزءً ضئيلا من الموارد الدولية المخصّصة لمكافحة الإرهاب.
أكبر ضحايا الإرهاب
في وقت تشهد فيه ظاهرة الإرهاب تراجعا على المستوى العالمي، فإنها ما تفتأُ تستفحل في قارّة إفريقيا، التي شهدت على مدار العقد الماضي زيادة صادمة بنسبة 400 بالمائة في الهجمات الإرهابية وزيادة بنسبة 237 بالمائة في الوفيات المرتبطة بالإرهاب، وانتقلت بؤرة الإرهاب العالمي إلى منطقة الساحل الصّحراوي، التي أصبحت تتركّز فيها أكثر من 48 بالمائة من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم، مقارنة بـ1 بالمائة فقط في عام 2007.
وتشهد إفريقيا تصاعدا رهيبا في نشاط الجماعات الإرهابية، حيث ارتفعت الهجمات الإرهابية بنسبة 22 بالمائة، والوفيات بنسبة 48 بالمائة في عام 2022. منطقة الساحل الإفريقي هي الأكثر تضرّرًا، حيث سجّلت 40 بالمائة من الأنشطة الإرهابية في القارّة، تليها الصومال وحوض بحيرة تشاد. ورغم تراجع عدد الهجمات في 2024، بنسبة 3 بالمائة، والوفيات بنسبة 13 بالمائة، إلا أنّ رقعة الجغرافيا الإرهابية أصبحت أكثر انتشارا، حيث ارتفع عدد الدول المتأثرة بالإرهاب من 58 إلى 66 دولة، بينها ستّ دول ضمن الدول الأكثر تضرّرا بالإرهاب عالميا، ويتعلّق الأمر بكل من بوركينا فاسو، ومالي ونيجيريا والصومال والكاميرون.
الفقر والنزاعات غذاء التطرّف
أكّدت الجزائر، في كل مناسبة تتناول ظاهرة الإرهاب، أنّ الفقر وغياب التنمية والتطرّف الديني هي عوامل رئيسية تدفع لانتشار الإرهاب، حيث تستغل الجماعات المتطرّفة عوز السكان، وفقر وبطالة الشباب لتجنّدهم في صفوفها. يضاف إلى ذلك الصراعات السياسية والاجتماعية، التي عادة ما تستغلّها أطراف خارجية لبسط نفوذها، حيث تتلقى بعض الجماعات الإرهابية تمويلا من جهات خارجية، ممّا يساعدها على تنفيذ عملياتها. كما تستغل تلك الجماعات ومن يوظفها الفهم الخاطئ للإسلام، بما يساهم في انتشار الإرهاب.
من جهة أخرى، يساهم ضعف الأمن، خاصة في منطقة الساحل، في جعلها عرضة للهجمات الإرهابية، حيث اعتمدت الكثير منها على اتفاقيات دفاع مشترك مع مستعمر الأمس، والذي يملك كل المعلومات الدقيقة عن تلك الدول، وبالتالي استعمالها متى ما شاء لتحقيق مصالحه.
جهود حثيثة
تقود الجزائر جهودا مكثفة لتحرير إفريقيا، ومنطقة الساحل خصوصا، من قبضة الجماعات الإرهابية، سواء من خلال التعاون بين الدول الإفريقية والمنظمات الدولية، على غرار تفعيل الهيكل الإفريقي للسلام والأمن في إفريقيا (APSA)، وهو آلية قارية لمنع وإدارة وتسوية النزاعات، تتكوّن من مجلس السلم والأمن، القوة الإفريقية الجاهزة، لجنة الأركان العسكرية، لجنة الحكماء، نظام الإنذار المبكّر، وصندوق السلام للاتحاد الإفريقي.
وقد كلف الاتحاد الإفريقي الجزائر بمهمة منسّق الوقاية من الإرهاب ومكافحته في إفريقيا، وفي هذا الصدد، قدّمت الجزائر مذكّرة تتضمّن إجراءات لحماية إفريقيا وشعوبها من تهديد الإرهاب. وتركّز المذكّرة على الوقاية والتوعية والتعبئة، وتعزيز القدرات الوطنية والإقليمية على المكافحة، وكذلك تعزيز التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي ككل.
وتستضيف الجزائر آلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (أفريبول)، وتضطلع بدور رائد في قضايا مكافحة الإرهاب في الاتحاد الإفريقي، وكذا مركز الدراسات والبحوث حول الإرهاب التابع للاتحاد. كما واصلت الجزائر استضافة وحدة الاندماج والاتصال لدول الساحل وشاركت في البرامج المتعلقة بمكافحة الإرهاب، التي نظّمتها منظمة التعاون الإسلامي ومع حلف الشمال الأطلسي كعضو في حوار البحر الأبيض المتوسط.
وتشدّد الجزائر على الجانب التنموي كسبيل أمثل لتجفيف منابع الإرهاب، وحرمانه من المورد البشري، عن طريق توفير فرص العمل وبعث الاستثمارات وتمكين إفريقيا من استغلال ثرواتها بنفسها.
نشاط مشهود
على الصعيد الدولي عملت الجزائر على مستوى مجلس الأمن، على مكافحة تمويل الجماعات الإرهابية، من خلال اعتماد المبادئ التوجيهية للجزائر. كما تشارك في مختلف المنظمات الدولية والمتعدّدة الأطراف والإقليمية. فهي تتعاون بنشاط مع هيئات تابعة للأمم المتحدة، مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى منظمات أخرى مثل الإنتربول.
وأبدت الجزائر اهتماما بنظام معلومات الركاب المسبقة أو سجل أسماء الركاب، وعقدت عدة اجتماعات تحضيرية بشأن تنفيذه. وأدّت الجزائر دورا أساسيا ورائدا في مبادرة برعاية مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لمعالجة العلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل. كما تنشط في إطار القوة العالمية لمكافحة الإرهاب.




